شناشيل / الكعبي ومشكلة شبكة الاعلام / عدنان حسين

ما كان يعوز النائب الأول لرئيس مجلس النواب، حسن الكعبي، وهو يدعو أول من امس مجلس الامناء لشبكة الإعلام العراقية عند اجتماعه بهم لحلّ مشكلتهم الداخلية التي وصفها بـ " الاشكالات القائمة في الشبكة، بعيداً عن الصراعات"  سوى أن ينصب له وسط حديقة الشبكة خيمة بدوية أو مضيفاً ريفياً يجلس هو فيه بين خاصّته ثم يدعو مجلس الأمناء للتوافد عليه والاحاطة به، فيما فناجين القهوة واستكانات الشاي تتوزع على الجميع قبل أن يطلب منهم عقد "مراضاة" أو صلحاً عشائرياً.

نعم، هكذا بدا لي السيد الكعبي في تصريحه الذي ربما كان مليئاً بالنوايا الحسنة، لكن النوايا من هكذا نوع لا تكفي وحدها دائما.. السيد الكعبي يريد حل مشكلة كبيرة قديمة تتعدى أعضاء مجلس الامناء جميعا الى القوى السياسية المتنفذة،   في البلاد، بطريقة: "بوس لحية أخيك.. بوس خشم ابن عمك".!.

بالتأكيد لن يفلح السيد الكعبي ولا عشرون واحدا مثله في تحقيق بغيته، مثلما لم ينجح سابقوه في الحل بالطريقة ذاتها.

مشكلة شبكة الاعلام والخلاف بشأنها ليست مشكلة دابّة تجاوزت الحدود الى حقل الغير.. انها مشكلة سياسية ومالية كبيرة جداً ، وحلها يكون سياسيا وماليا. عشرات من الاعلاميين من داخل الشبكة وخارجها ومن اهل القانون وقادة الفكر بحثوا في هذه المشكلة، كتابة وقولا، مقدمين الحلول، لكن احدا لم يستمع اليهم..

مشكلة الشبكة من جنس مشكلة الهيئات " المستقلة" جميعا.. حلها واحد، يتمثل باحترام والتزام استقلاليتها المنصوص عليها في الدستور والقوانين النافذة.

الحل ليس مستحيلا ولا متعبا .. لو لم تتجاوز الاحزاب السياسية المتشبثة بالسلطة على احكام الدستور والقوانين في هذا الخصوص ما كانت هناك مشكلة اصلا ولا كان هناك فساد ولا هدر هائل للمال العام في هذه الهيئات.. لن يكون الحل  بالإسراع بإنتخاب رئيس مؤقت جديد لإدارة الشبكة و"الإبتعاد عن الانتماءات السياسية والصراعات الداخلية للنهوض بواقع الشبكة واستقرارها" كما جاء في دعوة الكعبي.

ولن يكون الحل بان تضع لجنة الاعلام والثقافة النيابية "خارطة طريق مع مجلس امناء الشبكة خلال الأربع سنوات المقبلة، وتشخيص السلبيات والعمل على النهوض بالواقع الإعلامي للشبكة بما يضمن تفعيل دورها واستقلاليتها وتميزها على وسائل إعلام عربية وعالمية أخرى"، فالخارطة موجودة والقانون موجود والنظام موجود ومدونات السلوك ومعايير العمل موجودة .. غير الموجود هو الشرط الاساس اللازم لعمل الشبكة بنجاح، وهو استقلاليتها.

الاحزاب المتنفذة متصارعة من اجل ان تكون الشبكة وسائر الهيئات مطايا خدمة لها ومصادر استثمار سياسي ومالي .

فقط احترموا احكام الدستور والتزموا القوانين النافذة وستجدون ان عقد الشبكة قد تفككت ومشكلتها قد حلت... بل يتجدون ان مشاكل البلاد كلها قد درجت على سكك الحل.