ماذا حمل خطاب رئيس الجمهورية لمنتفضي العراق؟/ كاظم حبيب

لم يحمل لهم غير الوعود الانبطاحية أمام القوى الطائفية الفاسدة وإيران الخامنئي!!!

إن الشبيبة المنتفضة التي استمعت إلى خطاب رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح، الذي ألقاه مساء يوم 31 تشرين الأول/أكتوبر 2019 بعد اجتماعه بأركان الحكم الطائفي السياسي الفاسد وبمسؤولي الميليشيات الطائفية المسلحة وحشدهم الشعبي، أدركت بوعي ومسؤولية وروح ثورية بأن رئيس الجمهورية يقدم لهم النهج الطائفي الراهن ذاته بأسلوب مهندم، ولكنها لغة خشبية تماماً وميتة، عبر فيها عن روح المخادعة والمخاتلة التي قررت النخبة الطائفية والفاسدة الحاكمة تقديمها إلى المنتفضين، وفي ظنها أنها تستطيع بذلك عبور الحالة الثورية الراهنة والأزمة المستفحلة التي تستهدف إسقاط النظام الطائفي الفاسد برمته وبكل رموزه وسياساته الداخلية والخارجية. قال بإنه يسعى إلى تشكيل حكومة جديد على "وفق السياقات الدستورية والقوانين السارية، أي على وفق السياسيات الطائفية الفاسدة التي تم تشكيل الحكومات السابقة بموجبها منذ العام 2005 حتى الآن، وهي اللغة التي تحدث بها الحكام الجائرون طيلة الفترات السابقة والتي خبرها الشعب منذ العام 2011 حتى الوقت الحاضر والتي لم تعد قادرة على خداع المنتفضين.

إنه يريد وضع قانون للانتخابات على وفق السياقات القانونية والدستورية ايضاً، والتي لا تختلف عن الأساليب السابقة التي وضع في ضوئها دستور عام 2005 والمليء بالألغام الطائفية والتمييز الديني والمذهبي وحمال أوجه، وكذلك في ضوئها وضعت القوانين الفاعلة حالياً، كقانون الانتخابات وتشكيل المفوضية "المستقلة" جداً. لقد فهمت الشبيبة بدقة ماذا تعني السياقات القانونية في ظل نظام سياسي طائفي وفاسد ومقيت وتابع لإيران ومجلس نيابي زائف وفاسد وتضليلي.

اقد أعلن رئيس الجمهورية بلغة انبطاح تامة أمام النخبة الحاكمة الفاسدة والطائفية وأمام ما فرضه علي خامنئي وممثله قاسم سليمان على النخبة السياسية العراقية، الذي يمارس سياسة مكوكية هذه الأيام في العراق ويعقد الاجتماعات مع قادة الأحزاب الإسلامية السياسية والميليشيات الطائفية المسلحة، الإيرانية الهوية والانتماء، وقادة "الحشد اللاشعبي" ومسؤولين كبار في أنحاء العراق، في محاول لتهدئة خواطر المنتفضين وإقناعهم بأنه يريد العمل من أجلهم، ولكنهم يقرأون الممحي وما بين السطور، وقد أقنعتهم تجربتهم الذاتية المخاطر الجديدة التي تكمن وراء هذا الخطاب اللماع والفارغ من أي محتوى حقيقي، وهو يؤكد المثل القائل "تيتي تيتي.. مثل ما رحتي جيتي".

لن يترك المتظاهرون الأبطال ساحة التحرير وشوارع بغداد وكل المدن المنتفضة ما لم يحققوا النصر المبين على أعداء الشعب وعلى المناوئين لحرية الشعب والوطن ومستقبل أجياله الراهنة والقادمة.

يذكرني خطاب رئيس الجمهورية، وهو خطاب النخبة الحاكمة الفاسدة، والُقي بديلاً عنها وبلسانه، بقصيدة الشاعر أحمد شوقي الموسومة "برز الثعلب يوماً" والتي نصها:

بَرَزَ الثَعلَبُ يَوماً في شِعارِ الواعِظينا

فَمَشى في الأَرضِ يَهذي َويَسُبُّ الماكِرينا

وَيَقولُ الحَمدُ لِل هِ إِلَهِ العالَمينا

يا عِبادَ اللَهِ توبوا فَهوَ كَهفُ التائِبينا

وَاِزهَدوا في الطَيرِ إِنَّ الـ ـعَيشَ عَيشُ الزاهِدينا

وَاطلُبوا الديكَ يُؤَذِّن لِصَلاةِ الصُبحِ فينا

فَأَتى الديكَ رَسولٌ مِن إِمامِ الناسِكينا

عَرَضَ الأَمرَ عَلَيهِ َهوَ يَرجو أَن يَلينا

فَأَجابَ الديكُ عُذراً يا أَضَلَّ المُهتَدينا

بَلِّغِ الثَعلَبَ عَنّي عَن جدودي الصالِحينا

عَن ذَوي التيجانِ مِمَّن دَخَلَ البَطنَ اللَعينا

أَنَّهُم قالوا وَخَيرُ ال قَولِ قَولُ العارِفينا

مُخطِئٌ مَن ظَنَّ يَوماً أَنَّ لِلثَعلَبِ دينا