زور جوانا ليلى.. جاوت جوانا ليلى

للانصار طقوسهم الخاصة، هي افراز لمزيج من المعاناة والعناد، ليس كما تظنون بأنهم يسكنون الكهوف ويأكلون جذور النباتات!، وانما شعلة من الامنيات والاحلام التي تتوهج ولا تنطفئ. 

يصنعون من المناسبات العابرة افراحا كبيرة لينتزعوا الحياة من الصمت العجيب الذي لم يألفوه.  كانوا يمنحون القدر المأساوي وجها يتلائم مع طموحاتهم الوطنية، فهم من فرط حبهم للعراق يقتفون اثره حتى لو بدا مثل خيط رفيع بلون الطين!. يكافحون من اجل الحفاظ على صفاء الصورة الاولى، صورة التراب وحمامة عشتار.............

يعرفون، بانّ العالم اكثر تعقيدا مما يتصورون، وانّ اللغز شديد الغموض!، لكنّ موقد النار كافيا لاستدعاء الذكريات التي تمنحهم شيئا من السعادة، فيتدفق الجمال، وتتلألأ قطرة الندى على الاهداب!. 

في الربيع تعود الطيور، ويتعطّر الهواء برائحة الزهور، فتخفق الافئدة وتتسلل الذكريات طافحة بالاشواق الى الاهل والمدن والامهات والبخور والزعفران.

صعدنا الى القمة في هدأة ليلة تضيئها النجوم، واشعلنا النار المقدسة معلنين عن تضامننا مع (كاوا الحداد)، النجوم تتمايل و(جبل كَارة) الهائل الذي يشبه الزوبعة يهزّ كتفيه طربا!، شعور عارم بالفرح  يغمر القلوب ويهبط على السفوح ويجوب الوديان، كانت مشاعرنا تلتهب وغناؤنا يتعالى حتى بدا لنا وكأن بغداد كلها معنا ترقص: (زور جوانا ليلى.. جاوت جوانا ليلى).