شناشيل / لا عرس واوية .. ! / عدنان حسين                     

حتى "عرس واوية" لا ينفع ضربه مثلاً في ما حصل من اجتماع ماراثوني في القصر الرئاسي ببغداد الاسبوع الماضي. عرس الواوية، برغم ضجّته الواسعة  وصخبه العالي، مُنتج في الغالب، أما اجتماع القصر فلم يثمر عن شيء عدا "البحص"، بالتعبير الشامي، فلم تكن "الثمرة"غير كلام مُعاد ومُكرر عشرات المرات في اجتماعات من هذا النوع وغيره، ومعظم الكلام كان هذه المرة أيضاً بالصياغات نفسها تقريباً، وهذا أمر مفهوم، فالمجتمعون لم يعد لديهم من جديد يقولونه ويفعلونه بعد خمس عشرة سنة من تولّيهم مقاليد الامور في البلاد، وبعضهم مسؤول مسؤولية مباشرة عن ذلك.

المجتمعون في معظمهم من صنّاع التجربة الفاشلة هذه ومن منتجي المشكلة المتواصلة والمتفاقمة ذاتها، والمنطق يقول أنهم لن يكونوا صنّاعاً للنجاح والحلّ الا بشروط مختلفة وظروف أخرى.

عقد اجتماع "وطني تشاوري" لتحديد "رؤية وطنية تلبّي وتعزّز مساعي النهوض بواقع العراق"، على وفق ما جاء في الاعلان عنه "، كان ولم يزل وسيبقى أمراً مطلوباً بالحاح نسبةً الى الحاجة الماسّة اليه في ظروف العراق الكائنة والتي كانت والتي ستكون، لكن اجتماع الاسبوع الماضي لم يكن كذلك أبداً، والدليل اننا لم نسمع شيئاً جديداً وأن الاجتماع لم يرسم بؤرة ضوء جديدة في نهاية النفق، فما كان هناك غير الكلام المنمّق المتداول في كل اجتماع ولقاء من هذا النوع، والواقع انه لم تكن للاجتماع من نتيجة غير الأكل والشرب وتبادل الكلام الشبيه بسوالف المقاهي، من دون استبعاد عقد صفقات سياسية ومالية.

ليكون الاجتماع منتجاً أو مثمراً كان يلزمه، في ما يلزمه، إعداد ورقة تتضمن جدول أعمال وخارطة طريق تتحدّد فيهما طبيعة المشكلة أو المشاكل المراد بحثها، والمسار المقترح لهذا البحث بما يفضي الى اقتراح الحلول وتعيين الالتزامات ثم سبل الوفاء بها على وفق جدول زمني محدد، واعلان ذلك كله للرأي العام.

  الاجتماع انعقد وانتهى ولم يعرف الشعب العراقي ما الذي سيحصل بالتحديد على صعيد  مواجهة الخطر المتجدّد لتنظيم داعش الارهابي وما الذي سيكون على صعيد مكافحة الخطر المتمدد للفساد الاداري والمالي وعلى صعيد معالجة نظام الخدمات العامة المنهار وعلى صعيد حلّ مشاكل الاقتصاد الوطني، وعلى صعيد الازمة السياسية وبخاصة أزمة استكمال تشكيل الحكومة، وعلى صعيد تشريع القوانين المتوجّب سنّها بحسب تعهدات مجلس النواب والحكومة الحاليين وما سبقهما من حكومات ومجالس.

لم نسمع أيضاً أي تعهد بان مجلس النواب الحالي الذي اثبت حتى الآن انه افشل مجلس، وهذا ما يرجع سببه الاساس الى ضعف إدارته الناجم عن ضعف رئاسته، سيعمل بطريقة مختلفة ولا يعود مجلس تنابلة ( يعقد جلساته بعد الظهر، وتهتم رئاسته ولجانه بالمصالح الشخصية وبالسفرات الخارجية وبالمناكفات والصراعات الشخصية والحزبية اكثر من الاهتمام بأحوال الناس وبما يتعيّن على مجلس النواب أن يفعله لتحسينها)!.

ما كنّا في حاجة لا الى عرس واوية ولا الى لا عرس واوية. حتى الذين اجتمعوا ما كانوا في حاجة الى هذا لأنهم فقدوا هذه المرة أيضاً المزيد من رصيدهم،إن كانوا يعدون انفسهم من اصحاب الارصدة (الشعبية لا المالية)، فاجتماعات كهذه لن تكسبهم أي احترام، ويكذب عليهم كذباً شديداً مَن يبلغهم بغير هذا!