كان للمقاومة الفلسطينية دورا مهما ومؤثرا في إرساء الصحيح من قواعد العمل عند حركة الأنصار الشيوعيين العراقيين. فمنذ ان أعلن حزب البعث الصدامي خيانته لمشروع الميثاق الوطني، الذي وقعه بمشاركة الحزب الشيوعي العراقي، والذي تأمل فيه العراقيون ان يكون هذا الميثاق برنامجا عمليا لبناء الدولة العراقية على أسس ديمقراطية مدنية، وصولا الى دولة حضارية يسودها القانون والعدالة الاجتماعية.

لقد تجلت خيانة حزب البعث، بإطلاقه حملة قمع وحشية وعلنية سنة 1978 لا مبرر لها، ضد الشيوعيين العراقيين واصدقاءهم، وضد كل من يخالفهم الرأي، فأدت الحملة الى تعرض الالاف منهم الى الاعتقال والسجن والتعذيب حتى الاستشهاد، كما اجبر الكثير، على توقيع التعهدات بعدم العمل او مساندة الحزب الشيوعي العراقي، وبعكسه يتعرض الموقع الى عقوبة الإعدام.

ونتيجة لحملة القمع البعثية هذه تشرد الرفاق تاركين كل شيء خلفهم، عوائلهم، اطفالهم، اصدقائهم،أعمالهم، وظائفهم، يبحثون عن فرص النجاة من بطش الأجهزة الأمنية، بالسفر الى مكان آمن.

لقد كان لمنظمة التحرير الفلسطينية بمختلف فصائلها وفي مقدمتها تنظيمات الجبهة الديمقراطية والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين٫ في مساندة من استطاعوا من الرفاق، بايوائهم في بيوتهم في بغداد، لحين توفر فرص السفر، بل انهم ذهبوا الى اكثر من ذلك باستقبال الرفاق قيادة وقواعد، في لبنان وسوريا، فوفروا الحماية لهم وضموا الراغبين منهم في قواعدهم العسكرية، تحضيرا لمرحلة جديدة من النضال ضد تعسف ودموية حكم البعث واستهتاره بمصير البلد والشعب العراقي.

وليس سرا انهم قاموا بتدريب من تطوع من الرفاق الشيوعيين على حرب العصابات واصول العمل فيها خاصة في الجبال. وعلى ايدي الكوادر العسكرية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين تخرج الكثير من الرفاق الشباب آنذاك كوادر خبيرة بمثل أساليب النضال هذه، حيث شكلوا كادرا مهما ومؤثرا في حركتنا الانصارية الشيوعية، تجلت صورتهم بأروع مشاهد البطولة والتضحية والثبات، فكان ان استشهد منهم الكثير وما زال الباقون منهم يلعب دوره النضالي المعهود من موقعه.

ولم يقتصر دعم فصائل المقاومة الفلسطينية على هذا الامر، فقد وفروا فرص العمل والعيش من خلال العمل في مؤسساتهم الثقافية والإعلامية إضافة لمؤسساتهم الصحية والاجتماعية.

ان موقف المقاومة الفلسطينية من قضية شعبنا العراقي، كان مشرفا بكل معاني الكلمة، في مرحلة دقيقة من حياة الشيوعيين العراقيين، وهذا ما اثار الحكم الدكتاتوري الصدامي آنذاك، لذلك اقفلوا مكاتب الجبهتين الديمقراطية والشعبية في بغداد، وأبلغوهم بمغادرة العراق في آب 1979 متهمين الجبهتين بانهما صارا حلقة وصل بين تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي وقيادته.

لقد تحول الفكر الثوري المدافع عن قضايا الشعب العراقي الى عمل ثوري تجلى في حركة الأنصار الشيوعيين باعتبارها واحدة من صور النضال الضرورية لمجابهة عنف السلطة الحاكمة، حيث كانت المقاومة الفلسطينية واحدة من العوامل الرئيسية في نشوؤها.

واليوم ونحن نشهد الاحداث المتسارعة في العالم وبالأخص في منطقة الشرق الأوسط، حيث تتصدر فلسطين وشعبها المقدام صورة المشهد، حين أدخلت المقاومة الفلسطينية الرعب في قلوب الحكام الصهاينة الذين مارسوا ويمارسون كل اشكال القمع والعقوبات الجماعية اللاإنسانية، ضد شعب فلسطين الابي، متجاهلين كل القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة وامام انظار العالم ورعاية الامبريالية العالمية وانظمتها الرأسمالية المتوحشة، يتعرض هذا الشعب الى القتل العشوائي بل الإبادة الجماعية والتهجير القسري.

ان المقاومة الفلسطينية التي ناضلت وتناضل من اجل حق الشعب الفلسطيني في العيش الكريم وتقرير مصيره، تلك التي وقفت معنا أيام المحنة الكبيرة، لتستحق منا اليوم كل الدعم والتضامن الإنساني والرفاقي.

النصير الشيوعي العدد 16 السنة الثالثة تشرين الثاني 2023