بعمر 18 سنة وكنت في زيارة أحمد ئاوا حين قررت ان ألتحق بالبيشمركة وحسناً فعلت، فقد كُشف التنظيم بعد فترة قصيرة من إلتحاقي وتوالت الإعتقالات. من هناك قادني أبي الى مقر الأعلام في لولان  للعمل كمذيعة في القسم الكردي، بينما كان هو وأخي الشهيد بايز في السليمانية.  ورغم اننا كنا كلنا بيشمركة ونحن في بيوتنا، ومنذ الطفولة، حيث السرية واختفاء الرفاق في بيتنا لسنوات وادخال الكثيرين الى الأنصار ومن الأنصار الى الداخل وقيام أمي بمهام المراسلة الخطرة بين الأنصار والمدينة ووجود أبي وأخي في البيشمركة منذ سنين، الاّ انّ حياة البيشمركة الفعلية بقيت يحيطها نوع من الغموض الصعب بالنسبة لصغيرة مثلي: هل سأنسجم مع الجو؟، هل توجد الكثيرات غيري؟، ربما سأضيع وسط محيط من المثقفين القادمين من الخارج وأنا بلغة عربية بدائية للغاية وهل ... وهل... وما أن وصلت حتى توصلت الى قناعة بأنني في مجتمع متحضر مثقف يقدر المرأة تقديراً عالياً حيث أُحطت برعاية الجميع رفاقاً ورفيقات وكان موقف الأنصار على مستوى عال جداً من الإحترام والعلاقات الراقية بالنسبة لمجتمع محصور.

كانت لدي وقتها طموحات في الغناء والتمثيل، فلقيت التشجيع من قبل مثقفين متخصصين مثل " كفاح الأمين" و "ريواس أحمد" إضافة الى تشجيع عائلتي، وكنت لولا شروط التبعث عازمة على التسجيل في اكاديمية الفنون (بعد أن تقرر أرسالي للخارج أشار علي كثيرون أن أتوجه الى الأتحاد السوفياتي لكنني مضيت الى تشيكوسلوفاكيا وفوجئت أن إختيار التمثيل هناك غير ممكن بسبب لوائح التشيك الداخلية، فدرست علم النفس وندمت على قبولي هناك بدلاً من موسكو التي كانت شروط القبول بها لا تستثني الاجانب مثل براغ، الاّ أنّ تعرفي على شريك حياتي (علي بداي) في براغ قد حول هذا الخطأ الى مكسب حياتي كبيرعوضني عن كل خسارة). 

المهم أن الأنصار عرفوا بميولي، فإقترحت النصيرات في الثامن من آذار 1985 أن يكون الأحتفال ببرنامج نسائي. إقترحوا عليّ أن أقلد مجموعة من الرفاق الاّ انّي خشيت أن يسبب ذلك حساسية الذين سأقلدهم، فأنا سأقلد أصواتأً وحركات وسلوكيات لرفاق قسم منهم لا أعرفهم جيداً، هنا قالت النصيرة "مرام" بشرى برتو، ستكون بدايتك معي، قلديني أولاً وحين يرى الآخرون ذلك سوف لن يعترضوا، وبالفعل بدأت بها مقلدة ضحكتها الخاصة فلقي التقليد قبول الجميع وهكذا مضيت بتقليد "جاسم إذاعة" و"ام ليث" و"سمر" و" أبو مخلص" ... تحياتي لكل من كان هناك وبالأخص لفريق النصيرات الفقيدة مرام، سمر، ئه ستيره، أم ليث ، الفقيدة نسرين، وأتمنى من جميع النصيرات الحديث عن ما بقي في ذاكرتهن من تلك الأيام.