كافحوا الفساد الأكبر قبلاً .. ! / عدنان حسين                    

بعد القرارالحكومي بفرض الحظر على مواقع الافلام الإباحية في شبكة الانترنت، نأمل من اليوم فصاعداً أن يأوي الفضلاء والدعوتيون والحكماء والمجلسيون والاخوان المسلمون والافتائيون (جماعة دار الافتاء المزعومة) وسواهم من جماعات الاسلام السياسي، الى مضاجعهم من دون أن تقضّها صور ان يكون ابناؤهم وبناتهم وسواهم يختلسون الفرص في الغرف المجاورة لمشاهدة هذه الافلام التي بحجة حظر مواقعها، صوناً لمكارم الاخلاق ، عملوا على تشريع قانون مترامي الأطراف لتقييد حرية التعبير في  العراق.

ومن اليوم فصاعدا نأمل أيضاً، بعدما حقّقوا مرادهم ومرامهم، أن يمنحوا بعض جهدهم الفكري والعضلي والسياسي لمكافحة الفساد الأكبر، الاداري والمالي، فالمفترض ان هذه مهمة هيّنة جدا بالنسبة لهم لأنهم جميعا طرف في هذه القضية - المشكلة، ساهموا في ولادتها وفي تنشئتها وتسمينها الى درجة التغوّل عبر وزرائهم ووكلائهم ومدرائهم العامين وغيرهم من كبار مسؤولي الدولة الذين عيّنوهم في مناصبهم واتفقوا معهم على تشكيل وادارة "اللجان الاقتصادية" المتخصصة بنهب المال العام وتكديس الثروات لصالح الاحزاب وزعاماتها على حساب ابناء وبنات الطائفة والقومية والوطن.

 عملياً لن يحقّق قانون الحظر مبتغى الإسلام السياسي منه، فمهما طغت وزارة الاتصالات وتجبّرت وتنمّرت لن يكون في وسعها فرض الحظر التام والشامل على مواقع بث المواد الاباحية وغيرها، فالشباب خصوصاً، لديهم معرفة وقدرة على اختراق الحظر بوسائل واساليب يتقنونها جيداً.

على الدوام لم تكن سياسات الحظر فعّالة. قبل عشرات السنوات كانت الانظمة الشمولية تشوّش على البرامج الاذاعية والتلفزيونية "المعادية"، لكن دائما ظلّت هذه البرامج تصل الى شرائح واسعة من المقصودين بالحجب، وفي زمن البث الفضائي انهارت  "أسوار برلين" كلها وصارت سياسات الحظر تكلّف الحكومات والشعوب أموالا طائلة من دون فائدة ، فضلاً عن الكُلف السياسية والاجتماعية لها.

الآن غدا العالم كله أصغر من قرية..  أصبح مجرد دربونة صغيرة، ولم يعد ثمة طائل من أي حظر. العراق لن يكون استثناء. العراقيون يسافرون الى مختلف بلدان العالم بالملايين سنوياً، وبوسع أيّ منهم أن يحمل من واحد الى عشرة في الأقل من مخازن الذاكرة الالكترونية التي يمكن للواحد من بعضها تحميل وخزن عشرات الافلام  والبرامج  الجيدة او السيئة. سيتعيّن على الحكومة لمكافحة هذا الامر تعييين الالاف من الاشخاص والمئات من نقاط التفتيش على الحدود! وهو ما لا يمكن تطبيقه، فيتحول القرار الحكومي بذلك الى مصدر تجارة مربحة للغاية يغري بها تفشي البطالة والفقر في البلاد (بسبب الفساد الأكبر الذي تديره أحزاب الاسلام السياسي)، على غرار تجارة المخدرات التي لا تعرف الحكومة الان كيف تغلق مساربها المفتوحة على مدار الساعة بعدما فشلت كذلك في مكافحة تجارة الخمور، باسم "صون مكارم الاخلاق" أيضاً!

الاجراء الحكومي الجديد لن يُكتب له النجاح ابداً.. الذين يريدون مكافحة الرذيلة،عليهم اولاً وقف فساهم الأكبر الاداري والمالي، وتقديم القدوة الحسنة الى المجتمع... عليهم اصلاح نظام التربية والتعليم والخدمات الاجتماعية وترقية النظام الثقافي والمعرفي..

كل ما عدا هذا باطل ومضيعة للوقت والمال.