بعد دخولي الغرفة جلست وانا أفكر مع نفسي كيف أدبر امري مع هذه المرأة التي تتكلم بحنية وتعاطف بدون ان افهم تماما ما تقول من لغتها الكردية التي لا اجيدها. لقد تعلمت بعض الكلمات خلال وجودي هذه الفترة. وبنظرة سريعة حولي داخل الغرفة وانا بانتظار العشاء لم تكن هناك افرشة ولا لوازم المطبخ التي اعتدنا ان نراها في البيوت . جاءت المرأة حاملة صينية صغيرة في وسطها ماعون صغير فيه جبن ابيض مخلوط مع نبات اخضر يسمى بالكردي (جاجيك) مع قطعة خبز، قالت لي بحنية صادقة (كورم بخو)التي تعني ابني اكل (صباح الخير يمه انت من البارحة على لحم بطنك ما مأكل شيء وبعينين نصف مفتوحة وانا ممدد على بطني رأيت امي جالسه بجانب راسي كأنها تنعي علي بصمت قلت لها وبصوت غير مسموع يمة دخيلج ضميني بسواد الشيلة * قالت بصوت مسموع وبحرقة ، الله لا ينيطهم وعساها بختهم كأيمه أسوليك فطور ..).

بعد دقائق جاءت المراة سألت (كورم بوناخويت) ابني لماذا لأتأكل؟ لم أستطع الجواب!! لكني فقدت الشهية تماما. وانا محدق في الماعون راودتني اسئلة كثيرة لم أجرؤ البوح بها، لا يزال الطير واقفا فوق راسي. ذهبت المرأة الى الجيران طلبت المساعدة جاءت مع شابتين بعمر خمسة عشر الى ستة عشر عاما وهن يتضاحكن بخجل قالت المرأة للشابتين (كناحه فقيرة ناخويت) هذا المسكين الفقير لا يأكل قالت احدى الشابات (ده بخو بو ناخويت) اكل.. اكل.. لماذا لا تأكل؟ اجبت فقط (برسيم نيه) لا أستطيع ان اكل!! ذهبت الشابتين لطلب المساعدة من رفاقنا الموجدين في بيتهم جاء أحد الرفاق الذي يتكلم العربي سألني رفيق يقولون إنك لا تأكل لماذا؟ واضاف الرفيق ان احدى الشابات تقول إذا لم يعجبه الاكل نأتي بأكل من عندنا!! ، قلت للرفيق هل تستطيع ان تقل لهن انني شبعان!! ولا أستطيع ان اكل وطلبت منه ان يقول لهن انني فقط اريد الفراش لكي اذهب للنوم في الجامع. حضرت الشابتان الفراش وحملته الذي كان أخف من العليجة والبندقية التي كنت احملهما.

ذهبت الى الجامع مودعا المرأة التي حزنت عليها كثيرا وكنت اشعر انها كانت ايضا حزينة في ملامح وجهها لأني لم اكل شيئا. انتظرت قليلا في الجامع جاء اثنين من الرفاق سالت أحدهم هل يوجد هنا دكان؟ يوجد في بعض القرى دكان لبيع الحلويات ،نستلات، بسكويت وبعض المواد الغذائية، سألني الرفيق لماذا تسال عن الدكان؟ اجبت احتاج ان اشتري بعض البسكويت، لم أفصح عما حدث في البيت الذي كنت فيه. اشتريت بعض البسكويت الذي ساعدني في سد جوعي.

تجولنا في المنطقة لفترة ثلاث ايام اعتاد الناس هنا ان تستقبل البيشمركة بالرغم كل الظروف المعيشية الصعبة ولأسباب عديدة منها اجتماعية وتاريخية. وصلنا الى قرية كاني بلاف التي لي ذكرى طيبة فيها ،هي اول قرية كانت سبب في التحاقي الى البيشمركة(الانصار). القرية تعتبر كبيرة مقارنة بالقرى الاخرى يوجد فيها بعض القوميات والاديان المختلفة المنسجمة مع بعضها الى حدا ما. في الصباح ونحن موجودون في القرية جاء رفيقين ، أبلغونا بالذهاب بأسرع ما يمكن الى منطقة كيشان بعد حدوث مشكلة مع (بي. ك. ك) التي يتواجد فيها (فصيل كيشان)، بعدها انضمت لنا سرية مقر الفوج الثالث والسرية الثالثة ومسؤول سريتنا (السرية السابعة) سليم مانكيش* كان رجل ممتلئ الجسم ابيض الوجه يميل الى الاحمرار منفتح ويمتلك روح مرحة ومتواضع جدا وقريب الى النفس، لهذا كان محبوب من الجميع و جريء جدا وشجاع الى حدا كبير لا يهاب الموت. سألني مسؤول سرية مقر الفوج الثالث هل تستطيع ان توصلنا الى مقر كيشان ؟ . اجبت بنعم …. …..يتبع

_________

مقطع قصيدة لكاظم اسماعيل الكاطع*

خليل توما متي من مدينة مانكيش \دهوك

23-04-2022