اول مرة، بعد سنوات من النسيان!، ادخل ُ الى مدينة....

كانت وجوهنا في ذلك المكان الجبلي كقطع قصدير صدئة، وكنّا نحارب على اكثر من جبهة، ((الجوع والبرد والغربة والعدو المدجج بالشيطنة والخبرات!)).

تلك المدينة التي رماها الله في موقع شاهق، استطاعت ايدي واعين الدولة البوليسية ان تطالها، لكنّ الحكومة في ذلك الزمن لم تتمكن من منافسة الانصار عليها اثناء الظلام.

صعدنا الى مدينة (بامرني) من (كَلي هصبة) حيث مقر الفوج الثالث، الذي امضيت فيه ليلتين مع رفاق لم اراهم منذ مدة طويلة، وكنت اتساءل مع نفسي: كيف استطعنا العيش في هذه الوديان التي لا تصلح الاّ لمن اهتم بدراسة الاحجار والجذور والكيمياء المعدنية!؟، كيف عبرنا الحدود والسدود والقطوع وطرق (الزكَزاكَ) ولم نصل الى الصراط المستقيم؟!.

وصلنا الى اطراف المدينة بعد عدة ساعات من الصعود، وعندما اختلط الظلام، اقتحمناها........... كنّا نركض في الطرقات وبنادقنا متأهبة لاطلاق الرصاص،........ اعمدة كهربائية، شوارع واسفلت، سيارات غريبة عابرة، واخرى تعطينا اشارات (عالي وناصي) ايذانا بالعبور!.............

تلك الدقائق القليلة، لم تمنعني من مشاهدة ملامح المدينة، في تلك الليلة كانت دهشتي لا توصف، كما لو اني لم ارَ مدينة في حياتي، كل شيء عجيب، الارصفة والمصابيح وجدران البيوت، سيل من الذكريات........، توزعنا في البيوت، (النومة تختلف،، والاكل شهي،، ورائحة عطر انثوي تأتي من مكانٍ ما