أغرب من قصص الف ليلة وليلة!/ عدنان حسين                             

يموت في العام 2012 ويظهر في شوارع مدينته في 2018، بل يمشي على قدميه الى دائرة الاحوال المدنية التي يوجد فيها سجلّه العائلي ويقدّم نفسه الى مديرها وموظفيها بوصفه "عائد" إلى الحياة، فلا يتفاجأون!

أين يُمكن أن تحصل قصة من هذا النوع؟

 العراق مرشّح أكثر من غيره لأنه بلد العجائب والغرائب .. ما مِن شئ عجيب أو غريب لا يمكن تصوّر وجوده في هذا البلد، كما لو كنّا جميعاً نعيش فصلاً من فصول ألف ليلة وليلة. خذوا مثلاً: مصفى النفط في بيجي، وهو منشأة جبّارة، يتعرّض إلى تفكيك منشآته ونقل معدّاته الضخمة إلى جهات "مجهولة"، مثلما جرى في وقت "الفرهود" بعد 9 نيسان 2003 !.

 وإليكم الأدهى والأمرّ: 300 – 400 مليار دولار تختفي من خزينة الدولة على مدى عشر سنوات كما لو أنها مجرد 300 – 400 دولار فقط لا غير!

العراقي الذي "مات" في 2012 ، وهو موظف حكومي، حكى قصته عبر مواقع التواصل الاجتماعي: كان في مراجعة الى دائرة الاحوال المدنية فقيل له أنه مسجّل ميّتاً وليس في وسعهم تمشية أي معاملة ما لم يحلّ مشكلة "موته". لكنّ الحلّ في أيدي موظفي هذه الدائرة، فهم الذين أماتوه في سجّلاتهم من دون مسوّغ أو وثيقة رسمية تثبت الوفاة، والمفترض أن يعالجوا خطأهم بأنفسهم لا أن يحعلوه يدفع ثمن هذا الخطأ من وقته ومن راحته.

في بلاد أخرى، القانون يُعطي هذا الرجل الحقّ في إقامة دعوى قضائية كبرى على دائرة الاحوال المدنية، وفي طلب تعويضه عن الاضرار المادية والنفسية التي لحقت به، وهل ثمة ضرر أكبر من إماتة شخص وهو على قيد الحياة؟.. هذا العراقي كان سيحصل في البلاد الأخرى على تعويض بملايين الدولارات فضلاً عن الاعتذار الرسمي.

لكننا في العراق "العظيم" الذي من عجائبه وغرائبه الكثيرة أن الكثير من مواطنيه غالباً ما يواجهون محنة بسبب تشابه أسمائهم مع أسماء اشخاص آخرين مطلوبين للقضاء أو للاجهزة الأمنية.

لا أحد يسمّي نفسه بنفسه، ولا أحد يختار بنفسه إسم والده وجده ولقبه .. لكن في العراق "العظيم" يتحمّل المواطن العراقي كامل المسؤولية عن تشابه إسمه الكامل مع إسم شخص آخر، والحقيقة أنه يتحمّل مسؤولية فشل الدولة في ايجاد نظام يستطيع التمييز بين الاسماء المتشابهة، فمهما تشابهت الأسماء لابدّ أن يكون هناك اختلاف في إسم الأم أو الجد لجهة الأم وفي تاريخ الميلاد ومكان الميلاد.

أصبحت هذه القضية باباً من ابواب الفساد الإداري والمالي، فثمة عراقيون يُوقفون في المطارات أو عند نقاط التفتيش بين المحافظات لتشابه أسمائهم مع أسماء مطلوبين، ولا يستطيع هؤلاء الخلاص من محنتهم إلا بدفع "المقسوم".. والمقسوم هو بمئات الآلاف من الدنانير أو بمئات من الدولارات.

وزارة الداخلية التي ما انفكّ وزيرها يعلن عن خوضه حرباً ضد الفاسدين في وزارته، مطالبة  بإيجاد حلّ جذري لهذه القضية، لرفع ظلم وحيف يلحقان بمواطنين عراقيين من دون وجه حقّ، ولإغلاق باب واسعة للفساد أيضاً.