ويريد ولاية ثانية..!!! / عدنان حسين                                          

الآن فقط يُقرّ بأنه غير قادر على مكافحة الفساد الإداري والمالي، بعدما ظلّ الليل والنهار على مدى أربع سنوات يضرب على صدره متعهّداً باجتثاث الفساد من جذوره، ويهدّد الفاسدين بالسجن أو إعادة الاموال التي نهبوها..!

 رئيس الوزراء حيدر العبادي ضجّ الأثير بتعهداته أكثر من كل سابقيه من رؤساء الحكومات. كان يقول إن الفساد والإرهاب وجهان لعملة واحدة، وإنه ما أن ينتهي من الحرب ضد داعش حتى يبدأ حرباً مثيلة ضد الفساد، واعداً بنصر على هذه الجبهة يشبه النصر المتحقّق في جبهة الحرب ضد داعش.

الآن يتراجع  السيد العبادي ويقول إن الحرب ضد الفساد أصعب من الحرب ضد داعش!..

 كيف؟

 مثلما يفعل معلمو الابتدائية، يرسم العبادي بيديه - وهو يتحدّث الى ما وُصِف بأنه وفد من شيوخ ووجهاء محافظة ذي قار التقاه في بغداد يوم الخميس - خطوطاً مستقيمة ودوائر ليوضّح فكرته، أو بالأحرى ليبرّر انسحابه غير المنظّم أمام الفاسدين، قائلاً إن داعش كان يقف في خطوط معلومة وواضحة أمام القوات العراقية التي تهاجمه وتخترق خطوطه، أما الفساد فليس له جبهة واضحة .. أي أنه متغلغل في كل أركان وزوايا الدولة والمجتمع!

كلام العبادي هذا غير صحيح بالطبع، هدفه التضليل في الواقع، فجبهة الفساد مُحدّدة وواضحة، والفاسدون والمُفسدون معروفون بالأسماء والعناوين وبمقادير الأرصدة التي نهبوها من المال العام  والخاص .. تقارير ديوان الرقابة المالية الفصلية والسنوية تحفل بالوقائع الموثّقة لحالات الفساد والإفساد في وزارات الدولة ومؤسساتها قاطبة. تقارير وقرارات هيئة النزاهة مثقلة بأسماء الفاسدين والمُفسدين وبالوثائق والتفاصيل المملّة وغير المملّة  لفسادهم، ومثلها أيضاً تقارير ومذكّرات اللجان البرلمانية المختصة: النزاهة والمالية والاقتصادية، وسواها. السلطة التنفيذية التي يقودها السيد العبادي كانت دائماً المعرقل الأكبر للاجراءات القضائية والتنفيذية المُفترض اتّخاذها في حق الفاسدين والمُفسدين. رئيس هيئة النزاهة السابق الذي استقال منذ أسابيع (تقدّم بطلب الاستقالة قبل نحو سنتين) إنّما فعل ذلك لأنه وجد أن السلطة التنفيذية ورئيسها لا يريدان، عن سابق إصرار وترصّد، أن ينبثق ضوء في نهاية نفق الفساد.

السيد العبادي - كما سلفه زعيم حزبه نوري المالكي - يريد لمكافحة الفساد أن تجري على هواه .. رؤوس الفساد الكبيرة لا ينبغي ازعاجها والتحرّش بها، لمصالح سياسية وشخصية.

بخلاف الذين يقولون إن العبادي ضعيف الشخصية، غير قادر على اتّخاذ القرار الحازم والحاسم، أثبت في الايام الأخيرة أنه غير ذلك تماماً .. هذا القمع المُفرط السافر الذي واجهت به قواته المحتجّين السلميين المُطالبين بلقمة العيش والكرامة الانسانية وبوضع حدّ للفساد المهول، يقف وراءه شخص ذو قرار حازم وحاسم، هو القائد العام للقوات المسلحة الذي لابدّ انه هو مَنْ أمر قواته بأن تضرب المتظاهرين بيد من حديد ونار وغاز.. لا يمكن أن تكون هذه القوات قد تصرّفت بكل هذه الوحشية من تلقاء نفسها ..

العبادي يسعى للتعويض عن خذلانه في إدارة الحكومة ومكافحة الفساد برفع وتيرة القمع ضد الشعب المطالب بحقوقه الأساس.

ويريد ولاية ثانية..!!!