حملة المخابرات ناقصة../  عدنان حسين                            

الحملة  التي شرع بها جهاز المخابرات في الأيام الأخيرة للكشف عن منتسبيه، أو مدّعي الانتساب إليه والى ديوان مجلس الوزراء وسواه من دواوين الدولة العليا  من اجل الابتزاز ببيع مناصب رفيعة، هي حملة جيدة جداً ومتوجّبة للغاية، فالممارسة المستهدفة هي من الممارسات الخطيرة التي تفاقمت بمرور الايام الى ظاهرة في "العراق الجديد" (الاسلامي!)، قوقائمة منذ عهد الحكومات السابقة، وكثير من الناس، بمن فيهم إعلاميون وقادة رأي، تحدّثوا فيها بالصوت العالي، من دون فائدة حتى لخّيّل الينا أنها ظاهرة قد وُجدت لتبقى بفعل فاعل أو فاعلين داخل الدولة وخارجها برغم انفونا.

الحملة جيدة ومتوجّبة في سبيل مكافحة الظاهرة أولاً، وجيدة ومتوجّبة أيضاً لأن من حقّ الناس أن يتعرّفوا اليها عن قرب بالتفاصيل في سبيل  المساعدة في مواجهتها ومكافحتها.

لكن ثمة ملاحظات عليها فما ظهر لنا حتى الآن في إطار الحملة عدد محدود من الاشخاص ( ثلاثة أو أربعة)  يتحدثون من تلقاء انفسهم فيما المفروض ان يجري توجيه الاسئلة الاستيضاحية التي تساعد أجوبتها في كشف الحقيقة وإعلام الناس باساليب هؤلاء المجرمين في الابتزاز.

الشيء الآخر المهم الا يقتصر أمر الحملة على منتسبي جهاز واحد في الدولة، فنحن نعرف أن هنالك نظراء، وربما شركاء، لهم في سائر الوزارات والاجهزة الحكومية والنيابية والمحلية الاخرى، وأن ثمة مئة شكل وشكل للابتزاز.

هناك أيضاً بالفعل اشخاص يعملون في الدواوين العليا، وليسوا مجرد مدّعين، ويستغلّون مواقعهم لبيع الوظائف والامتيازات وتسهيل المصالح .. هؤلاء جميعاً من اللّازم ملاحقتهم وكشفهم أيضاً، فالمكافحة لا يمكن لها أن تكون وأن تنجح إذ تقتصر على "ناس وناس".

من المهم كذلك الا تنحصر الحملة في هؤلاء الاشخاص القائمين بالافعال الجرمية مباشرة، فثمة مَنْ ساعدهم في الحصول على الوثائق اللازمة وثمة من ساعدهم في الوصول الى بعض "المقامات" الرسمية .. هؤلاء من الواجب فضحهم، فبخلاف هذا سنكون كمن يعالج الحّمى أو وجع الرأس بأخذ حبوب باراسيتومول عند الاصابة بالالتهاب من دون تناول دواء مضاد  للالتهاب نفسه.