عبد المهدي واسطوانة العبادي والمالكي !/ عدنان حسين     

اليوم بعد الآخر، بل ربما ساعة بعد ساعة بالنسبة للبعض، يتراجع منسوب الأمل المعلّق على رئيس الوزراء عادل عبد المهدي وحكومته في ما خصّ التحدي الأكبر الذي يواجه مجتمعنا ودولتنا الآن والمطلب الأول لعموم الناس: مكافحة الفساد الإداري والمالي على نحو فعّال، فما من أولوية تتقدّم على هذه الاولوية.

لن نملّ القول إن الفساد دمّر كل شيء تقريباً في حياتنا، بل لم يُبق للحياة من معنى الا للفاسدين والمفسدين، ولن نكفّ أيضاًعن القول إن بقاء الفساد على حاله سيعني ألا مستقبل لنا ولدولتنا، فهو يتفاقم بمتوالية هندسية فلكية، وقد يأتي يوم، من كثرة المنخرطين في الفساد من دون حساب وعقاب ومن فرط فسادهم، الا تلحق بحركة هذه المتوالية اكثر الحاسبات تطوراً في عصر الديجيتال.

برغم كثرة الكلام عن مكافحة الفساد، لم يظهر لنا بعد رأس خيط يمكن الامساك به، فليس لدينا غير الوعد والوعيد والتهديد. الباقي هو ممّا كان معتاداً فعله والاعلان عنه في عهد الحكومات السابقة من الكشف عن حالات فساد سابقة غير ذات قيمة كبيرة واحالة اصحابها الى القضاء. حتى مجلس الفساد لا يبدو مؤسسة يمكن التعويل عليها، وقد وصفه البعض للتوّ بانه "أشبه بلجنة" فيما شبّهه نائب كردي  بالمثل الكردي الشعبي "إسم كبير وبلدة خربة"!   

كثيرون منّا يعقدون مقارنات بين تجربتنا الفاشلة في المكافحة والتجارب الناجحة في دول أخرى، وبخاصة سنغافورة وماليزيا.. البعض يتضايق من مقارنات كهذه  معتبراً أن  الفرق بيننا وبين هذه الدولة "كبير جداً".

لماذا الفرق كبير جداً؟ إنه فرق في طبيعة حكامنا وحكامهم. بخلاف حكامنا، توفرت لحكامهم الارادة الحقيقية لمكافحة الفساد فنجحوا بمعونة القانون بالدرجة الاولى. هذا ما ينقصنا، ومن اسباب النقصان فساد حكامنا انفسهم. إنهم لا يريدون المكافحة لأنها تضرّ بمصالحهم الشخصية والحزبية ولأن الغالبية الساحقة منهم متورطة في الفساد.

في الايام الاخيرة تذرّع رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، تبريراً لفشله في مكافحة الفساد وسوى ذلك، بـ"مؤامرة من قبل البعض، وعمل آخرين في ضوء أجندات أجنبية"! .. مثل هذا الكلام سمعناه كثيراً من سلفه نوري المالكي الذي يصرّ مساعدون له حتى الآن على القول إنه كان سيُقيم الجنة في العراق لولا المؤامرات الداخلية والخارجية!

العراقيون عندما يسمعون مثل هذا الكلام  يرتفع مستوى كراهيتهم لاصحابه لأنه غير صحيح.

بعد أربع سنوات قد يأتي اليوم الذي يُردد فيه السيد عبد المهدي ومساعدوه الاسطوانة ذاتها. له النصيحة من الآن ألا يفعلها لأنه لن يكسب غير عدم حب الناس له.

 مكافحة الفساد وإدارة الدولة على نحو صحيح ممكنة جداً، لكن بغير الاسلوب القائم الان الذي يتمسّك بموجبه عبد المهدي، او يقبل، بايكال الادارات العامة للدولة، بما فيها الوزارات، الى اشخاص غير مناسبين، غير كفوئين وغير نزيهين، كما لو أن الامهات العراقيات لم يلدن أبداً غيرهم أو أفضل منهم!