تدور بك الأيام...مجرد ذكريات / ئاشتي

مانگيش...

رغم البعد عنك ...كنت قريبة من الروح

ندخل بساتينك ليلا...نرمي قذائف الـ أر بي جي على بناية منظمة الحزب الحاكم

أو في الحقيقة مرات يتسلل الرفاق عبر أزقتك الضيقة لكي يصل منشور الحزب

المهام عديدة...والبحث عن صلات عبر نافذتك يكلفنا كثيرا

وكان لابد من ذلك،

قريبة من السلطة مثل حبل الوريد

مؤسسات السلطة رغم صغرك تحتل كل مساحتك

مع كل هذا كان الأنصار الشيوعيين بكل بسالتهم يدخلونك

أو في الحقيقة يقتحمون قلاع السلطة فيك

عصر هذا اليوم ارتفعت رايات الثورة عالية في شوارعك

الأخبار بين القرى لا تحتاج إلى آية وسيلة

فهي تمتد إلى مسامع الجميع دون أي ضوء

كانت سريتكم تبعد أكثر من ساعتين مشيا عن مانگيش

فليس هناك من وسيلة أخرى للتنقل غير المشي السريع،

دخلتم مانگيش وعرفتم بان شيخها أُعتقل وتم نقله إلى بغداد عبر طائرة سمتية

انه (جعفر بيسفكي) الذي صرح قبل شهر من اعتقاله

من تعتقله السلطة سيكون مثل ورقة بافره وبللها الماء،

كانت هناك مقاومة في البيوت القريبة من منظمة الحزب الحاكم،

حاول البعض منا مطاردتهم عبر بيوت (الجحوش)

كانوا يختفون في غرف تسد أبوابها النساء بأجسادهن،

لم نكن وحدنا...كان هناك الكثير من أبناء القرى، مثلما كان مقاتلو (حدك)

تجمعنا من جديد لمحاصرة منظمة الحزب

كان يختفي فيها ضابط الأمن وعدد أخر من أزلام السلطة،

لا اعرف كيف لم نقتل بقذيفة منهم استهدفتنا( كنا ثلاثة رفاق) بعد أن صوبنا نحوهم قذيفة الـ أر بي جي

صار القرار بتطويقهم حتى الصباح بعد أن تجاوزت الساعة العاشرة مساء

أنا ورفيق أخر استهدفتنا صلية رشاش كادت تقتلنا، وربما رفيقي الأكثر استهدافا لطوله

أنشغل رفاقنا ببعث الحركة في سيارة الراديو العسكرية، ولكن دون جدوى

الجوع يمد أنيابه إلى البطون،

القرويون ومقاتلو (حدك) استخدموا الكثير من السيارات لنقل ما حصلوا عليه

أحدهم حَمل سيارة ايفا بالأسلحة وذهب بها إلى معسكر الجيش !!

حاولنا الاستمرار في تطويق ضابط الأمن وأزلام السلطة وعددهم 11 شخصا

السابعة صباحا سمعنا أنهم تسللوا بمساعدة آخرين!!

أنشغل رفاقنا بالعمل على المدرعة

كانت هناك مدرعتان، الأولى لنا والثانية إلى حدك

لم يبق في الناحية غير القليل،

نحن وبعضا من حدك

قدمت سيكارة إلى احد القرويين وكان الشهر رمضان

اعتذر عن أخذها لأنه صائم

ولكنه كان يحمل عشرين زوج من أحذية المعلمات ذوات الكعب العالي

جاءنا الخبر السعيد بوصول المدرعة إلى مقر فوجنا الثالث

فقد تم شُق طريق عبر قرى (برواري بالا)

في العشرين من حزيران عام 1986

خرجنا من مانگيش

بعد أن بدأت خيوط دخان طائرات النظام تغلف السماء بظلامها

مانگيش أول تجربة في سقوط المدن

ولكنها أشارت إلى أنها لم تكن الأخيرة.