إلى الصادقة الأمينة هيفاء الأمين / د. محمد شطب             

الرفيقة الشيوعية المناضلة هيفاء الأمين!

تحية الفكر المستنير، تحية العمل الجرئ، تحية الأمل والعطاء!

هيفاء الأمين، إمرأة من الجيل الجديد، إمرأة عرفتها وإختبرتها بنات وأبناء شعبها في مدينتها الناصرية وتعرفوا على حرصها وتفانيها ومبدأيتها في العمل والدفاع عن حقوقهم المشروعة، كما عرفتها وإختبرتها جبال كردستان وتعرفت على نضالها ضد القهر والظلم والطغيان أبان تسيّد حزب البعث المقبور، وتعرفت عليها نائبات البرلمان كما تعرفن من خلالها بأنَّ هناك صوت آخر للمرأة العراقية المعطاء وفم آخر ينطق بالعقل والمنطق والضمير، وإن كانت قواميس معظم البائسات المتربعات في مجلس النواب تخلو من هذه المصطلحات.

* المسألة ليست مسألة نيل من الرفيقة هيفاء الأمين أو تشهير بها أو تسقيط سياسي لها، فهي أسمى وأقوى من ذلك وأرفع من القائمين بهذه الأفعال الشنيعة والمتسترين وراء هذه الحملة البائسة.

* إنما هي مسألة صراع بين قوى التنوير وخفافيش الظلام، صراع يتأجج يوم بعد يوم بين قوى تربعت في مواقع ليست أهلاً لها ولا تمتلك المؤهلات اللازمة للبقاء فيها إستحوذت عليها بالتزوير وشراء الذمم بالملايين القادمة من وراء الحدود ومن سرقة المبالغ المخصصة لمشاريع التنمية التي تعطلت نتيجة النهب والتقصير وبين قوى تم إهمالها بشكل متعمد وتقزيمها وإبعادها عن المواقع التي هي أهلاً لها.

* صراع بين قوى تريد إنتشال الشعب والوطن من الوحل الذي آل إليه وأخرى تسبح فيما تدر عليها أموال السحت الحرام والرشاوى والنهب والتجاوزات على المال العام.

* صراع بين ينابيع تنضح بالتفاني والبذل والعطاء لخدمة الناس وأخرى تمعن في الدفع بإتجاه الجهل والظلام من أجل إعماء الناس وإستغلالهم ونهب وسلب أبسط حقوقهم.

* صراع بدافع الخوف من مواجهة المسؤلية نتيجة الفشل والإخفاقات التي توالت طيلة السنوات العجاف التي أعقبت التغيير (التدمير) وتولت الأمور فيها مجاميع من الجهلة والأميين والمزورين واللصوص.

* صراع بين قوى فقدت الثقة بنفسها وفقدت ثقة الآخرين بها بعد إن غرقت في مستنقع الفساد والمحاصصة البغيضة والإرتماء بأحضان أسيادهم من داخل وخارج الوطن وبين من هم أهلاً  للثقة بشهادة التأريخ لهم ووقوف الشرفاء والمخلصين إلى جانبهم.

* صراع بين ببغاوات تلقنوا كلام الأسلاف وأمعنوا في إستغلال الدين والتراث وبين عقول متنورة وكفاءات متميزة تعمل بدافع الإبداع والتجديد والثقة بالمستقبل والحياة.

* صراع بين من يريد تحريك عجلة الحياة بالإتجاه الصحيح وبين من يضع الفرامل في دواليبها.

* صراع بين حيتان إنتعشت بفعل نهج السياسات الطائفية والمذهبية والتخندقات البغيضة وأخرى تبحث عن ملاذات آمنة، عن عمل وتعليم وصحة وحياة تليق بإنسان القرن الحادي والعشرين في بلد يفيض بالخيرات.

* صراع بين من يعمل من أجل وضع المرأة في المكانة التي تليق بها في القرن الحادي والعشرين وتنتشلها من مخلفات القرون الوسطى ومن إستعبادها وتمنحها المساواة الكاملة مع أخيها الرجل في كافة الحقوق والواجبات، صراع من أجل إنتشال وإحتضان الأطفال وتوفير كافة الوسائل والسبل الكفيلة لهم ليتمتعوا بطفولتهم في أجواء أسرية سليمة وبيئة صحية ونظام تعليمي يرتقي لإستيعاب التطورات العلمية الحديثة.

هيفاء!

لا تثنيك إدعاءات المتهورين عن مواقفك المبدئية ومساعيك النبيلة وطموحاتك المشروعة                فكما يقال

فإذا أتتك مذمتي من ناقص                               فهي الشهادة لي بأني كامل

          التخلف الذي أشارت إليه الرفيقة هيفاء الأمين كان ولا يزال قائماً في محافظات الجنوب العراقية (التخلف الإقتصادي والإجتماعي والثقافي الذي لم ينل من طيبة أهل الجنوب وشهامتهم ووطنيتهم) وذلك بغعل أمرين مهمين أولهما سياسة "فرِّق تَسِد" التي إعتمدها نظام الأستعمار البريطاني في تعامله مع شعوب المُسْتَعمرات ومنها العراق منذ قيام الدولة العراقية، فكان التفاضل الأول حيث تم إيلاء الأقلية في المناطق الغربية الأولويَّة على سكان الأكثرية من المناطق الجنوبية والعامل الثاني رفض أبناء المناطق الجنوبية التعامل مع الحكومات والإدارات المحليَّة في فترة السيطرة البريطانية إنطلاقاً من توجيهات مراجعهم الدينيَّة القاضية بالترفع على ممارسة المسؤليات السياسية لحين ظهور الإمام المهدي المنتظر.

          

إنعكس هذا بشكل كبير على واقع الحياة اليومية حيث حُرِم سكان المناطق الجنوبية من الكثير من الإجراءات التي تم إتخاذها وتمتعت بها مناطق العراق الأخرى. وهنا يجب القول بأنَّ كافة مدن ومناطق العراق ستبقى متخلفة وتزداد تخلفا إذا إستمرت هيمنة وسيطرة أناس فاشلين غير كفوئين منغمسين في فسادهم وسرقاتهم وإهمالهم لمصالح البلاد والعباد يقدمون مصالحهم الخاصة ومصالح الأجنبي على مصالح الشعب والوطن.

 

رددت مجموعة من الببغاوات شعارات بادت ومقتها الناس، شعارات إسْتَقوها من فتوى خائبة للسلف الحاقد، تلاقفتها أزلام الإنقلاب الأسود في 8 شباط من عام 1963 ليصدروا بيانهم المشؤوم رقم 13 سيْ الصيت وليذهب ضحيةً لها آلاف الأبرياء من خيرة كادحي ومثقفي ومناضلي الوطن. مجموعة ضالَّة أغشى الظلام عقولهم وأطفأت الأحقاد ضمائرهم ليسمحوا لنفوسهم المريضة وعقولهم الخاوية وضمائرهم الميته وساديتهم المنفلته من التحكم بمصائر الآخرين حين يقومون بتكفيرهم وتحليل دمائهم لا لذنب إقترفوه بل لكونهم تجرأوا على قول الحقيقة والدفاع عن الحقوق المنتهكة.

لقد حاولت هذه القوى تأويل تصريحات السيدة هيفاء الأمين المنطقية والعلمية التي تعكس الواقع الحالي لأبناء الجنوب المبتلين بآفات الفساد ويلبسوها ثوباً آخر من أجل تحريض المواطنين ضد الحزب الذي تنتمي إليه الرفيقة هيفاء الأمين ـ الحزب الشيوعي العراقي ـ وينفذوا عملهم الإجرامي ضد مَقَرات الحزب لتخويف وترويع أعضائه ومؤازية في محاولة لجأ إليها أشباههم في هذا النهج في السنوات القلية الماضية كما لجأت إليها قوّات الدرك البريطانية وعصابات البعث الإجراميَّة سابقاً وخسأوا جميعاً ولم ينالوا من الحزب وفكره وسياساته الوطنيَّة.

تحزمي أيتها الرفيقة بحزام المَبادِئ التي تربيت عليها، بحزام العلم، حزام العمل والأمل، حزام من منحوك أصواتهم بفخر وإعتزاز كونك أهلاً لهذه الثقة. كوني كما أنت شامخة، وليشتد عودك أكثر لمقارعة القادم فالقادم أسوأ مع تكاثر هذه الزمر وإزدياد طمعها وفزعها ولتواجد الكثير من القوى الخارجة عن القانون والمنفلته في تصرفاتها دون رادع لضعف السلطات الأمنية وتسترها خوفاً منهم وتماشياً مع تصرفاتهم.

          تجري هذه الفضائح أمام أعين السلطات الأمنية وفي وضح النهار ضد أحزاب وقوى مدنية تعمل بموجب الدستور والقوانين المرعية وضد مواطنين يتبوأون مراكز في السلطات الحكومية وهنا يجب التساؤل: أين حماة الدستور؟ أين رعاة القانون؟ أين السلطات الأمنية والقضائية؟ ولماذا لم تقم هذه بتأدية واجباتها القانونيَّة؟؟؟

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.