انهاء "ناعم" لامتيازات الكنيسة في ألمانيا / رشيد غويلب

تتلقى الكنائس الكبيرة في المانيا من الدولة عادةً، حوالي نصف مليار يورو وبشكل تصاعدي. ويدخل هذا الدعم خزائن المؤسسات المسيحية منذ اكثر من 200 عام، تعويضا عن قرارات المصادرة لعقارات تلك المؤسسات في حينه. ومنذ زمن طويل يرى غير المسجلين في الكنيسة، وحتى الكثير من المسيحيين المتنورين، ان هذا الامر غير عادل.

وقد شهد البرلمان الألماني الجمعة الماضية حدثاً استثنائياً، عندما قدمت احزاب المعارضة الديمقراطية: حزب اليسار، والخضر، والحزب الليبرالي الحر، مشروع قانونا لإنهاء عمليات التمويل الاضافي المفتوح المذكورة. وخلال عرض مشروع القانون، أكد المتحدثون المعنيون بالشؤون الدينية في الاحزاب الثلاثة بالإجماع عن ان مشروع القانون تمت صياغته من خلال حوار مع ممثلين عن الكنيسة واحزاب الائتلاف الحاكم في البلاد.

وتضمن المشروع الاعتراف الصريح بالدور الاجتماعي المهم للكنائس. وبالتشاور مع قانونيين دستوريين، وممثلي الكنيسة القانونيين، نص المشروع على استبدال الدعم المفتوح بتعويض سخي تصل قيمته الى 18,6 ضعف المعونة السنوية، اي ما يساوي 10,2 مليار يورو، على ان يستمر دفع المعونة السنوية وبالتوازي، حتى يتم تسديد كامل التعويض في غضون 20 عامًا.

ويرى النائب عن الحزب الليبرالي الحر ستيفان روبرت، إن القانون يتطلب اقراراً برلمانياً، ولا يحتاج موافقة المجلس الاتحادي، الذي يمثل الجناح الثاني في السلطة التشريعية في المانيا، وعلى ان تتحمل موازنة الولايات الاتحادية تسديد الاموال. ويجرى الاتفاق على آليات التفيذ مع المؤسسات الكنسية في الولاية ووحداتها الادارية. وقالت المعنية بالشؤون الدينية في حزب اليسار كريستين بوخهولتس انه وفقا للدستور تقوم الحكومة الاتحادية بوضع الاطار القانوني فقط.

وعلى المنوال نفسه، أكد كونستانتن فون نوتس من حزب الخضر، أن مشروع القانون "ليس خطوة ضد الكنيسة"، ففي المناطق الريفية، تقوم الكنائس بعمل كبير للحفاظ على خدمات عالية لرعاية الأطفال والمسنين وضمان الحفاظ على البنية التحتية. وان الكنيسة تحصل أيضًا على خدمات حكومية كبيرة. وانه مع استمرار "امتياز ضريبة الكنيسة" (نسبة الاشتراك الشهري للمسجلين في الكنيسة)، التي تقوم الحكومة بجمعها من اعضاء الكنيسة وتحولها الى حسابات الكنيسة المصرفية.

وقد تضمن دستور الرايخ الالماني لجمهورية فايمر 1919 انهاء العمل بـ "الأوقاف الكنسية"، ويعتبر النائب روبرت ان الاحتفال بذكرى الدستور المذكور المئوية يمثل مناسبة جيدة لطرح هذه المبادرة.

وليس مؤكدا اقرار القانون في الدورة البرلمانية الحالية، نظراً لعدم تضمين اتفاقية التحالف الحاكم بين احزاب الاتحاد المسيحي والديمقراطي الاجتماعي شيئا عن الموضوع. ومن جانب آخر يرفض جناحا الاتحاد الديمقراطي المسيحي مثل هذه القوانين، ويعدانها معادية للكنيسة. وسبق لأحزاب الديمقراطي الاجتماعي والخضر والليبرالي الحر ان رفضت مبادرات سابقة بهذا الشأن، آخرها قبل 3 سنوات. وحتى داخل حزب اليسار هناك اصوات تؤيد استمرار الدعم الحكومي للكنيسة. وكان حزب اليسار قد قدم منذ 2012 مشروعا بتعويض لمرة واحدة قدره 5 مليارات يورو، وترى ممثلة حزب اليسار ان الحزب لا يزال يعد هذا التعويض عادلا، الا انه وبغية الوصول الى حل مشترك ايد المبادرة الثلاثية.

ومنذ عام 1803 تعهدت الحكومات الالمانية، على اختلاف نظمها السياسية، تأمين الرواتب والرعاية بشكل دائم لكبار الشخصيات الكاثوليكية والبروتستانتية، وذلك كتعويض مفتوح للكنائس عن مصادرة ممتلكاتها، وانهاء الدور الاقتصادي الذي كانت تمارسه.

ووفقا لمشروع القانون، الذي ستعرض مسودته خلال الايام المقبلة، يمكن دفع التعويض مرة واحدة او على شكل اقساط. ويتضمن مشروع القانون امكانية استعادة الكنيسة لقسم من اقطاعيتها. ووفقًا له، ستصدر الولايات الفيدرالية لوائحها الخاصة للتنفيذ بعد خمس سنوات من دخول القانون حيز التنفيذ، وعلى ان ينتهي التعويض في غضون 20 عامًا.

وطالبت ممثلة حزب اليسار احزاب التحالف الحاكم بدعم مشروع القانون، لتحقيق "الحياد العقائدي" للدولة، في مجتمع يتسع فيه التنوع الفلسفي والديني باستمرار. وقال ممثل الحزب الليبرالي الحر انه، لا يمكن القبول بتحمل الملايين من غير الكاثوليك والبروتستانت، تكلفة التعويضات المفتوحة.