ليس غريبا ان ترفع انتفاضة تشرين الباسلة شعار ( نريد وطن )، فنظام المحاصصة الفاسد الذي ثبّته الاحتلال منذ عام 2003، فرّط بكل شيء، وترك العراق يتخبط في ازمات لا تعد ولا تحصى، حتى اصبح بلدنا يتصدر قوائم البلدان الاكثر فسادا في العالم.

وعلى الرغم من مرور عقدين من الزمن على هذا النظام، لكن جميع حكوماته لم تتمكن من تقديم معالجات لمشاكل العراقيين الكثيرة، فما زالت الخدمات في اسوأ حالاتها، ومعدلات البطالة في تصاعد مستمر، والمخدرات يتسع سوقها، والمرأة تُهمّش وتُعنّف، والطفل بلا قوانين تحميه، والصحة في تراجع كبير، والتعليم ينحدر الى اسفل المستويات، والفقر ترتفع درجاته، بينما تستحوذ حفنة من اللصوص على ثروات العراق عن طريق المشاريع الوهمية وصفقات بيع الدولار وتهريب النفط والسرقات المباشرة من دون حساب او عقاب.

كما ان ظاهرة انتشار السلاح وانفلاته، ووجود عصابات الجريمة التي تتحرك بغطاء رسمي من قبل الميليشيات والاحزاب المتنفذة، يهدد امن العراقيين الهش ويذكِّرهم بالظروف القاسية التي مروا بها ابان الحرب الداخلية، حيث فرق الموت تتجول في كل مكان وتشيع القتل والرعب بين الناس.

وعلى صعيد التنمية الاقتصادية، فلم يخرج الاقتصاد العراقي لحد الان من مأزق الاعتماد على الريع النفطي، فلا مصانع ولا معامل ولا مشاريع ناجحة، مما ادى الى تحول البلاد الى مجرد سوق مستهلكة للبضائع الاجنبية وباسعار لا تتناسب مع دخل المواطن. وبفضل التحاصص أصبحت ارض النهرين جرداء لا ينبت فيها عشب، فانعدمت الزراعة وجفّت الاهوار وخسر العراق ثروته السمكية والحيوانية بالاضافة الى ما تسبب ذلك من تلوث غير مسبوق للبيئة وانتشار الامراض الخطيرة.

أمّا السيادة فحدّث ولا حرج، فالعراق حدوده مستباحة من قبل دول الجوار وغيرها!، وقراره السياسي مصادر، وقوانينه تّركن عندما يتعلق الامر بمحاسبة السرّاق الكبار، مما فاقم من ازماته وساهم في عدم استقراره بشكل كبير.

لقد فشل نظام المحاصصة الذي مازالت حباله تشد الخناق على العراقيين فشلا ذريعا على جميع الصعد الاقتصادية والاجتماعية والامنية، لذا لابدّ من القضاء عليه واستبداله بنظام وطني ديمقراطي قادر على اعادة بناء الوطن على أساس مبادئ المواطنة والعدالة.

النصير الشيوعي العدد 14 السنة الثالثة ايلول 2023