ذكريات .... عن ايام الشباب والنضال ....! -1  / ابو زياد هاني

اليوم  31  كانون الثاني ... كل عام احتفل بهذا اليوم  واخلده على مدى 40 عام  .. هو يوم مهم في حياتي فقد نقلني الى محطة اخرى , عشت بعدها حياة كانت جديدة تختلف عن ماعشته من سني عمري ال 24 التي سبقت ذلك .... انه يوم خروجي لاول مرة من  وطني العراق عام 1979 .. كان يوم اربعاء  ,, الخروج الذي طال ولا رجعة منه كما يبدو... مرحلة اخرى من الحياة  دخلتها وانا مقتنع بها , ولم يراودني شك  او ندم على دخولها سوى انها سرقت شبابي وضيعت الكثير من سني عمري الجميلة  ,, لو انني عشتها مع من احب من الاهل واصدقاء الطفولة ’’ ادركت ذلك بعد ان اصبحت شيخا في الستينات.... ولكن.... ذهبت ايام الشباب في خضمها ولن تعود . اكتسبت خلالها شئ من الخبرة وعرفت الحياة وجربتها  ...

 اليوم الذي تركت به وطني واهلي واحبتي حاملا راسي على كتفي ومعي كبسولة صغيرة داخلها قصاصة ورق  و رقم تليفون و كلمة سر. . و 300 دولار ..قاصدا عالم لا اعرفه ....... في المطار وانا قاصدا الجزائر كنت خائفا ليس من السلطات ولكن من المجهول  ,  بالرغم من ما  قيل لي  ان لاخوف فهناك ستلتقي بهم لحظة نزولك من الطيارة ,  وكان هذا هو الذي لم يحدث . في مطار بغداد رايت شخصا اعرف اني التقيت به في دائرة البعثات  , يومها كنت موظفا هناك ,  كان هذا الشخص يراجع الدائرة من اجل فتح ملف لاختة الطالبة في انكلترا ,  ساعدته كثيرا كما ساعدت الكثير غيره . ففي تلك الفترة كان الناس يحاولون السفر , ومن تنقطع به السبل  يحصل على  قبول  باي  ثمن ليخرج بشكل رسمي . كنت اعرف ذلك مع اشتداد الحملة  ,فقد ساعدت  كثيرين  ... كان بهجت يساعد اخته بالخروج وعثر علي بالبعثات , وانا الان عثرت عليه بالمطار ... قصدته وكاني لم اقصده ليراني لعله يتذكر ما قدمته له من مساعدة ويساعدني ,,, وحدث ما كنت  اود ,  فقد راني وقصدني وبلهفة وكانه صديقي الذي لم اراه من زمن . سلم علي بحرارة وانا كذلك وقال انا لا اتذكر اين رايتك ولكن انا اعرف انني اعرفك بشكل جيد قل لي اين التقينا لاقول لك اسمك.... قلت له في البعثات قال صحيح انت فلان الفلاني بدون تردد او تفكير... بعدها بلحظات التفت الى يساره وصاح على رجل اربعيني على راسه قبعة زادته وسامة واناقة ,, ابو جرير ابو جرير ,, توجه الرجل نحونا وعندما دنى منا قال له بهجت ,, هذا الولد الذي قلت لك عنه ,, تقدم ابو جرير نحوي عانقلي وقبلني وكاني من بقية اهله ,  بادلته القبل والعناق وسالني الى اين انت مسافر قلت الى الجزائر , قال نحن ايضا , وعرفي على شابين اخرين لا اتذكر اسميهما  , قال هذا ابن اخت بهجت والاخر قريب لنا ..عرفت انهم جميعا من الاخوة الصابئة  فتطمن قلبي وهدأ روعي فهم من جماعتنا لا محال هكذا قدرت . ركبنا الطائرة جلست متوسطا بهجت وابو جرير .. الرحلة كانت طويلة لم اشعر بها فقد شربنا واكلنا وتحدثنا .... وكانت اسئلة ابو جرير كثيرة .. لماذا السفر؟ ومن ستلتقي ؟وهل في استقبالك احد ؟ وغيرها الكثير .. وكنت ارد بسهولة ويسر فقد جهزت قصة وسيناريو تحسبا لاسئلة مثل هذه . واغلب اجاباتي كانت لا اعرف بالضبط ... قال نحن يستقبلنا ابن عم لنا يعيش في الجزائر , سيساعدك بالحصول على فندق لحين اللقاء باخيك ... قلت شكرا .... في مطار الجزائر كنت انتظر من سيلقاني منهم  لياخذني الى ما وعدت به , ولكن هذا لم يحدث . هناك التقينا بابن عمهم و الذي لم يرتاح  لوجودي بصحبتهم   , عرفت ذلك وشعرت به ولكني بقيت معهم بالرغم من ذلك .  فانا لم اسافر  قبلها  وليس لدي اي فكرة عن  كيفية  الخروج من المطار  والعثور على  فندق , فقررت ان اتحمل عدم قبوله لي  لحين الحصول  على مكان اقيم به  , ثم افارقهم .  ابو جرير لاحظ ذلك لكنه اصر على اصطحابي معهم . ركبنا الباص ونزلنا في وسط المدينة الجزائرالعاصمة .. تركنا ابن عمهم ابو هديل وذهب باحثا لنا عن فندق . هناك في المقهى حيث تركنا ابو هديل رايت 4 عراقين ينظرون الينا لم نتحدث معهم وقتها ...لكنهم اصبحوا من اقرب الاصدقاء بعدها .. لا زلت احتفظ بصداقة احدهم وهو الصديق والرفيق العزيز ابو دجلة  .  و لا زلت احن وبشوق الى صديقي الذي سافر الى استراليا ليعيش هناك .. اسمع عنه واقرا ولم التقيه لاكثر من 38 عام انه صديقي قاسم عبود في استراليا .........يتبع