نبش عش الثلاثي الأسود ليس بمستحيل / د. علي الخالدي 

 تحملت جماهير شعبنا مآسي ومردود الثلاثي الاسود (المحاصصة… المحسوبية .. والفساد )الذي تغطت به الأحزاب والقوى الطائفية طيلة 15 عاما لتجهض العملية السياسية وتنهب خيرات البلاد وتراكم ثرواتها بالسحت الحرام ، تُريد حاليا مواصلته في المراكز الإدارية والأمنية عبر دخولها التشكيلة الوزارية الجديدة ، بعد أن نكثت بما تعهدت وتفوهت به أمام الشعب بصيانة حرية المكلف بإختيار الكابينة الوزارية ، بممارستها في الغرف المغلقة ، الضغط بعناد طفولي وزعل مصحوب بتراشق كلامي وتهديد ، إذا لم يُلبى إستحقاقها الإنتخابي ، مما أدى إلى أن تٌوَلد الكابينة الوزارية مبتورة ، لكونه لا يروق لها أن يُحَقق للجماهير الشعبية الفقيرة أحلامها عبر حكومة أبوية قوية تبنت برنامج طموح جاء مجسدا    لأغلب مطاليبها ومتماهيا مع مستوى ما تُتيحه تحديات الظروف الملموسة التي يمر بها الشعب والوطن . فبمجرد ذكر بعض اﻷسماء في قائمة الكابينة الوزارية حتى لاح في الأفق بأن هناك مساعي رامية لفرض توازن بين قوى الأجندتين الأمريكية والإيرانية الراعيتان للثالوث الاسود  ودوام مسيرته التي عرقلت تخليص الوطن كليا منه ، وليحصل  الفسادون على فرصة أربع سنوات أخرى لا تُفتح فيها ملفات فسادهم وتزويرهم ومحاصصتهم ومحسوبيتهم ، التي غصت بها رفوف هيأة النزاهة ، أملا في أن الجماهير المهمشة ستتناسى المطالبة بنبشها ، سيما وأن حماة الدستور تفوهوا بمكافحتهم لها فحسب ، دون الإشارة لفتح ملفاتها السابقة ، بحجة أن فتحها سيعرقل مساعي الحكومة الجديدة في تحقيق برنامجها، تيمنا بمقولة عفى الله عما سلف ، على الرغم من أن الجماهير لا زالت متمسكة بمطلبها الداعي لفتح ملفاتها ومحاسبة المسؤولين عنها ، وعدم الخضوع لضغوطات مريدي الثالوث الاسود تحت يافطة الإستحقاق الإنتخابي .وبذلك تتخلص الجماهير الشعبية كليا من تأثيرها المعرقل بناء دولة مدنية ديمقراطية تضمن الحياة الحرة الكريمة للناس جميعا       

 

تشكلت الحكومة مبتورة من أهم مكوناتها (لحين الإتفاق بين التحالفات على الوزات الأمنية وإرضاء بعض مطاليب المكونات الأخرى)  في أجواء أجراءات تعسفية تتحرش بالديمقراطية الهشة اصلا ، من قبل بعض المتنفذين في المحافظات لفرض ثقافتهم الغريبة عن ثقافة ومفاهيم الشعب العراقي ، وكأن ضوءا اخضرا برز أمامهم بعد زج أسماء بعيدة عن الحقل الذي سيُشغلوه ، كي يتواصل تهميش كوادر الوطن العلمية و مثقفيه ، حاملي تراثه الأدبي والثقافي ، ليتم القضاء تماما على ما كنا نصدره للشعوب من مبادرات وأحلام . فقد كانت محافظة واحدة تصدر من  المجلات والكتب ما لا تصدره حكومات الأحزاب المتبنية للثالوث الأسود لا نوعا ولا عددا 

لقد برز في صفوف شعبنا من الفنانين والممثلين والعلماء والمفكرين والشعراء والكتاب ما يملأنا زهوا وغرورا في المنطقة ، وكانت الناس تتهافت على شراء الصحف ، وأضحت صحفنا اليوم تواصلا مع فترة الحكم الدكتاتوري لا ثُشترى  لكون ما تكتبه لا يستحق الحفظ ، فتدنت الثقافة ، وإتسعت الأمية بين صفوف الناس ، بتسرب التلاميذ من المدارس لمتطلبات الحصول على رغيف الخيز ، فمنذ تعريضنا للإصابة بمرض فقر النهم الثقافي الذي أرتبط عضويا  بإفقار الشعب إقتصاديا إختفى التوازن المجتمعي والصراع الطبقي بطرق مختلفة ، فنست الناس شهية المبادرة والتخطيط ، خاصة بعد أن تحولت كوادرنا العلمية والثقافية التي أنهكت عمرها في نيل الشهادات لموظفين صغار في مؤسسة (إن حالف أحدها الحظ بفرصة عمل) يقودها من له منكبين واسعين وكثرة من المحسوبين

 كنا نتقول بما نكتب وحولنا نهج الثالوث الأسود إلى أن نعمل بما لا نفكر به ونكتبه ، وزاد الطين بله عدم تسهيل عودتنا للوطن ، لنبقى نخدم الغرباء ، وننسى ما تفعلآه أخوات كان وإن عند دخولهما على المبتداء والخبر ومتى تُكتب أخت الصاد والطاء . مع كل ذلك لا زال حلمنا يدق في وادي أهدافنا ومطاليبنا من حكومة العهد الجديد لتخلصنا كليا من مآسي وويلات الثالوث الاسود وليس البعض منه ( نصف المحاصصة مثلا ) وأن نتواصل مع تاريخنا وماضينا الثقافي والحضاري , وننبش أعشاش الثالوث الأسود في الدوائر الإدارية والامنية عبر حراكنا وتظاهرنا السلمي بزخم أعلى من السابق ، لتصان كرامة وقيم الروح الوطنية العراقية ومحاسبة من اساء اليهما من مَن لا زال مرابضا في عش الثالوث الأسود ( المحاصصة.. المحسوبية.. الفساد)