تعتبر حركة الانصار / الكفاح المسلح في العراق واحدة من اهم حركات النضال الوطني التحررية, واحدى اهم التجارب في تاريخ الحزب الشيوعي العراقي في مقارعة استبداد السلطة الصدامية الحاكمة, والتي استمرت للفترة 78 الى عام 89 من القرن الماضي, حيث واجه فيها الالاف من الأنصار الشيوعين بتنوع اطيافهم, وبكل تحدي وصلابة آلة السلطة العسكرية الضخمة، من جيوش وطائرات واسلحة فتاكة, يمثلون فصيلا متقدماً من فصائل المواجهة مع الطغمة الفاسدة, خاضوا فيها المعارك وقدموا الكثير من التضحيات, وواجهوا التحديات المختلفة الطبيعية والجسدية والنفسية, لكي ينقذوا النساء والاطفال من الموت والجوع والضياع في قمم الجبال ووديانها الوعرة, اضافة الى دور الحركة الانصارية المشهود في تعزيز هيبة الحزب ومكانته وحماية كوادره الذين تعرضوا للملاحقة على ايدي اجهزة القمع الصدامية .
لذلك وحرصا من الحزب على توثيق مسيرة الحركة والكفاح المسلح والمحطات الصعبة التي مرت بها دعت منظمة الأنصار الشيوعيين في مدينة كوتنبيرغ السويدية ثلاثة من الرفاق والمقاتلين الذين كان لهم شرف المشاركة فيها ورافقوا الحركة حتى نهايتها, الى الحديث عن المحطات الصعبة التي مروا بها منذ بداياتها لتوثيق وارشفه هذه التجربة النضالية الطويلة لازاحة الستار عنها ومعرفة الحقائق, ولصناعة خزين ابداعي يؤرخ لمرحلة مهمة من مراحل النضال الذي رفع رايته الحزب الشيوعي العراقي, وهم المقاتلين الأنصار هيفاء يوسف ( أم رمسينا ) وسعد صالح ( ابو خالد ) وهادي راضي ( ابو حسن حبيب ألبي ) الذين استضافهم البيت الثقافي العراقي وجمعية المرأة العراقية مساء الجمعة الحادي والعشرين من أوكتوبر / تشرين الأول 2022 على قاعة البيت والجمعية, في أمسية استذكار لبعض اهم المحطات التي عاشوها خلال فترة تواجدهم مع رفاقهم في شمال الوطن, أدارها الزميل أبو سيزار وحضرها جمهور من ابناء الجالية العراقية المقيمة في المدينة . حيث سلط الأنصار الثلاث ( كل على حِدة ) الأضواء على بطولات رفاقهم الانصار وتضحياتهم الكبيرة التي قدموها في سنوات شبابهم, من خلال ما لمسوه وما شاهدوه شخصيا من احداث ضمت تفاصيل كثيرة عاصروها منذ بداية الهجمة الشرسة التي شنها النظام على الحزب، مرورا بظروف البحث عن ملاذات آمنة والصعود الى الجبال، وحتى نهاية الحركة الانصارية .
تناولوا في حديثهم بدايات الحركة الأنصارية وتعقيداتها, والاسباب التي اضطرت الحزب للانتقال الى المعارضة، والمبادرة لتشكيل فصائلها عام 1978 وتبني الكفاح المسلح الذي اعتبره الحزب حينها الاسلوب المناسب ضد الدكتاتورية . ومن ثم عن حادثة بشتاشان وتداعياتها, والضربة الكيمياوية وتفاصيلها وتأثيراتها, واصفين اياها بالجريمة المروعة التي جسدت الخيانة ونكران الجميل من بعض الفصائل الكردية الحليفة, والتي راح ضحيتها اكثر من خمسة وستين شهيداَ من الانصار, انسحبوا على أثرها الى بهدينان عبر جبل قنديل, وغيرها الكثير من التفاصيل المؤلمة التي عاشوها, وما قاموا به من جهد قتالي واداري متميز في جميع القواطع التي خدموا فيها, تطرقوا بعدها الى حملات الأنفال الوحشية سيئة الصيت باحداثها المأساوية من قتل جماعي وتهجير العوائل وحرق البيوت وتدمير القرى والبساتين, حيث استخدم النظام فيها الاسلحة الكيمياوية المحرمة, مما اضطرت قوات الانصار الى الأنسحاب الى جبل كَارة والبقاء فيه لمدة اربعون يوماَ بعيدا عن متناول القوات الحكومية, ليتم بعدها الأنسحاب عبر الحدود التركية العراقية الأيرانية ( المثلث الحدودي ) والذي امتد ما يقارب اثنا عشر يوماَ, ليستقروا في نهايته في معسكرات اللاجئين, وتبدأ من بعدها رحلة السفر الشاقة عبر محطات الهجرة سوريا وموسكو وبلغاريا وغيرها من الدول وصولاَ الى السويد .