لم تظهر فكرة اللاشعور ‘إلا حديثا، وعلى العكس من ذلك ، نجد القول بان الشاعر يسيطر على نفسه، والفنان الموهوب فكرة قديمة ، قِدَم الدنيا. فهو في ساعات معينة لا يُسيطر على نفسه ، ويلوح كما لوكانت فد استولت عليه قوة ما ، ورفعته فوق ذاته و أصبح فريسة للحماسة و الغيبوبة والنشوة.وتصبح الكلمات التي ينطق بها ، و الأعمال التي يعدها في حالته هذه غير صادرة عنه ، بل مما هو هو أعلى وأكبر منه .
أليس من المفيد أن نذكر بان مشاهير الحضارة اللاتينية القدماء يعتقدون بأنهم يقدمون للناس نداء الاآلهة و يتصلون بها ..
هناك تقليد آخر لا يقل عن هذا قدما وتأكيدا ، ويجري التعبير عنه بأمثلة سائرة كهذه: العبقرية صبرٌ طويل الأمد .. أو .. عمر الفن مديد والحياة قصيرة’ ، و دواوين"فن الشعر" ـ:{تكرر تعاليم "هوباس وباولو" بعد أن تعكسها فيقول:
ضع عمك الفني مائة مرة على آلة النسيج ، وفي مثل هذه الأحوال يظهر العمل الفي ، لا كهدية تهبط من السماء ،بل كثمرة جهاد مرير و عمل متواصل وهكذا يحل "الشاعر العاقل " محل الشاعر الملهم، ولا يصبح؛ الفنان موهوبا تفضله الآلهة أو ربات الشعر ، على غيره ، بل عاملا كاداحا صانعا ماهرا .
إن هذين التقليدين في الحقيقة يتصفان بالتكامل اكثر مما يتصفان بالتناقض. فإذا تركنا جانبا و مؤقتا تلك الناحية التي تكاد تكون "دينية" فيهما ،لرأينا أن الفنان في آن واحد ملهم وصانع ماهر ... ولوجدنا أن الوحي يدفع بالعمل و ُبضفي عليه خصبه، ويشير إليه أحيانا "