جوزيف ... الوارث للشجاعة الباسلة  / ئاشتي

رحل جوزيف!!

أيٌ حزن يمدُ أذرعه إلى خلجات الروح؟

وأيٌ آهة يتكسرُ زفيرها في الصدر لتبدو حسرة متكلسة؟

رحل جوزيف!!

قد تتصور أن بعض البشر عصيون على الرحيل، أو ربما لا يتوارد في الذهن رحيلهم، وخاصة من رفاقك الأنصار الذين عشت حياتك بينهم، وتعرفت على كل سجاياهم، وما أكثرهم وجوزيف احدهم.

في تموز عام 1980 وصل إلى قاعدتنا الأنصارية الرفاق أبو جوزيف، أبو يوسف، وجوزيف (كان اسمه الأنصاري (جميل)، وأبو جوزيف (أبو جميل)

جئنا نسلم عليهم، سيما وهم قيادة قاعدتنا الأنصارية في كوماته، رأينا شخصا ممتلئا بالحيوية ووجه يقطر دما ورديا، يقطع لحم ذبيحة بهمة ونشاط، صافحنا برسغ يده، وقال أنا جميل، ولم تخلو دقائقنا تلك من مزاح الشهيد (أبو كريم) وهو يقارن بين حمرة وجه جميل وأبو جميل.

الذين عاصروا جميل من الرفاق الأنصار بعد منتصف 1965، كانوا يروون لنا قصصا عن شجاعة جميل، لهذا كان هو الحماية الملازمة للرفيق أبو جميل.

أنتقل جميل إلى أكثر من سرية وهو يحمل على ظهره حقيبة أدوية يقدمها للمرضى من القرويين.

في عام 1986 من عصر احد أيام نيسان، كنا مجموعة من الرفاق في موقع الدوشكا التابع الى الفوج الثالث في (كلي هه سب) كانت الساعة تقارب الخامسة عصرا، سمعنا صوت انفجار لا يبعد كثيرا عن موقعنا، نزلنا راكضين، كان جميل جالسا على الأرض وقدمه اليسرى تتدلى، طلبنا منه أن يركب على البغل كان مصابا بالدوار، طلبت منه أن يتنفس من فمه بقوة، حين اقتربنا من بداية الوادي، قال لي (أرجوك لا أريد أن نمر قرب بيوت عوائل رفاقنا، حتى لا تراني النساء)

من مكان الحادث حتى وصولنا إلى طبابة مقر الفوج، ما سمعته تآوه...ربما كان يتذكر والده الشجاع الباسل أبو جوزيف...لهذا خشي أن تخدش تك الشجاعة...فهو الوارث لها.