لا للقتل وإسالة الدماء لا للضغوط الجبانة والتهديدات الرعناء/ د. محمد شطب

لا للبطش اللاأخلاقي ضد المتظاهرين الأبطال، لا للضغوط الجبانة والتهديدات الرعناء من المتسلطين والمتنفذين أزلام النظام الطائفي المقيت وأعوانهم ذيول المحاصصة البغيضة والفساد الذي صار يَتَعَفَّن، لا لتوفير الحماية للمتحاصصين وتقديم الغطاء لهم بثمن عال جداً،  هو دماء وأرواح الشباب الأبرياء كي يستمر هؤلاء في عبثهم وفسادهم وسرقاتهم للمال العام ويتمتعوا بإمتيازاتهم الخياليَّة، لا لتفريق المتظاهرين ومنعهم من الإستمرار بنشاطهم وإخماد صوتهم الشجاع، فالتظاهر حق مشروع كفله الدستور والمتظاهرون مشاعل نور لحرق آفات الفساد والتحاصص الجبانة وتحريك المياه الآسنة وعجلة الجمود التي خيَّمت على العراق. إنَّ هذا البطش هو دليل صارخ على هشاشتكم وجبنكم وخوفكم وضعفكم وإنهياركم أمام صوت الحق والعدل وعجزكم عن فهم وإستيعاب صوت المواطن وصوت الشارع الحيّ الذي إنتفظ فيه العراقي الشهم ضد الفاسدين والمتحاصصين، وسرّاق المال العام، ضد  العابثين بحقوق الوطن والمواطن، بعد إن سقطت أقنعتهم وبانت أكاذيبهم وتهاوى سلوكهم ومعدنهم الرديء.

إعلموا يا أقزام السلطة بأنَّ جدران الخوف والتردد والسكوت وعدم المطالبة بالحقوق المسلوبة قد سقطت من قِبَل المواطنين أمام السلطات الغارقة في فسادها وسرقاتها والمتماهية في إحتقارها وإهمالها وعدم تلبيتها لأبسط حقوقهم ومتطلباتهم، سقط ذلك كله من عقول ونفوس بالدرجة الأولى الشباب المحرومين المهملين المتروكين على الأرصفة الذين فقدوا الثقة بنفسهم وبقادتهم وبوطنهم حتى تساوى عندهم الموت مع هذا العيش الذليل فكانت ردة فعلهم أن يتحركوا، أن ينهضوا، أن يثأروا بل أن ينتقموا من هذا الواقع ومَن صنعوه ويزيلوا الغبار عن ما هم فيه فنزلوا إلى الشارع متقدمين على الأحزاب والقوى والتيارات التي كانت سابقاً تتقدم الصفوف وتشكل القدوة للآ خرين وتسير في المقدمة ويسبقوا الآخرين في تنظيم التظاهرات ورفع الشعارات وتقديم المطاليب، ولكن هذه المرَّة كان السبق للشباب، للجيل الذي كان سباقاً في فهمه وإستيعابه ورغبته وهمته في الإقدام وكسر طوق الطغاة، نزلوا إلى الشوارع للتعبير عن رفضهم لهذا الواقع البائس، نزلوا بصدور عارية تتحدا كل الرموز الهزيلة وأصنام الهيمنة، نزلوا وبحراك سلمي أرعب الطغاة وهز عروشهم. أرادوا أن يسكتوا الأصوات الجبانة والمتخاذلة التي سارعت للوقوف إلى جانب السلطات البائسة وأخذت تبث سمومها بين الناس بل وبين أبناء القوات المسلحة وتحرضهم ضد المتظاهرين وتقوم بتخويفهم من تداعيات هذه التظاهرات ومن الوقوع في الفراغ السياسي الذي لا تحمد عقباه ومن الفوضى التي ستاتي على الأخضر واليابس ويذهب فيها الوطن في مهب الريح. فقد دفعوا المتخاذلين معهم ليقوموا بالضرب المبرح بالعصي والهراوات وإستخدام الرصاص الحي والغازات السامة التي راح ضحيتها مئات الشهداء وآلاف المصابين ولا يزال بحر الدم يجري إضافة لأعمال الدهس والإعتقال والتعذيب وكيل السباب والشتائم وإستخدام الكلمات النابية والتهديد بأخذ الثأر من المتظاهرين، هكذا كانت ولا تزال هي الأساليب والطرق الخبيثة التي لجأت إليها هذه السلطات وأعوانها، التي فقدت من خلالها شرعيتها وكل مبررات بقائها فقد تحولت إلى حكومة قتلة ومجرمين وسفاحين وما كانت هذه إلا أساليب جبانة للتعامل مع أبناء الوطن المطالبين بحقوقهم المشروعة، أساليب تزيد من مواصلتهم التظاهر وإستبسالهم في المطالبة بحقوقهم. تمتد هذه الأساليب القذرة لتشمل التقاط الشباب المنتفظين من الشوارع ومن البيوت بطرق وحشية وجبانة مستقاة من تراث السلطات القمعيَّة وقوى الأمن في زمن النظام المقبور وصاروا يمعنون بإذلالهم وضربهم ضرباً مبرحاً وتوجيه شتى أنواع السباب ضدهم إلى إتهامهم بما أنزل الله به من سلطان من الخيانة والعمالة والتخريب ومن وقوف جهات أجنبية من خارج الحدود ورائهم، وصدعوا رؤوسنا بكثرة الإدلة التي توفرت لديهم بهذا الخصوص والتي لم نراها ولم يتمكنوا من عرضها علىينا حتى الآن. اساليب أرادوا منها إخراس الأصوات الحرة ووقف أي دعم وردف وإسناد ماديّ أو معنويّ لهم ولكن هيهات منهم ومن أساليبهم فقد إلتفَّت القوى الخيرة حول المتظاهرين الأبطال وتصاعدت الأصوات التي تحتضنهم من جميع مدن العراق وجاءت قوافل الطلبة والشبيبة والنساء والعمال لتقف إلى جنبهم وترفدهم بكل وسائل الإستمرار والصمود ليطرزوا سوية شوارع العراق الحر الأبي وليستمروا ويواصلوا مشوارهم ليطالبوا بإحقاق حقوقهم المشروعة حتى سقوط رموز وأركان المحاصصة والفساد، حتى نهاية قتلة المواطنين العُزَّل العابثين بمقدرات المواطنين والوطن، حتى نهاية الطائفية المقيتة وسلطة المتاجرين بإسم الدين وأحزاب الدين السياسيَّة وإقامة الدولة المدنية.