شناشيل - أبوات الصلابيخ ..! / عدنان حسين                      

ليس لكلمة "صلبوخ" (جمعها: صلابيخ) في معجم اللغة سوى معنيين، الأول أن صلبوخ قرية بالمملكة العربية السعودية تقع الى الشمال الغربي من الرياض، والثانية أنها الحجر الصوان الذي كان يُضرب بعضه ببعض لاستخراج الشرر اللازم لاشعال النار في الأزمنة الغابرة.

العراقيون أضافوا معنى ثالثاً. الصلبوخ عندهم الكذبة الكبيرة أو الثقيلة، و"أبو الصلابيخ" هو الكذّاب الأشرّ. ربما يعود ذلك إلى أن العراقين ابتليوا دائماً بحكّام كذابين من العيار الثقيل، تفاقم عددهم في عهدنا الزاهر الحالي (!)  فلدينا الآن أبوات صلابيخ بما يفوق عدد الاحزاب والجماعات والميليشيات الذي ينافس عدد الشعر في الرأس.

قبل أربع سنوات، عشية الانتخابات لبرلمان 2014 وقبلها بأربع سنوات، عشية انتخابات 2010 وبينهما وبعدهما، قذفنا عدد وفير من زعماء هذه الاحزاب والجماعات والميليشيات بجملة من الصلابيخ الكبيرة: تعديل الدستور، تشريع قوانين بناء الدولة المؤجلة، الاصلاح السياسي والإداري، التخلّي عن نظام المحاصصة ومكافحة الفساد الاداري والمالي وتصدير الكهرباء الى الخارج بعد تأمين الحاجة المحلية، وتوزيع حصة لكل مواطنة ومواطن من عوائد النفط.....الخ.

إلى اليوم لم يزل أبوات الصلابيخ  يتمسّكون بكامل الوقاحة ليواصلوا قذفنا بصلابيخهم كل صباح ومساء. وأكبر الصلابيخ المتداولة الآن أن الاحزاب وقياداتها وزعاماتها  ليست مهتمّة أبداً بمَنْ سيكون المرشح لرئاسة الحكومة أو رئاسة الجمهورية أو رئاسة مجلس النواب، منها أو من غيرها، إنّما المهم لديها البرنامج الذي سيتعهد رئيس الوزراء القادم وحكومته بتنفيذه، لكن أبوات الصلابيخ لم يطرحوا البرامج التي يريدون للحكومة المقبلة ورئيسها أن يلتزما بتنفيذه، بل إنهم يصرّون على ما تشبّثوا به دائماً في الماضي .. الاحزاب الشيعية لا تقبل بأن تذهب رئاسة الحكومة الى غيرها، حتى لو كان ملاكاً طاهراً، وكلّ منها يعلن أنه صاحب الحق والجدارة بالمنصب في السنوات الأربع المقبلة، وربما السنوات الأربع التالية أيضاً كما فعل ويفعل حزب الدعوة الإسلامية الراغب في أن يبقى في السلطة المدة نفسها التي كانت لحزب البعث. وكذا الأمر بالنسبة للحزبين الكرديين الرئيسين المتمسكين برئاسة الجمهورية، وبالنسبة للجماعات السنية المتصارعة على رئاسة مجلس النواب لتكون ليس فقط سنية وإنما أيضاً وحصراً كربولية أو حلبوسية أو تبقى جبورية أو تعود نجيفية .. !

واضح، كما قرص الشمس، أن أبوات الصلابيخ لا يريدون لنظام المحاصصة أن ينتهي برغم كل صلابيخهم شديدة الوطأة التي يوجهونها الى رؤسنا كحجارة من سجّيل. الابقاء على نظام المحاصصة يعني عدم تعديل الدستور، ويعني عدم تشريع قوانين بناء الدولة، ويعني عدم مكافحة الفساد الإداري والمالي، ويعني عدم هزيمة الإرهاب هزيمة نهائية، ويعني عدم قدرتنا حتى على سدّ حاجتنا من الكهرباء وماء الشرب والأكل النظيف والدواء الشافي والسكن اللائق بالبشر.. إلى آخر السلسلة اللعينة التي انتجتها العملية السياسية الفاسدة التي يصرّ الاسلام السياسي الفاسد على أن يكون ويمكث في قلبها حتى استنزاف آخر بترودولار!