شناشيل / رؤوس بحجم الكرة الأرضية.. ! / عدنان حسين

يحتاج الواحد منّا الى رأس بحجم الكرة الارضية كيما يستوعب ويفهم ما صار ودار منذ 19 أيار الماضي حتى 9 آب الجاري.

في 19 أيار أعلنت المفوضية العليا للانتخابات (غير المستقلة أيضاً كسابقاتها لأن أعضاء مجلسها اختيروا على وفق نظام المحاصصة الحزبية كذلك) نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت قبل ذلك بأسبوع، وفي الحال تفجّرت قنابل الاعتراضات والطعون على نحو أشدّ ممّا كان يحصل مع الانتخابات السابقة، فانخلق جو عام في البلاد بأن عمليات تزوير مهولة قد جرت، المسؤول عنها مرّة نظام الاقتراع والعدّ والفرز ومرّة المفوضية نفسها ومرّة الاحزاب والقوائم المتنافسة التي لها نفوذ طاغ في المفوضية وفي الأجهزة الإدارية.

عدد المعترضين من المرشحين الخاسرين والقوائم والأحزاب كان بالمئات، وما زاد الطين بلّة أن مجلس النواب نفسه تقدّم صف المعترضين، مع أنه هو الذي شرّع قانون الانتخابات وقانون المفوضية واختار النظام الالكتروني للاقتراع والعدّ والفرز بديلاً عن النظام اليدوي المتّبع سابقاً، وهو الذي شكّل المفوضية على وفق نظام المحاصصة ورفض أن تكون مستقلة كما يحكم الدستور، بل رفض حتى فكرة تطعيم المفوضية بقضاة مستقلّين الى جانب الاعضاء المُختارين من الأحزاب المتنفّذة، كما انه أجرى تعديلاً على القانون لينحّي مجلس المفوضية ويشكّل مجلساً مؤقتاً من القضاة حصراً دون غيرهم وألزم هذا المجلس بإعادة العدّ والفرز يدوياً بعدما شكّل لجنة تحقيقية أكد تقريرها ارتكاب عمليات تلاعب وتزوير كبيرة.

الأنكى أن الحكومة هي الأخرى شكّلت لجنة أظهر تقريرها أن عمليات التلاعب والتزوير كانت كبيرة وخطيرة.

في 9 آب الجاري أعلنت مفوضية القضاة النتائج النهائية للانتخابات بعد اتمام عمليات العدّ والفرز في المراكز التي طالتها الاعتراضات. النتائج التي توصّلت اليها هذه المفوضية جاءت متطابقة تقريباً مع النتائج التي أعلنتها المفوضية المنحّاة بتغيير طفيف للغاية لا يدلّ على أي تلاعب أو تزوير، إنما على خطأ فني ضعيف الأثر!

النتيجة التي خلصت اليها مفوضية القضاة تثير الأسئلة والشكوك أكثر ممّا تجيب على الاسئلة والشكوك المنطلقة بعد ظهور نتائج الانتخابات في 19 أيار.

كيف حصل كلّ ذلك الكمّ الهائل من الاعتراضات؟ وعلامَ استند المعترضون في اعتراضاتهم وشكاواهم؟ وأية أدلة حملت لجنة التحقيق البرلمانية ولجنة التحقيق الحكومية على الحكم القاطع بحدوث عمليات تلاعب وتزوير؟ وما تفسير الحرائق والهجمات التي تعرّض لها عدد من مخازن الصناديق الانتخابية؟

هل كان ذلك كله مجرد لعبة سياسية من ألاعيب القوى المتنفّذة التي لا عدّ لها ولا حصر؟ أهي زوبعة في فنجان مقصودة؟ أم أن ثمة مؤامرة من وراء ذلك كلّه يراد منها القول بأن كلّ الكلام الذي يُقال عن عمليات تلاعب وتزوير في الانتخابات منذ بدئها في العام 2005 حتى اليوم لا أساس له من الصحة، وبالتالي فإن الطبقة السياسية المتنفّذة التي يثور الشعب العراقي في وجهها اليوم، وفي السابق أيضاً، احتجاجاً على فسادها الواضح البيّن، هي طبقة نزيهة ونظيفة ووطنية؟

لاثبات أن الأمر ليس كذلك، تحتاج مفوضية القضاة الى أن تقدّم لنا تفاصيل التفاصيل عمّا قامت به.. كيف نظرت في الاعتراضات وكيف تحقّقت من أدلتها وكيف جرت عملية العدّ والفرز يدوياً... الى آخره. بخلاف هذا سيظل الشكّ قائماً حيال المفوضية وعملها، وسنحتاج الى رؤوس، الواحد منها بحجم الكرة الارضية، لنستوعب ونفهم..!!