استشارية التنمية والابحاث

النرويج

 

تعتبر معضلة المصافي من ابرز مؤشرات فشل السياسة النفطية في احداث التغيرات الهيكلية المطلوبة في القطاع النفطي خلال العشرين سنة الماضية. وقد عملت وتعمل، بقصد او بدونه ، جهود فعلية وممارسات رسمية وطروحات فكرية على عرقلة انشاء المصافي الحديثة في العراق مما حتم ويحتم استمرار الاعتماد على الاستيراد لسد حاجة الطلب المحلي المتزايد على المشتقات النفطية من جهة وابقاء العراق منتجا ومصدرا للنفط الخام من جهة اخرى. ومن الغريب ان تظهر بين فترة واخرى دعوات من داخل الحكومة وخارجها لقيام الحكومة العراقية بإنشاء او شراء او الاسهام في تمويل مصافي خارج العراق وليس داخله!

بينت حسابات هذه الدراسة ان تاخير تنفيذ مصفى كربلاء (الحكومي) يكلف العراق سنويا ما يعادل قيمة استيراد 51 مليون برميل من المشتقات النفطية او ما يعدل 80% من "فجوة التصفية" لعام 2016. كذلك ساهم عدم تنفيذ مصفى ميسان (الاستثماري)، بسبب احالته الى شركة مفلسة ماليا وغير مقتدرة من النواحي الفنية والخبرة العملية (شركة ستاريم)، الى زيادة الكلفة السنوية التي يتحملها العراق بما ما يعادل قيمة  استيراد حوالي 55 مليون برميل من المشتقات النفطية او ما يعدل 86% من "فجوة التصفية" للعام ذاته.

لتحليل هذه المعضلة وشواهدها المادية وتأثيرها وما ساهم في تعميقها وما يمكن عمله لمعالجتها تدريجيا اعدت هذه الدراسة التي تتكون من ثلاثة اقسام: يتناول القسم الاول تشخيص المعضلة وعكس واقع قطاع التصفية في العراق من خلال الاشكال البيانية؛ ويتناول القسم الثاني كيف ساهمت وتساهم بعض القرارات والممارسات الخاطئة والمتخبطة والطروحات الفكرية غير المتخصصة  في تعميق معضلة التصفية، ويقدم القسم الثالث بعض الافكار والمقترحات للمناقشة بهدف المعالجة.

القسم الاول: واقع تصفية النفط في العراق

يركز هذا القسم على تشخيص وتقديم الحقائق الاساسية لمجمل المصافي العراقية باستخدام اسلوب المعلومة البيانية Infographic  وباعتماد منهجية تحليل الفجوة Gap Analysis ( وهي من الادوات التحليلية المهمة في الاقتصاد التطبيقي ودراسات التنمية التي ازداد استخدامها من قبل المنظمات الدولية المتخصصة خلال العقدين الاخيرين).

لكل من نمط انتاج المشتقات النفطية والطلب عليها جانب كلي يتمثل بمجموع انتاج او مجموع الطلب على المشتقات النفطية وجانب نوعي يتعلق بكل من تلك المشتقات النفطية على حدة؛ وهذا يعني، من الناحيتين التحليلية والفعلية، وجود نوعين من فجوات التصفية: "فجوة التصفية النوعية" و"فجوة التصفية الكلية" وكل منهما قد تعكس حالة "فائض" او حالة "عجز". وبسبب التباين الكبير في انماط انتاج والطلب على المشتقات النفطية تولي هذه الدراسة الاهمية على "فجوة التصفية النوعية" التي تعكس العلاقة بين انتاج والطلب على المشتقات النفطية كل على حدة: فعندما يفوق الانتاج حجم الطلب المحلي على المنتج المعني تكون الفجوة فائضا (تحتم تصدير الفائض)، وعندما يفوق حجم الطلب المحلي على الانتاج تكون الفجوة عجزا (تحتم استيراد ذلك المنتج لسد حاجة الطلب المحلي).

وهذا لا يعني مطلقا عدم اهمية "فجوة التصفية الكلية "ولكن لا بد من الحذر والتنبيه ان المقارنة على اساس المجموع الكمي لإنتاج المشتقات النفطية والطلب المحلي عليها لا تعكس انماط الانتاج وانماط الطلب مما تعطي هذه المقارنة الكلية صورة مضللة غير مفيدة وتقود الى نتائج خاطئة وسياسات فاشلة.

لقد تم اعداد الاشكال البيانية التالية، استنادا الى قاعدة البيانات التي اقوم بتحديثها باستمرار اعتمادا على الاحصائيات التي تنشرها المصادر الرسمية العراقية والدولية، وفي ضوئها تم تشخيص حقائق وواقع قطاع التصفية.

الحقيقة الاولى: المصافي العراقية متخلفة تكنولوجيا وان انتاجها لا يتوافق مع نمط الطلب المحلي على المشتقات النفطية، مما يخلق فجوات تصفية نوعية فائضة وعجز في ان واحد، كما هو واضح من الشكل التالي.

 

 

لمواصلة الاطلاع يرجى الضغط على الروابط التالية:

 

http://www.tellskuf.com/index.php/mq/94125-er023.html

 

https://akhbaar.org/home/2020/12/277844.html