دولة مقطوعة اللسان !  /  عدنان حسين                             

لا أظن أن أحدا قد وجد الأمر مقبولاً أو مبرّراً أو مفهوماً .. أعني بهذا ردّ فعل الدولة العراقية  حيال الجريمة النكراء لتنظيم داعش الارهابي المكشوف عنها للتوّ بعد اعلان قوات النخبة البريطانية عن عثورها في منطقة الباغوز السورية الحدودية  في الايام الاخيرة على خمسين رأساً مقطوعة لفتيات ايزيديات أختطفن واغتصبن ابان فترة الاجتياح الداعشي ثلث مساحة العراق واقامة دولته الارهابية المارقة عليه، بفضل سياسات حمقاء لحكومة كان يديرها نوري المالكي.

  • العراقيون العاديون، من أمثالي وامثال باعة الفجل واللبلبي وسواهم، كانت لهم مواقف ضاجّة حيال الجريمة، بخلاف المواقف الباردة للدولة وكبار مسؤوليها، فقد بدا كما لو أن دولتنا مقطوعة اللسان !.. هذا يعكس البون الشاسع بين وطنية أصيلة وراسخة للعراقيين العاديين ووطنية غير قابلة للترجمة السليمة للممسكين بمقدّرات البلاد، مع انهم جميعا تقريباً ينسبون انفسهم الى الدين ويتمسكون باظهار علامات الورع والتقوى والايمان، من العمائم الى اللحى الى الجبهات المحروقة والمسابح والخواتم التي تتسابق في اعدادها مع اعداد اصابع ايديهم!

أقل ما كان يتوجّب ويتعيّن على الدولة ومسؤوليها فعله اعلان الحداد العام من اجل هؤلاء الضحايا وسائر ضحايا داعش، والسياسات الحكومية الخرقاء التي استقدمت داعش ، فالرؤوس الخمسون هي لمواطنات عراقيات وليست لمجموعة نعاج.  وفضلاً عن كونهن نساء مدنيات فانهنّ من مكوّن قومي وديني أصيل وعريق. انتهاك حقوقهن وكرامتهن وحياتهن انتهاك لحقوق وكرامة وحياة كل مواطن عراقي.

كان على الدولة أن تتحلّى بالحساسية الوطنية والانسانية المناسبة حيال القضية وأن يكون ردّ فعلها صاخباً، أقلّه من أجل اثارة الرأي العام المحلي والعالمي ضد التنظيم الارهابي الذي لم يزل يتهدّدنا ويتهدّد العالم كله ولم تنته الحرب معه بعد.

مجلس الوزراء لم ينبس بكلمة في الموضوع في اجتماعه الاخير. لماذا؟ .. مجلس النواب المشغولة رئاسته بالولائم والعزائم الداخلية والخارجية في العطلة التشريعية لم يشأ أن يعكّر مزاج رئاسته، في ما يبدو، للتنديد بالجريمة! لماذا أيضاً؟

 هذا ليس فقط نقصاً، بل عيب كبير أيضاً..

في بلدان أخرىً يموت عشرة اشخاص في حادث قطار أو طائرة فتعلن الدولة الحداد العام .

ما لدولتنا تبدو مقطوعة اللسان؟!

هل لدينا في الاساس دولة، يقف على رأسها رجال دولة؟