حان الوقت لكي نخرج عن صمتنا / مزهر بن مدلول                    

في زمن النظام السابق، زمن الخوف والحروب والهراوات، لم يبق للمواطن العراقي كثيرا من الاحلام، عدا حلم واحد، هو ( ان يبقى على قيد الحياة )!، اما بعد الخلاص من الدكتاتورية، فقد ساد شعور، بأنّ الوطن خرج نهائيا من دوامة العنف والضياع، وانهُ ذاهب في الطريق الذي يؤدي الى الحياة بمعانيها الجميلة الكاملة!، وبسبب هذا الاحساس اللذيذ والمشروع، ارتفعت وتيرة احلام العراقيين وكثرت تطلعاتهم، وخاصة عندما خاطب السياسيون في بداية ظهورهم وجدان المواطن بكلمات وشعارات احلى وارق من الانغام!، ووعدوا بأنهم سيحولونها الى مشاريع لخدمة الانسان العراقي!.

لكن المحصلة من تلك الخطابات وذلك الضجيج، ليس سوى مناخ سياسي متوتر ومشاهد دموية مؤلمة وفساد لا مثيل له في تاريخ العراق الحديث!. لقد خاض اصحاب المصالح الأنانية بأدراك او من غير ادراك في مستنقع الازمات، وهم لا يستطيعون بأيّ حال الخروج منه، لأنهم مازالوا متمسكين بالمفاهيم التي تركت تداعياتها الخطيرة على سلامة المجتمع، واصبحت عناوين للتشتت والتشرذم والعار ودفعت البلاد الى الزاوية المعتمة، وسبّبت الكثير من المآسي، ونتج عنها المزيد من الخراب.

فهل من نهاية سعيدة لهذا الفلم الدرامي المرعب!؟ِ

نعم، فلو ادرك العراقيون بأنّ دولتهم باتت في مؤخرة دول العالم من حيث الخدمات وحقوق الانسان، وفي مقدمة البلدان من حيث الأمية والفقر، ولو علمنا بأنّ التنمية واللصوصية لا يجتمعان، وانّ الفساد الذي كان طفلا يحبو، كبر واصبح  ديناصورا عملاقا، ولو عرفنا ايضا، ان السبب الاساسي في هذا الانهيار المريع الذي وصلنا اليه، هو الصراع غير النزيه بين اللاعبين الكبار والأستحواذ غير المشروع على ثروات البلاد وموارده من دون مراعاة للتنمية في المجالات الحيوية والضرورية للتقدم والاستمرار. ان هذه السياسة التي راح ضحيتها الكثير من الابرياء والتي استمرت اكثر من عقد ونصف من الزمان لتجربة جديرة بالتوقف عندها لكي نتلمس الطريق الذي يجنبنا الوقوع في شباك سياسة المحاصصة مرة اخرى، لقد حان الوقت لكي نخرج من صمتنا ونستأصل الفيروس الذي تغلغل في جسد البلاد ونشر سمومه، حان الوقت لكي نراهن على الشرفاء والوطنيين الذين لم تتلطخ اياديهم بدماء العراقيين ولم تمتد الى جيوب الفقراء، فنعطيهم اصواتنا.