شهدائنا خطٌ أحمر:

الشهيديْن الشقيقين : أنور و أركان سعود مشهد الجبوري :

الشهيد الشيوعي المُغيب والمربي الفاضل والمعلم التربوي أنورسعود مشهد الجبوري المعروف بـ( أبو نغم)، من مواليد بابل عام  1947 ، تخرج على يده العديد من الاجيال، انتمى للحزب الشيوعي العراقي في وقت مبكر، ونشط في منظمات بابل، كرس حياته للحزب الشيوعي العراقي ، قاريء جيد ومحاور مثقف، يمتلك موهبة الخط بمهارة، كان يتهيأ قبل أيام من عيد الحزب، يخط شعارات الحزب ثم يعمل لوحة رائعة من الخيوط الملوّنة والمسامير، يحملها هدية في عيد الحزب إلى المقر في بابل.

 تزوج عام 1974 وانجب ثلاثة أطفال، بعد أربعة سنوات في 1978 جرى اعتقاله لمدة 24 يوم , تم تعذيبه بطريقة وحشية، وبعد عام تقريباً نُصب له كمين في المدرسة من قبل جلاوزة النظام البعثي الفاشي ،إلا انه نجى من الفخ القاتل والغادر بمساعدة مدير المدرسة كان صديقه وشيوعي، أرسل أحد الطلاب ليحذره من المجيء إلى المدرسة.

بعدها أختفى الشهيد أنور وترك وظيفته، استطاع الوصول إلى الناصرية، عن طريق المهندس عبد الحسن هادي الفرحان "شقيق زوجته استشهد فيما بعد" وأماكن أخرى، ثم أستقر في حديقتهم خارج البيت، حيث حفر مخبأ تحت الأرض، التحق به شقيقه  الثاني( كامل )الذي كان مطارد من الأجهزة الأمنية البعثية ، والمعروف في ذلك الوقت خاصةً بعد الارهاب البعثي الفاشي عام 1979 من يدخل الاعتقال لا يخرج، وتم تصفية العشرات من رفاقهم وأصدقائهم  في ناحية القاسم، وقضاء الهاشمية، والحمزة التابعة لمحافظة بابل، بل الالاف من الشيوعيين الابطال  واصدقاءهم.

وبعد فترة تم حفر مخبأ اخر تحت الارض داخل بيتهم الطيني، وهذه خطوة مهمة وفنية لم تستطع كل أجهزة الأمن اكتشاف هذا المخبأ العظيم، والذي ضمّ العديد من الشيوعيين، منهم لا زالوا أحياء.

تقول شقيقة الشهداء الرفيقة الشيوعية والسجينة السياسية البطلة ماجدة الجبوري  : (بعد خروجي من السجن كنت مسؤولة تقريباً عن مستلزماتهم خاصةً الأكل، أتذكر كنت البس دشداشة والدي واضع شال اغطي رأسي به لأدفع قفص الأكل وادفعه أمامي بحدود سبعة أمتار تحت الأرض، ليتلقّفوه مني، أضع لهم مع الاكل باقات ورد من حديقتنا)

تضيف ماجدة وتقول : (استمر هذا الحال ثمان سنوات، ويا لصبرهم اللاّمحدود في التحمّل، وهم لا يرون الشمس والناس، لا يرون أطفالهم، ونساءهم الاّ ما ندر، أتذكر أخي أنور كان يأتي في بعض الليالي لرؤية أطفاله وهم نيام، خوفاً على حياته وحياة العائلة، نخاف من سؤالهم من قبل الغرباء.

لا أستطيع وصف وضع العائلة في هذه الثمان سنوات، ولا أستطيع إحصاء عدد المرّات التي تمت مداهمة البيت من أجهزة النظام الفاشي، وفي كل الأوقات، أحيانا عند منتصف الليل، او الثالثة فجراً، وترويع الأطفال والنساء، والدي و والدتي)

في عام 1991 تم اعتقال الشقيقين أنور وأركان، لمشاركتهم في انتفاضة آذار المجيدة، ومن يومها غيّبا ولم يتم العثورعلى رفاتهم ولا أي دليل أو شاهد لهما.