بعد عشر سنوات من التخبط  في مشروع اللادولة الذي تخوض فصوله على أرض العراق أحزاب وجماعات تناسلت من رحم الخراب، يبرز سؤال الهوية الوطنية للعراقي أكثر من أي سؤال آخر. رغم أن الساحة السياسية مترعة اليوم حد التخمة بأحزاب وجماعات وكتل وعشائر وطوائف وعصابات كلها تلهج بالوطنية وبالعراقية عنواناً لها بما فيها الجماعات الإرهابية التي تقتل الناس بالجملة في الشوارع... لكن أي من هذا الطيف المتصارع على الغنيمة ليس بمقدوره حمل هذا اللواء والسير به قدماً، الجميع أحزاباً وعصابات متورطون بأبشع أنواع الدجل وهم يخوضون صراعهم على الغنيمة تحت واجهة صراع طائفي مقيت مبني على ارث ماضوي لم يكن قابلاً للحلحلة في زمنه ما بالك الآن. الجميع يسير قدماً بمفردات هذا الصراع العدمي وهو ينتقل بهم من مرحلة إلى أخرى حتى بات خيار التقسيم وتفتيت البلد خياراً يتسم بشيء من المنطق. لكنه الخيار الذي سيكون الجائزة الكبرى التي ستحصل عليها دول محيطة بنا تتهيأ لتوسيع دائرة نفوذها.. إيران.. تركيا.. السعودية

من هنا تأتي أهمية الالتفات إلى الدور المفترض الذي على الحزب الشيوعي العراقي أن يقوم به. ليس لأن المناسبة هي احتفالاً بتاسيس هذا الحزب.. بل لسبب أكثر وجاهة من هذا.. أنه الحزب الوحيد وأكرر (الوحيد) المتبقي في الساحة السياسية الآن الذي لا تشوبه شائبة الطائفة أو القومية أو العرق.. الحزب الوحيد المتورط بعراقيته. حتى باتت هذه العراقية نقطة ضعفه الواضحة في حملات التجييش والتحشيد التي قامت وما زالت تقوم بها أحزاب وجماعات الفجيعة العراقية وهي تنجح نجاحاً منقطع النظير..  ولنا في التجارب الانتخابية التي حصلت شاهداً.

ومن هنا بدأنا نلمس بدايات تحرك حقيقي يريد الانتقال بالحزب من نشاط الغرف المغلقة إلى أنشطة الفضاء المفتوح.. من الاحتجاج المهموس الى الصراخ بصوت عال.. لقد شاهدنا نجاح الحزب في حشد الحضور والتأييد لمهرجان (طريق الشعب) وقد أقامه للمرة الأولى على حدائق ابي نؤاس بحضور ملفت سواء للزائرين أو للمشتركين من وسائل إعلام مختلفة.. الأمر الذي يؤشر إلى إمكانية إعادته في السنة القادمة بما يجعل منه تقليداً عراقياً وطنياً على نمط (مهرجان اللومانتيه) تلك الفعالية التي دامت وما زالت متحولة من مهرجان حزبي إلى مهرجان فرنسي وطني.. كما شاهدنا الاحتفال الجميل على ذات الحدائق لمناسبة تأسيس الحزب كذلك كان الحضور ملفتاً.. وأظن أن هذه الحدائق وغيرها من ما تبقى من متنزهات وحدائق البلد أمكنة مناسبة لجمع الناس وقول ما يريد قوله. لقد احتلت جماعات الاحتراب الطائفي الجوامع والحسينيات ومنابر الإعلام الفضائي ومعها كل فضاءات المدن وهي تسعى للجييش والتحشيد لمشاريعها الطائفية. كذلك نشاهد وبشكل واضح أن جسد الحزب بدأ يتسم بالحيوية جراء دخول أعداد واضحة من الشباب إليه.. صرنا نشاهدهم في الاحتفالات وفي المناسبات وفي وسائط التواصل الاجتماعي الالكترونية.. إذن لقد خرج الحزب من غرفة العناية المشددة كما قالها يوماً وبتهكم أحد المتربصين وهو يذكّر (ومعه حق بالطبع) أن أغلب منتسبي الحزب هم من الكهول الذين حطمت أجسادهم سنوات النضال القاسي والشرس الذي خاضوه ضد دكتاتورية البعث وأن مسألة بقاءهم على قيد الحياة ومن ورائهم الحزب ما هي إلا مسألة وقت. من المؤكد أن الطريق لم يزل طويلاً والعقبات والعوائق لم تزل شاخصة. الأمر الذي يضع على عاتق قيادة الحزب بالدرجة الأرأس وعلى كافة الشيوعيين تحقيق أحد الاهداف المنتظرة منذ زمن طويل.. اقصد به هدف إعادة لحمة الشيوعيين. أن يوجد وسائل للحوار أكثر مرونة وتفهماً وبعداً عن الصاق الاتهامات الجاهزة مع جمهرة كبيرة من أقرب الناس إليه الشيوعيين الذين اعتزلوا العمل الحزبي لأسباب مختلفة أو الشيوعيين الذين أوجدوا لأنفسهم أطراً سياسية جديدة للعلم لكنها في عمومها يسارية – ديمقراطية.. المنطق يقول أن هؤلاء هم أقرب الآخرين إلى مشروع الحزب الوطني.

المجد لنضال الشيوعيين العراقيين

الذكر الطيب والخلود لشهداء العراق من الشيوعيين والوطنيين

عاش الحزب الشيوعي العراقي

ملتقى الأنصار- البيشمركة/ هولندا