من الذاكــرة.. أيام صعبـة بإتجـاه الوطـن 17 / فائز الحيدر                  

عقوبـة الجلـد في مخـيم جهـرم

الفصل السابع عشر

أعقبت السيول الجارفة التي أجتاحت مخيم (جهرم) في بداية شهر كانون الأول / ديسمبر من عام / 1986 تطورات عديدة نتيجة أنعدام الخدمات المقدمة لـهم وصمت أدارة المخيم ومن يدعون أنهم قـادة الشعب العراقي ( المجلس الأعلى للثورة الأسلامية ) مما أثر على نفسية اللاجئين بشكل كبير وبدأت تظهــر مشاكل وصراعات ليس بين اللاجئين والأدارة فحسب وأنما بين اللاجئين أنفسهم، وفي وسط تلك الصراعات سمع اللاجئين العديـد من القصص والشائعات حيث كانت أرضية المخيم خصبة لتقبلها بسهولة بحكم الفوضى، التي تسود المخيم مثل قبـول طلبات الكـرد الموجودين في المخيم جهرم كلاجئين في السويد وقبول الأخوة المسيحيين لاجئين في الولايات المتحدة، كذلك عن فتح هذه السفارة أو تلك أبوابها لقبول اللاجئين، وعلى اللاجئين غير المسلمين اعتناق الأسلام قبل مغادرتهم أيران، حدث هذا  الهرج والمرج في المخيم وسافر على ضوء تلك الشائعات المئات من اللاجئين الى العاصمة طهران ليقفوا في طوابير أمام السفارات المعنية حاملين أوراقهم الرسمية لغرض اللجوء وسط أستغراب الهيئات الدبلوماسية فيها وكان رد تلك السفارت واضح بنفي تلك الشائعات ولم تستلم أي طلب وعادوا بخفي حنين !!!ومن جانب آخر وخلال تلك الفترة العصيبة كانت هناك قصص حقيقية تختلف كليا" عن السابقة ومن أبرزها قصة الحب المتبادلة بين الشاب ( علي غلام ) والشابة ( فاطمة ) والتي أنتهت بمأساة أنسانية محزنة.

حضرت وزوجتي النصيرة ام سوزان في شهر كانون الأول من عام 1986 عملية جلدهما وفق التهمة الموجه لهما وهي ممارسة الزنا، وعقوبة الزنا وفق الشريعة الأسلامية والقوانين المعمول بها في جمهورية أيران الأسلامية هي الجلد.

يؤكد البعض من فقهاء الدين ان عقوبة الجلد(1)  Lashes Penalty   مقررة في القرآن والسنة النبوية، واذا طبقت في حدودها التي وردت في الشريعة الأسلامية فهي عقوبة فعالة، وهي أكثر عدالة من عقوبة السجن والغرامة، فالسجن عقوبة تؤذي أسرة السجين، وتؤثر على مصالحهم وحقهم في الرعاية والتربية، أما العقوبة المالية فتأثيرها غير عادل فالغني لا يعبأ بها وقد تؤذي الفقير وتزري به، فيما عقوبة الجلد تؤذي شخص الجاني فقط .

ان المتابع لتطبيقات عقوبة الجلد في بعض الدول الأسلامية التي تطبق الشريعة في قوانينها يلاحظ انها غير عادلة ومبالغ بها، أضافة الى الأسراف في استخدامها، حيث تصدر أحيانا" وبأنتظام أحكام بآلاف الجلدات، فيما لم يرد في الشريعة الأسلامية عقوبة أكثر من ( مائة جلدة ) ففي الآية الثانية من سورة عقوبة زنا غير المحصن تكون مائة جلدة، وفي الآية الرابعة منها عقوبة القذف ثمانون جلدة، وفي السنة المطهرة حديث النبي محمد حيث قال ( لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله )، و يصف فقهاء الدين المسلمين عقوبة الزنا وهي الجلد بأنها ((( عـذاب )))، والعذاب يعنى أن يظل الجانى حيا" لا يموت، وبتعبير آخر لا محل هنا لعقوبة الرجم التى تعنى الموت.

ويؤكد فقهاء الشريعة عادة ما تُنفَّذ عقوبات الجلد على الفور أمام الجمهور كما حدث أمامنا في مخيم جهرم، ولا يتم أي أستئناف إلا بعد الجلد ولا يستطيع إلا الأغنياء من الطعن في الأدلة ويصرون على توكيل محام وتتاح لهم الفرصة لتبرئة ساحتهم، بينما يقبل الفقراء الجلد كعقوبة طبيعية لأعتقالهم وإمكانية تبرأتهم بعيدة للغاية لدرجة أنهم يفضلون القبول بجلدهم 40 جلدة بدلا" عن طلب توكيل محام لهم وربما يقضون أكثر من شهر في الاعتقال بأنتظار المحاكمة.

بالتأكيد إن عقوبات المحاكـم الشرعية تتعارض مع الإعـلان العالمي لحقـوق الإنسان لعام 1948 والعهـد الدولي للحقوق الاقتصادية والثقافية لعام 1966 والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لنفس العام، وعلى أساس الإعـلان العالمي السابق الذكـر هنـاك أكثر من 76 اتفاقيـة دولية توضيحيـة لحقوق الإنسان، فهـذه الوثائق الدولية ينظر إليها بأعتبارها وثيقة عالمية لحقوق الإنسان تعترف بها كل الدول الموقعة عليها ومنها بعض الدول الأسلامية التي تطبق الشريعة، و تنص المادة الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 على عدم تعريض أي إنسان للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة للكرامة، كما وتنص المادة السابعة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على عدم جواز العقوبة أو المعاملة القاسية أو غير الإنسانية أو المهنية
تنفيذ عقوبة الجلد في مخيم جهرم
(علي غلام ) احد سكان المخيم مع عالته، شاب وسيم في الثلاثين من عمره، وهو من الأخوة الكرد الفيلية، هجّر قسرا" مع عائلته الى أيران في بداية السبعينات من القرن الماضي بحجة التبعية الأيرانية وهو لم يزل صغيرا"، ذو جسم رياضي، وأحد أفضل مهاجمي فريق كرة القدم المعروفين في المخيم وله الفضل في تحقيق الفوز لفريق المخيم على الفرق المحلية الأخرى، عندما دعي للتطوع للذهاب الى الجبهة مع أعضاء الفريق كان من المعارضين لذلك بشدة لمعرفته مسبقا" بمصيره المحتوم وشجع زملاءه على التمرد أيضا" لذلك واجه وعائلته ضغوطا" كبيرة ولكنه تحملها بصبر كبير، علي غلام .. خباز من الدرجة الأولى، يعمل في فرن الخبز التابع لمخيم جهرم وهذا العمل هو مصدر رزقه وعائلته فهو المعيل الوحيد لهم بعد تقاعد والده لأسباب مرضية، نراه كل يوم في داخل الفرن ونحن نقف في الطوابير لكي نحصل على حصتنا اليومية من الخبز وقد خلع قميصه بسبب حرارة الفرن حيث يظهر جسمه الرياضي الأبيض.

أما (فاطمة ) وهذا كل ما نعرفه عنها فهي من عائلة كردية فيلية مهجرة أيضا" وتسكن المخيم مع عائلتها منذ نهاية السبعينات، عمرها لا يتجاوز الخامسة والعشرين عامـا"، لم يشاهـدها أحـد بسبب ارتدائـها العبـاءة والنقاب بشكل دائم وعلى الطريقة الأسلامية في أيران، ربطت علي غلام وفاطمة علاقة حب دامت أكثر من سنتين وأتفقا مبدئيا" على الزواج عندما تسـمح لهم الظروف المناسبة لذلك بدأ علي غلام يهيأ نفسه لبيت الزوجية المناسب بما يحصل عليه من عمله المرهق في الفرن وأعمال أخرى خارج المخيم.

ذات يوم أصرت فاطمة على لقاء حبيبها (علي غلام )لأمر هام رغم أنشغاله وجاء أليها مبكرا" وتم اللقاء وحدثت المفاجأة ....
ـــ أنا حامل يا علي ... أنه طفلك !!!! دعنا نتزوج بسرعة قبل ان يكبر الجنين وننفضح !!!!
صدم علي غلام لسماعه هذا الخبر وقال :
ـــ هل انت متأكدة من ذلك ؟
ـــ نعم متأكدة والدكتورة التي أجرت الفحوصات قد أكدت لي ذلك !!!
وفي لحطة الغضب هذه أخذ علي غلام يضرب رأسه بالجدار الذي يستند عليه وهو يصرخ ..
ـــ كيف ؟... كيف ..؟ يحدث هذا ؟ أنا من كثرة حبي لك لم ألمسك أبدا" !! ولم أقترب منك يوما" ولم ألتقي بك منفردا" ولم أعاشرك للحظة فكيف يكون ما تحملينه هو طفلي ؟؟
وجاء أصرار فاطمة بأن ما تحمله في أحشائها هو لطفله وليس لشخص آخر وهي تسرد له أحداث وأمسيات لم يسمع بها أو يتذكرها .
مرت الأيام ببطئ كان علي غلام لا يعرف النوم خلالها، أصبح شارد البال لا يركز عل شئ مما أثر ذلك على عمله في الفرن وتعرض الى حروق عديدة وهو يدرك أنه لم يمس حبيبته فاطمة وان ما تحمله في أحشائها ليس طفله أبدا" وهو متأكد من ذلك وهناك شئ ما قد أخفته حبيبته فاطمة عنه !!!

ـــ يا ربي أليس هناك وسيلة للتأكد من أن الطفل هو أبني لكي أتخذ الموقف الصحيح !!
فقد أستشار الأطباء دون جدوى وجاءه الجواب ليس هناك فحوصات طبية تأكد ذلك في الوقت الحاضر على الأقل حيث ان فحوصات DNA لم تكن معروفة في ذلك الوقت.
مرت أسابيع كان الجنين ينموا في أحشاء فاطمة التي لجأت الى والدتها لتبوح لها بسرها وتطلب المساعدة، ألتقت العائلتان وهم على معرفة بعلاقة الحب بين فاطمة وعلي غلام لتسوية الخلاف بينهما والأسراع بالزواج تجنبا" للفضيحة....

 أصر علي غلام على موقفه وهو يؤكد بأن الطفل ليس منه وهو متأكد من ذلك، تدخل الأقارب والوجهـاء ورجال الدين لحسم الموضوع دون جدوى وسط أصرار علي غلام على رأيه بأمتناعه من الزواج بفاطمة.
وفشلت كل الجهود في ايجاد حل للمشكلة ووصل الأمر للمحامين من الطرفين وعرضت القضية على احدى المحاكم الشرعية الأسلامية في المدينة أخذت عـدة أسابيع بعد أمتناع علي غـلام على الحل المطروح وهـو الزواج لتصدر قرارها بجلد علي غلام وفاطمة وأعتبار ان معاشرتهما للبعض بدون زواج هوغير شرعي ويعتبر ( زنا ) وفق الشريعة الأسلامية وسط أعتراض علي غلام الذي يؤكد برائته ولم يعاشر فاطمة فكيف يعاقب بممارسة الزنا.

أصدرت المحكمة الشرعية في جهرم قرارها بجلد علي غلام بخمس وسبعون جلدة وعلى فاطمة بخمسين جلدة رغم علمهم بأنها حامل وقد تفارق الحياة في حالة تنفيذ هذه العقوبة وحدد يوم معين لتنفيذ هذه العقوبة في مخيم جهرم وأمام الجمهور ليكون درسا" لللآخرين.

في اليوم المحدد لتنفيذ العقوبة وفي الساعة الثالثة ما بعد الظهر أخذت ميكرفونات المخيم تذيع الخبر وتطلب من جميع سكنة المخيم من الرجال التوجه الى الساحة الرئيسية المقابلة لباب المخيم وعلى النساء التوجه الى المسرح العسكري لحضور تنفيذ العقوبة أمام الجميع ولخلق نوع من الرعب في نفوس اللاجئين المقيمين في المخيم على حد سواء.

توجهت الى الساحة مجبـرا" وتوجهـت أم سـوزان الى المسرح العسكري لتشاهـد عن كثب هـذه المأسـاة الأنسانية، المئات من سكان المخيم بما فيها عائلتي علي غـلام وفاطمة ينتظرون في السـاحة للوقوف على عملية التنفيذ، سيارة أسعاف وصلت الساحة وأتخذت مكانها المناسب وهنا أدركنا مدى خطورة الجلد، ترجل منها دكتور شاب يلبس صدرية بيضاء ويضع سماعة الفحص حول رقبته، قاضي معمم بعمامة بيضاء ينظم الى جوقة المسؤولين حاملا" بيـده مجموعة من الأوراق ويبـدوا انها قرار المحكمة وبـدأ يتصفحها بهـدوء، سيارة سـوادء تحمل العلـم الأيراني تقف بجانب سيارة الأسعاف وترجل منها علي غـلام وهو مقيـد اليديـن بالأصفاد يرافقه أثنان من الحرس بملابسهم الرسمية ... رفعت الأصفاد من يديه وطلب منه خلع قميصه وسرواله وقرأ القاضي قرار الحكم أمام الجميع وسط تكبير المتخلفين ممن غسلت أدمغتهم بقوانين الشريعة ( ألله ومصلي على محمد وآلي محمد ) ، تقدم الحارسان منه وربطاه على عمود الكهرباء المجاور ثم طلب رجل الدين المعمم من أحد الموجودين تنفيذ العقوبة.

أخرج الجلاد من السيارة المجاورة قايش طويل مفتوح لأحدى الشاحنات يصل طوله اكثر من متر ونصف المتروربط مقدمته على ذراعه أستعدادا" لتنفيذ مهمته .
وهنا بدأ التكبير مرة أخرى ( ألله ومصلي على محمد وآلي محمد ) ونحن بدورنـا نلعن هـذا النظـام وقوانينه .
بدأ الجلاد بتنفيذ عمله بأشارة من القاضي وهو يبتسم، كان الضربة الأولى موجعة لدرجة كبيرة على ظهر (علي غلام) بسبب نشاط الجلاد وقسوته وشدة درجة الحرارة، صرخ خلالها بشدة ( يا علي ) أمـا القاضي فأخذ يعد، واحد ويتبعه المتخلفون المتجمهرين بالصياح ... واحد... أثنان .... ثلاثة ... ألله ومصلي على محمد وآلي محمد ... وكلما زاد عـدد الجلدات يخفت صوت علي غـلام تدريجيـا" ولا تسمع منه غيـر كلمة ( يا علي أميـر المؤمنين ) ، عشرون ... واحـد وعشرون... بدأت الخطـوط الحمـراء تظهـر على ظهـر علي غـلام وبعضها أخذ ينزف دما" وكلما زادت الضربات كان أكثر صبـرا" وتحملا" لغاية بـدأ لا يشعر بالألـم سوى حركة جسمه اللاأرادية بسبب وقع السوط عليه، لقـد خـدر جسمه كليـا" وأصبحت صرخاته خافتة تـدل على الألم الشديد ولكنه كان ذا تحمل وكبريـاء عال ولا يـود ان يجـعل الآخرين يسخرون به لاحقـا"، الكثير من المقيمين واللاجئين عقدوا رهانا" فيما بينهم بأن علي غلام سيسقط قبل أن يصل الى الخمسين جلدة، عائلة فاطمة تهلهل وتصفق أحيانـا" أنتقامـا" وتكبر أحيانـا" اخـرى ألله ومصلي على محمد وآلي محمد، أنهـا عمليـة تعذيب بشعة لمن يشاهدها، أن من يمارس وينفـذ عملية الجلد هذه هو بالتأكيد خبير بالتعذيب ويعرف أين يضرب ضرباته ولا يتردد بتعذيب أي أنسان عندما يكلف بذلك .

واصل الجلاد تسليته والقاضي يواصل العد يتبعه رهـط كبير من الحاضرين ...أربع وسبعون .... خمسة وسبعون ... ألله ومصلي على محمد وألي محمد ، بعد المائة أنتهت عملية الجلد فتح رباط علي غلام من العمود الكهربائي وهو لا زال واقفا" وتوجه نحوه الدكتور وقدم له قدح من الماء ...
ـــ هل انت بخير نرجوك الركوب في سيارة الأسعاف لنقلك الى المستشفى لعلاجك .
توجه علي غلام بنظره الى الدكتور رافضا" شرب الماء والى القاضي وهو يصرخ بوجهه رافضا" ركوب سيارة الأسعاف.... .
ـــ هل تود المزيد من الجلدات فأنا مستعد لذلك .
وهنا هلهل أخوة وأقارب علي غلام دليل على براءته لتحمله العقوبة وتقدموا نحوه ووضعوا قميصه على كتفه ونقلوه بسيارتهم الى بيته وهو يشتم القاضي ومن حوله جميعا" أما الآخرين فكانوا يدعون له بالشفاء

اما في المسرح العسكري فقد استدعيت فاطمة لدخول المسرح وهي مقيدة اليدين وترتدي العباءة السوداء والنقاب، في الخارج تم تحضير سيارة أسعاف ودكتورة وممثلة عن المحكمة تلبس النقاب وبجانبها أمرأة ضخمة محجبة، أجبرت فاطمة على الجلوس على ركبتيها وسـط المسرح وأسندت ذراعيهـا على كرسي خاص ثم جاء من يقيدها بشدة الى هذا الكرسي، قرأ على فاطمة قرار المحكمة وطلب من الأمرأة الضخمة بالتنفيذ .

لا أستطيع ان أتصور كيف تصبح أمرأة وهي الأنسانة الرقيقة الى جـلادة وتعرف ان ضحيتها حامل وقـد تفارق الحياة بين يديها وأستدرك نفسي عندما أتذكر بعض النساء من نفس العقلية والمدرسة الدينية والتوجيه وهن يلبسن الأحزمة الناسفة لتقتل نفسها وتقتل معها العشرات من الأبرياء في المدن العراقية غير مبالية فيما اذا كانوا من الأطفال او النساء او الشيوخ .

في الضربة الأولى صرخت فاطمة بصوت عم أرجاء المخيم وسط هلاهـل عائلة علي غلام الذيـن يودون الأنتقام من فاطمة جراء فعلتها  ووسط التكبير( صلي على محمد وآلي محمد )، لم تستطع فاطمة تحمل الجلد ولم تتجاوز عدد الجلدات التي نفـذت بحقهـا العشرة جلدات من أصل خمسين جلـدة حكمت بها حتى أصابهـا النزيف الحـاد وأجهضت من شدة الألم وأغمي عليها ونقلت بسرعة الى المستشفى بسيارة الأسعاف. لم تستطع أم سوزان نسيان هذه المشاهد المروعة والدماء التي غطت المسرح لأسابيع عدة لاحقة، أنها عملية قتل بشعة تمارس بالأنسان تدريجيا" بأسم الدين والشريعة .

مرت الأيـام ولم نسمع عن فاطمة إلا الشئ القليـل وكل ما نعرفه عنهـا من نسـاء المخيـم أنها لا زالت حية وأصيبت بتشوه في كتفها الأيسر .... أما علي غلام فكنا نتابعه من خلال عمله وتواجده في فرن الخبز وحل محله شخص آخر وبعد ثلاثة أيام أطل علينا وهو يمارس عمله في الفرن وكأن شئ لم يكن عدا ما نشاهده من خطوط حمراء وزرقاء وهي من مخلفات عملية الجلد على ظهره الأبيض عندما يخلع قميصه أثناء العمل بسبب حرارة الفرن وهو ينظر الينا ويبتسم للجميع ويدرك اننا نتابع أخباره عن بعد .

يتبع