وصلت باب الطوب في الموصل وسبق لي  وان زرت الموصل عام ١٩٧٧ في احدى المسابقات الرياضية لبطولات التربيات العراقية وكنت انذاك بمنتخب تربية بغداد الرصافة للساحة والميدان وبطل بغداد للشباب برمي القرص ، في عام ١٩٧٧ تعرفت على الموصل بشكل جيد ، فعندما وقفت السيارة في مرآب باب الطوب تذكرت المطاعم والاسواق والاهم من ذلك تذكر الحمام و خصوصا بعد اربعة او خمسة ليالي نوم بالعراء   ومشي بالنهار صيفا
دخلت الحمام وكانت لهجتي البغدادية خير غطاء لاختفائي وبقيت مايقارب الساعتين وددت ان انام قليلا لما اصابني من اعياء وتعب سببه قلة النوم  والمشي الطويل.
تركت الحمام متوجها لمطعم مختص بالفطور  حيث القيمر والعسل ، وكنت اخشى السؤال عن سيارات بغداد، فكيف لبغدادي لايعلم اين موقف سيارات بغداد، توجست المسير باتجاه المرآب نفسه واذا بشاب ينادي بغداد  وصعدت بسرعة احسد عليها ، جلست بمنتصف المقاعد  قرب الشباك وبرأسي تدور الاسئلة التي من الممكن ان اتعرض لها وكانت بحوزتي وثائق عملها لي رزوقي ( آراس) وهو الخبير في الطباعة بالتعاون مع ابو عليوي وهما رفيقان قضوا حياتهم بالطباعة والاستنساخ، كان اسمي في تلك الوثائق هو كريم عبد الله جاسم وطالب مرحلة ثالثة الجامعة المستنصرية ،
تحركت الحافلة وصدح صوت سعدون جابر 
حسبالي عدينا الوفى
والعمر وتوافينا 
لا اتذكر غير اني وصلت الى مدخل بغداد في ساحة عدن بعد عبور التاجي بحدود الساعة الثانية عشر منتصف النهار  دون توقف بأي سيطرة ، كان يوم حزيراني حار و عاصفة ترابية ضربت بغداد  و ملأت الاجواء غبار كثيف ، نزل بعض الركاب ونزلت معهم تجنبا لوصول الحافلة الى منطقة مزدحمة ، اذن انا الان ببغداد و في ساحة عدن التي تبعد كليومتر واحد عن مسقط راسي ومدينتي  التي قضيت بها طفولتي وصباي قبل ان تقرر العائلة بناء قطعة الارض في حي المعلمين - بغداد الجديدة والانتقال عام ١٩٧٢.
وجدتها فرصة للتجول في المدينة وخصوصا التراب منع الرؤية واعطاني حرية اكثر  للانطلاق.
كان هدفي هو وصول بيت اهلي في حي المعلمين صوب الرصافة مساءا والغرض واضح وهو التخفي والسلامة.
تحت وطأة الحر في تلك الظهيرة لمعت لي فكرة الذهاب الى المكتبة التابعة لمركز شباب الكاظمية حيث كنت استخدمها عندما كنت طالب صف اول متوسط في متوسطة دجلة  قرب خزان المياه ،دخلت الى المكتبة وقدمت هويتي كطالب  وانزلت كتاب من الرف لم اكن اتوقع وجوده وهو ديوان الجواهري، قضيت ثلاث او اربع ساعات في قاعة مبردة كنت اقاوم النوم فيها بصعوبة بالغة
بعدها ذهبت مشيا الى الشارع  لأستقل سيارة تصل الى الباب الشرقي ومنها الى بغداد الجديدة وبعدها الى المشتل  عوضا عن ذهابي الى حي المعلمين  مباشرة لأتجنب لقاء يكون غير سار باحد المعارف من الجيران .

الصورة لمتوسطة دجلة  ( المصدر گوگل)