برلمان العراق ...  الله والوطن ..ثم الاحزاب والكتل/ عبد الخالق الفلاح 

    العراق اليوم يعيش في أعمق الانقسامات السياسية، و أخطر مراحله الوطنية، ويواجه أشد الصعاب وأسوأ التحديات في تاريخه بما يهدد وجوده ومستقبله وهوية المنتمين اليه ، ويتعرض لأزماتٍ كبيرة داخلية وخارجية، في المحيط والإقليم وعلى المستوى الدولي القريب والبعيد، ممن يتآمرون عليها ويحاولون الفتك به ويجعلونه فاقد الارادة ، على نائب ان يفكر بأن المصالح العامة سر مجيئه الى البرلمان بعد ان اقسم امام الشعب ويجب عليه ان يتعامل مع الموقع كموقع خدمة ومسؤولية ازاء العمل والجهد والقيمة الحقيقية مقابل ما يبذله من جهد و كلما كان عاملا كانت قيمته اكبر ولابد لاعضاء البرلمان من الابتعاد عن المكاسب والامتيازات الشخصية وعدم استغلال الظروف الراهنة للقضاء على احلام شعبهم  وخلق حلولٍ ترقيعية للازمات ، بما يتناسب مع مصالحه ويتفق مع أهدافه، ولا يتعارض مع أحلامه وطموحاته، وهذا هو غاية ما كان يحلم به ويتمناه، فالمرحلة المتعثر مناسبة لبقاء من يريد البقاء في السلطة  والظروف مواتية والخيارات محدودة، والمعارضة ضعيفة والقدرة على الرفض معدومة، وماذا بعد ان يرفضه الشارع في الانتخابات  ويترك النائب البرلمان ،الموالون الشكليون ينفضون، والحلفاء ينعدمون والأشقاء يتخلون ، والأعداء يزيدون والخصوم يتفقون.

 

    المجتمع الدولي كما نراه يزايد على دماء المظلومية بالمال وقضايا المظلومين  تبقى تراوح في مكانها.

 

     ويعود العنف ليعصف بالبلد من جديد بسبب المناكفات الغير مجدية ، الكل يدركون هذا الواقع ويصمون اذانهم ، ويعرفون هذه الحقائق، ويلمسون الظروف السيئة التي يمر بها وطنهم ، ويستشعرون بخطر المرحلة القادمة  ويتحدثون ولا يحتاجون لمن ينبههم أو يحذرهم عنها إلا ان الغلبة لمصالحهم ، النائب بمثابة الوكيل عن الأفراد الذين وضعوا ثقتهم به وقلدوه مسؤولية تحقيق مقاصدهم والسهر على مصالحهم وصيانة حقوقهم وحرياتهم، لا ساعياً إلى تحجيم تلك الحقوق ومصادرة تلك المصالح التي أؤتمن عليها فهو نائب بمعنى المسؤولية القانونية باسم الشعب وعليه ان يمعبر عن الهم المحلي والوطني اولا، بيد ان الأمر في العراق يبدو انه يأخذ دائما المعنى المغاير حيث يسعى الكثير من نواب الشعب إلى تحجيم دور الناخبين ومصادرة رأيهم عبر التلاعب في النظام الانتخابي كما شاهدنا بالامس  حيث كان يتم تفسر القوانين الانتخابية وفق راي النائب ومصلحته حتى صدور قرار المحكمة الاتحادية الاخيربعدم جواز تاجيل الانتخابات و بقدسية الزمن الانتخابي كما جاء في الدستور .

 

    هناك مسؤولية قانونية يجب العمل عليها  فالنائب منتخب من قبل أفراد الشعب وهو مسؤول أمام جمهور ناخبيه وأركان المسؤولية القانونية تتمثل في الخطأ الذي يرتكبه النائب بتقديم المصلحة الذاتية والشخصية والفئوية على المصلحة العامة ما يسبب بالضرر والأذى للمصلحة العامة وينتج عنه هدر المال العام، بل ويساعد على تشبث الفاسدين بامتيازاتهم ومراكزهم، والاسهام في ضعف مؤسسات الدولة العامة نتيجة عدم تحقق الأغلبية المستحقة لتشكيل الحكومة الوطنية فيصار إلى الحكومات الائتلافية بين طيف من الأحزاب المتناحرة في الإعلام المتوافقة على المغانم واقتسام الأموال العامة فيما بين قياداتها، وما تقدم متحقق حتى على مستوى المحافظات وليس على مستوى البلد فقط، والركن الثاني هو ركن الضرر وقد تقدم القول بفداحة الأضرار المترتبة على التصويت بنظام يصادر أصوات الناخبين، والركن الثالث هو العلاقة السببية بين الخطأ والضرر فلولا الانحراف في استعمال سلطة النائب النيابية لما وقعت الأضرار العامة والخاصة، وبهذا يكون على الشعب إشعار هؤلاء بذنوبهم عبر الوسائل السلمية للتعبير عن الرفض الشعبي للمارسات الغير سليمة والتي شاهدناها الايام السابقة  في محاولة اعاقة موعد الانتخابات  وتاجيلها والتي تغاير الدستور اصلاً. وربط الميزانية العامة بها و بالتنصل عن الالتزامات السياسية التي قطعوها على أنفسهم لمصلحة الوطن والشعب فهي تظهر بصورة أخطاء ترتكب أو تنصل وامتناع عن القيام بالواجب وتحمل المسؤولية والخروج عن الاغلبية البرلمانية بكسر النصاب هذه الظاهرة الغير حضارية ، وهو تماماً ما حصل تحت قبة مجلس النواب العراقي، والمسؤولية السياسية للنائب في البرلمان هو صوت الشعب وصداه في العمل السياسي فهو الرقيب على اداء الحكومة وهو المحافظ على موارد الشعب واوجه صرفها من خلال الموازنة العامة وهو الساعي لتحقيق وصيانة كرامة ورفاهية المواطن عبر التشريعات والقوانين التي تكفل له ذلك و المسؤولية الفردية عن تصرفاته وانحرافه عن وظيفته البرلمانية في تمثيل الشعب، وعقاب هذه المخالفة هو عدم انتخابه مستقبلاً وإمكانية تقديمه إلى المحاكم المختصة للنظر في الاتهامات الموجهة إليه اذا احترمت الارادة الشعبية ، لخيانة الامانة  ،على  النائب ان يفيق من غيبوبته وشلله وعجزه التام عن مواكبة الاحداث التي يمر بها البلد وان يراعوا الله والوطن والشعب اولا في ولاءاتهم وتطلعاتهم وتوجهاتهم ومن ثم كتلهم واحزابهم … وان يكونوا يد الشعب الضاربة لمفاصل الفساد المستشري في جسد الدولة وعين الشعب الساهرة للحفاظ على وحدته وسيادته واستقراره .

 

    – باحث واعلامي