وداعا الرفيق النصير الفنان لطيف حسن (أبو واثق)

ببالغ الحزن والأسى ينعى فرع رابطة الأنصار الشيوعيين في الدنمارك الرفيق النصير الفنان لطيف حسن ( أبو واثق) الذي وافاه الأجل في أحد مستشفيات مدينة أودينتسا / الدنمارك صبيحة اليوم الاثنين ٦ كانون الأول ٢٠٢١.

والنصير الفنان من مواليد ١٩٤٥ ، انتمى للحزب الشيوعي العراقي منذ سنوات شبابه المبكرة وكان نشطا في اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي وساهم بمهرجانين عالميين في صوفيا ١٩٦٨ وبرلين ١٩٧٣ وكان عضوا في فرقة المسرح الفني الحديث منذ أوائل ستينيات القرن الماضي وشارك في العديد من انتاجاتها ممثلا وفنيا ومارس الكتابة في الصحافة العراقية .

غادر العراق بعد هجمة النظام الدكتاتوري الفاشي على الشيوعيين والديمقراطيين عام ١٩٧٩ وتعددت محطات غربته في بلغاريا واليمن الديمقراطي وسوريا وأخيرا في الدنمارك.

التحق الرفيق أبو واثق بقوات أنصار حزبنا الشيوعي في كوردستا ن منذ بداياتها المبكرة عام ١٩٨٠ وعمل صحفيا في الاعلام المركزي وفي إذاعة صوت الشعب العراقي منذ أوائل ايام بثها .. وفي الغربة عكف على كتابة سلسلة مقالات كرسها لتاريخ المسرح العراقي ، وكتب الكثير من المقالات التي توثق نشاطات المسرح الأنصاري وأصدر كتابا توثيقيا مهما ( الصحافة الدفترية للأنصار الشيوعيين  ١٩٨٠-١٩٨٨) – ببليوغرافيا لصحافة فقدناها للأبد. هذا إضافة لكتابته لعدد من المسرحيات واخراجه لها في قواعد الأنصار منها اعداده لـ (ضجيج الغجر) عن بوشكين .

كان لطيف حسن مثالا للرفيق والكاتب والفنان الملتزم والذي يعمل بصمت ومثابرة ..سيبقى للأبد في قلوب ووجدان رفاقه ومحبيه .

أحر التعازي الى عائلة الفقيد والى ابنته سارة ولرفاقه الأنصار وزملائه الفنانين والمثقفين العراقيين .

                                فرع رابطة الأنصار في الدنمارك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وداعا رفيقنا العزيز لطيف حسن/ ابو واثق

تعرفت على النصير (ابو واثق) في كردستان، وكان لقائي الاول به في (حوض بشتاشان) حيث يبعد فصيل الاعلام عن المدفعية فقط عشرات الامتار، ثم تكررت لقاءاتنا في قواطع الجبل الاخرى وهي كثيرة. كان هادئا وهامسا وزاهدا ولطيف الكلام والمعشر، وكان يقوم بالاضافة الى مهماته كنصير (حراسات وخفارات وتحطيب وغيرها...)، بمهمة محرر في صحافة الحزب واذاعة صوت الشعب العراقي، وكان طيلة السنوات التسعة التي امضاها هناك، يتابع باهتمام كبير جميع التفاصيل والاحداث اليومية للانصار، وهو في رأيي افضل من جمع المواقف والقصص والخواطر والقصائد والصور والذكريات الانصارية.

عندما استقر في الدنمارك، كتب العديد من المقالات والبحوث والذكريات، وكان ابرزها ((فصول من تاريخ المسرح العراقي))، وهي مجموعة مقالات تتوزع على  24 فصلا، خصصها لتاريخ المسرح منذ بداية دخوله الى العراق في العام 1880 او قبل ذلك بقليل وحتى العام 2003. وتحتوي هذه الكتابات على الكثير مما لا نعرفه عن المسرح العراقي، بالاضافة الى روّاده وشخصياته ومبدعيه وامكنته ومؤسساته وعوامل نجاحه والعراقيل التي واجهته.

وافرد فصلا خاصا لمسرح السجون تحت عنوان ((مسرح السجون المنسي))، تطرق فيه الى دور الحزب الشيوعي العراقي واليسار عموما في احتضان المسرح حتى داخل قاعات السجون، فمثلما حوّل الشيوعيون غرف السجن الى مدارس للفكر والثقافة، حوّلوها ايضا الى مسارح. وفي بداية الخمسينات كما يذكر الراحل، كان يُخصص شهريا ثلاثون دينارا من مالية السجناء الحزبية في (سجن الكوت)، تحت باب (صرفيات الندوات والنشاط المسرحي)، وفي سنة 1953 عرضوا في السجن مسرحية (المفتش العام)، ومسرحية (بزوغ القمر)، وذلك قبل ان تُعرض هاتان المسرحيتان خارج السجن بعشرة سنوات تقريبا، بالاضافة الى مسرحيات يوسف العاني وشهاب القصب الانتقادية الساخرة ذات الفصل الواحد.

امّا في ما يخص حركة الانصار، فقد كتب النصير ابو واثق العديد من النصوص في مبحث بـ 68 صفحة، تحت عنوان ((حركة الانصار الشيوعيين (1979_ 1988) ما لها وما عليها))، تناول فيها حياة الانصار بشكل عام، وحياتهم الثقافية بشكل خاص، وقد تابع الكثير من نشاطاتهم واماسيهم السياسية والترفيهية والاستذكارية، بالاضافة الى الابداع الانصاري الغزير في مجال الرسم والفن التشكيلي وكتابة النصوص الادبية من خواطر وقصص وقصائد، وفي ميدان المسرح، فقد أستطاع ان يتابع ويسجل ما يقرب من 96 عرضا مسرحيا، بما فيها عناوين المسرحيات ومؤلفيها والمخرجين والممثلين من الانصار، وايضا مكان العرض وعدد الجمهور المتفرج.

لكن اهم ما انجزه الرفيق لطيف حسن في مجال الكتابة الانصارية، هو كراسه المعنون بـ ((الصحافة الدفترية للانصار الشيوعيين.. بيبلوغرافيا لصحافة فقدناها الى الابد))، والذي وصف فيه (الصحافة الدفترية) بانها عملية خلق، وفّرت للانصار متعة الاستغراق في عالم الابداع الذي ابتعدوا عنه مضطرين، ووفّر لهم فرصة الانشغال بعالم اوسع من نطاق الهموم اليومية في القواعد والمفارز، كما انها عبارة عن دفتر يوميات للانصار، سجلوا فيها معظم خواطرهم واحلامهم. ومن خلال كتاباته هذه، اراد الرفيق ابو واثق ان يلفت النظر ويدعو الى الاهتمام بهذه الممارسة الثقافية الخاصة كتجربة رائدة ووثيقة تاريخية، مكرسا جهدا استثنائيا لتسجيل عشرات المجلات والجرائد الورقية والنشرات الجدارية، بما فيها محتوياتها ومواضعيها المتنوعة واعدادها المختلفة واسماء كتابها الانصار من مختلف القواطع والمناطق في جبال كردستان.

المجد لتاريخ الرفيق لطيف حسن النضالي وخلودا لذكراه