لا بأس أن نتذكر ليتَّعظ البعض من عبر ودروس الماضي القريب:

في السبعينات من القرن الماضي وتحديداً منذ ارتباط حزبنا الشيوعي العراقي بعلاقات تحالفية رسمية مع حزب البعث في عام 1973 , كانت قيادة منظمة إقليم كوردستان مضرب المثل في الإستقامة والنضال وقيادة الجماهير والبعد عن الفساد، وكانت لديهم رؤية أخلاقية , وطنية , اممية لإدارة المنظمة وصلتها بالجماهيربشكل عام والطبقة الكادحة بشكل خاص .كانت المنظمة  تُحرك الجماهير الشعبية لتأخذ قضيتها بيدها , وتسعى جاهداً لتحقيق مطامح شعبنا المشروعة والاهداف الاساسية لنضال قواه الوطنية  رغم العوائع والصعوبات والكوابح  .

 ورغم كل الاغراءات السخية ظلت اغلب قيادة الإقليم وكوادره أعفّة حيال إغراءات السلطة وامتيازاتها. ولا ابالغ عندما اقول كشاهد عيان , إن اغلبية قادة وكوادر منظمة إقليم كوردستان  كانوا يسكنون في بيوت لاتحرسها قوات مسلحة من عناصرالحزب ، بل في مساكن عادية وبسيطة مؤجره. كانوا دائما وسط الجماهير ويجالسون العامّة، ويتمشىون ويتفقدون أحوال الناس بدون حماية, يلتقون بالمواطنين في الشوارع والمقاهي , ابواب بيوتهم كانت مفتوحة على الدوام ويستقبلون عامة الناس بدون مواعيد , كانوا متواضعين  جداً في ملبسهم وطعامهم.كانوا يستخدمون المواصلات العامة , ولا يملكون سيارات شخصية.  وكان الفساد  أكبر الكبائر. واتضح ذلك جلياً بعد ترك قسم منهم وظائفهم الحكومية او بعد احالتهم إلى التقاعد بقرار من مجلس قيادة الثورة وبتوقيع احمد حسن بكر, ومنهم الشهيد عادل سليم , القائد الذي لم يكن يمتلك قصراً أو عقاراً أو مزرعة أو رصيداً في مصرف عراقي أو عربي أو أجنبي ، وكل ثروته بعد استشهاده  كانت 5 دنانيرأي ما يعادل 15 دولار تقريباً,على الرغم من ان والده الحاج سليم ملا مصطفى كان من كبار تجار اربيل المعروفين , إضافة إلى انه شغل منصب أمين عام وزارة النقل والمواصلات بدرجة الوزير من 1974 إلى 1977 , اضافة إلى مسؤوليته الحزبية في قيادة الشيوعي العراقي .

للتاريخ اقول ,أن اغلبية  الكوادر القيادية  في منظمة إقليم كوردستان كانوا مثالاً للنزاهة والأمانة  وعنواناً للبساطة والتزهد واتضح ذلك للجميع بعد انتقالهم إلى المعارضة واللجوء إلى العمل الانصاري والكفاح المسلح في جبال كوردستان ضد ( الحليف العدو) . نعم هكذا كانوا قادة الامس , الذين كانوا بحق مناضلين ونزيهين ولسان حال كل واحد منهم يقول ما قاله الأمام علي بن ابي طالب : ( أتيتكم بجلبابي وثوبي فإن خرجت بغيرها فأنا خائن) .

على الرغم من أن الشيوعي العراقي خسر خيرة كوادره واعضاءه في هذه المرحلة التي سميت بمرحلة ( الجبهة المشؤومة ) على اثرالاجراءات الارهابية ونهج البعث الممنهج للقضاء على الشيوعي العراقي ومنظماته وجماهيره ( حسب الوثائق الرسمية الصادرة من البعث) ، إلا ان الاستقامة الأخلاقية والنزاهة اللتين اتسم بهما أعضاؤه وقياداته أبقتا احترام الناس له .

ويبقى السؤال الأهم :

على الرغم من نهج حزب البعث الذي كان يتسم في الواقع العملي بالارهاب البشع وبرغم الاجواء الملغومة التي كانت منظمة إقليم كوردستان ـ حشع ـ تتحرك في اطارها , إلا ان قيادة المنظمة كانت في المقدمة وتعمل  بين الجماهير وتُعبر عن الامها ومطاليبها الحقة .

 لم تكن القيادة حبيسة الغرف المغلقة  اطلاقاً, بل كانت تعمل في جميع مواقع العمل والنضال .وكانت صلاتها تتوسع يوماً بعد يوم مع ابناء شعبنا .

 نعم ..رغم الارهاب المبطن منذ عام  1973 تجاه حزبنا الشيوعي العراقي , إلا ان منظمة إقليم كوردستان كانت منظمة فاعلة وقوية وجماهيرية  بحق و تمثل الحزب الشيوعي العراقي في عموم كوردستان وكانت لها ثقلها الجماهيري الكبير .

اسأل : أين اليوم دور ونضال (وريث منظمة  إقليم كوردستان للحزب الشيوعي العراقي) , أين موقعهم  ودورهم في النضال ضد الاضطهاد الطبقيّ والإستغلال الاقتصادي وضد  نظام الحكم الأوليغارشي الكوردي الذي يُقاد ويوجه من قبل حفنة صغيرة من الاشخاص الفاسدين والانتهازيين والطفيليين والمنتفعين الذين يحوزون على مجمل ثروات وسلطة الإقليم ويستغلوننا ويضطهدوننا جميعاً بدون إستثناء ويفرضون حكمهم المستبد علينا ,نعم حكمهم المستبد والمبني على المتناقضات والاوهام والكذب والخداع وتحت اسم الهوية القومية ؟

اسأل بصوت واضح وصريح : أين وريث منظمة  إقليم كوردستان للحزب الشيوعي العراقي ؟