شناشيل / في أمر وزارة الخارجية / عدنان حسين     

وزير الخارجية الجديد، د. محمد علي الحكيم، لديه فيما يبدو رؤية واضحة ومهمة محدّدة لجهة تطوير عمل الوزارة والانتقال بها إلى مرحلة تتناسب مع ما يطمح اليه العراقيون في أن يكون لهم ولبلادهم موقع يحظى بالاحترام والتقدير بين الأمم الأخرى.

هذا ما عبّر عنه الوزير في لقاء معه أمس في مكتبه تحدّث فيه عمّا يفكّر به ويخطّط له على مدى السنوات الأربع المقبلة.

المشكلة الكبرى في هذا البلد أن النوايا الطيبة لا تثمر شيئاً في الغالب، فالإرادات التي تقف وراءها نوايا سيئة قوية جداً بفضل التحالف المكين بين أصحاب هذه الإرادات. نحن في بلد كلّ شئ فيه تقريباً مخرّب على نحو اسطوري (فتّشوا عن الفساد الاداري والمالي والسياسي)، وكما اليد الواحدة لا تصفّق ليس في وسع وزير واحد أو إثنين أو خمسة، وهذا الأخير هو عدد الوزراء المعوّل على كفاءتهم وخبرتهم أكثر من غيرهم في الحكومة الحالية، أن يعملوا اختراقاً أو أن يُنشئوا واحة غنّاء وسط صحراء قاحلة، لكنّهم مع ذلك يُمكنهم، إذا ما تحلّوا بالعزم والحزم وبالغيرة الوطنية، أن يقدّموا أنموذجاً يكون قدوة حسنة ومثالاً يحتذى.

وزارة الخارجية تحتلّ موقعاً متقدماً بين الوزارات، وهي بالإضافة إلى هذا وزارة فنية مثلها مثل وزارات النفط والاتصالات والزراعة والصناعة والتخطيط والدفاع والداخلية، ولا ينبغي التعامل معها بوصفها وجهة سياحية وبوصف الوظائف والمناصب فيها شرفية بالمستطاع "إهداؤها" إلى المحازبين والأقارب الذين تعوزهم الكفاءة والخبرة والأهلية، كما هو حاصل بالفعل في كثير من الحالات منذ 2006 .

يُمكن تشبيه وزارة الخارجية بكاسحة الألغام التي تمهّد الطرق لتقدّم القوات، بل إن  دور الخارجية يتجاوز هذا بكثير، فهي التي تفتح الأبواب أمام الدولة إلى العالم تحقيقاً للمصالح الوطنية التي لا يُمكن تأمينها إلا بإقامة أفضل العلاقات مع الدول الأخرى. ولدينا تجارب كثيرة تدعم هذا الرأي، فلو لم تكن لدينا علاقات طيبة ووثيقة مع دول الجوار والدول الكبرى ما كنّا سندحر داعش الإرهابي ونُسقط له "دولته" ونكفّ أذاه عنّا، نسبياً في الأقل، فخطر داعش لم يزل قائماً.

واحدة من أكبر مشاكل خارجيتنا أن السلك الدبلوماسي عُبِئ بعدد غير قليل ممّن لم تتوفر فيهم الشروط اللازمة لشغل الوظائف الدبلوماسية، بل ثمة الكثير من هؤلاء لا يفقهون طبيعة العمل الدبلوماسي وشروطه ومتطلباته، ولا يُتقنون لغات الدول التي يُعيّنون ولا حتى اللغة الانكليزية، فالعوامل الحزبية والقرابية هي التي أُعتُمدت في تعيينهم بضغط من القوى المتنفذة في الدولة وقياداتها.

أظن أن الوزير الحكيم يُمسك بين يديه بورقة قوية، هي أن اختياره الى المنصب لم يكن من جانب حزب أو جماعة سياسية، بل هو كان خيار رئيس الوزراء، وهذا ممّا يعطيه مرونة فائقة في إجراء تغييرات وتعديلات في نظام التعيينات  وفي وضع رؤية ومهمة للوزارة تتناسبان  مع ما يتعيّن ان تكون عليه الوزارة في المرحلة المقبلة، من دون خشية من ترهيب أو ابتزاز من جانب طرف سياسي.