الريحُ تعصفُ في الوادي

ونحنُ نجاهدُ في نصبِ الخيمة

والغيمةُ السوداءُ آتية

وغربانُ الجارةِ تنعقُ

فوقَ الوادي

وعلى سفوحِ الجبالِ المحيطة

الريحُ تعصف

ونحن نتشبثُ بأوتادِ الخيمة

صرنا أوتادًا

لا كي نحمي أجسادَنا

لكنْ لنحمي صناديقَ الذخيرة

استعدادًا للمعاركِ القادمة

تدور رحى المعركة

ويقتربُ دخانُ البنادق

بدأنا لا نهتمُّ بأوتادِ الخيمة

توجَّهْنا نحملُ ظهورَ البغال

ذخيرتَنا لمعاركِنا القادمة

!! توالّتِ التوجيهَات

"!! اسرعوا، أسرعوا، اسرعوا

فالخطُّ الأولُ يغطِّي انسحابَنا."

وتحتَ وابلِ الرصاص

بدأت القافلةُ بالمسير

في كلّ هذا الصخبِ كانت الولادة

في غارٍ ليس ببعيد

ستلتحقُ الأمُّ مع وليدتِها بالقافلة.

قال القائد

كيف يمكن أن أَرسمَ صورةَ المحطةِ الأولى؟

لنحصي خسائرَنا

كان أولُهم الشهيدَ "أبو فكرت"

الشابَّ الصابئيَّ الوسيم

غطّى انسحابَ القافلة

استُشهدَ وهو يقاوِمُ غربانَ الجارةِ المسعورة

طَهَ ينحدرُ من القِطع، فتكسرتْ ساقُه

نتجمّعُ كما تتجمّعُ مياهُ البحر

في دائرةٍ في قعرِ الوادي

ننتظرُ سدولَ الليلِ وشاحَه

حتى نتسللَ بين الربايا

إلى حضنِ جبلٍ آخر

محاطٍ بمعسكراتٍ لنظامٍ مجرم

تنتظرُ كمن ينتظرُ صيدًا ثمينًا

أبَى الجبلُ الأشمُّ أن يشيَ بالقادمين إليه

من شتّى بقاعِ العراق

إنه گاره

ولكن الطريقَ إليه لم يمرَّ بسلام

كنّا نلعب، مع  الموت

أيُّنا أسرع؟

فكُنّا أسرعَ منه

إلى أحضانِ الجبلِ الغيور

الذي غطّانا بأجنحتِه

ومن هناك بدأت رحلةٌ أخرى

حيث كانت محطتُنا الأخرى

تدورُ في الجانبِ الآخر

في الشرق... حيثُ كنّا

نتوزع بين سحب الكيماوي

وحصار العنكبوت *

حيث القيامة والحشر الأخير

والامواج التي وضعتنا في عين العاصفة

لكننا بقينا على العهد كما كنا اوفياء

* رواية الكاتب النصير كريم گطافة

النصير الشيوعي العدد 38 السنة الرابعة أيلول 2025