التصعيد الخطير المخطط له مسبقا من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي في المسجد الاقصى والاعتداء على المواطنين في ساحاته وفي أزقة وحارات البلدة القديمة بمدينة القدس يهدف الى اعادة توتير الأجواء بعد الهدوء النسبي خلال شهر رمضان وجر الأمور إلى مربع العنف في الشهر الفضيل، خاصة بعد الأعداد الكبيرة من المواطنين التي زحفت للصلاة في المسجد الأقصى المبارك .

وتشكل جريمة إعدام شرطة الاحتلال للشاب محمد العصيبي (26 عاما) من قرية حورة بالنقب، بالقرب من باب السلسلة أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك تصعيد خطير واستفزاز واضح لمشاعر المسلمين بهدف إخلاء المسجد من المصلين وأن إعدام الشاب العصيبي أثناء محاولته حماية سيدة فلسطينية من الاعتداء الهمجي من عناصر شرطة الاحتلال يأتي تمهيدا للسماح للمتطرفين القتلة لإقامة شعائر تلمودية بالأعياد اليهودية، وذبح القرابين مما يعني تفجير الاوضاع في ظل تفاقم تلك الممارسات الخطيرة والتي تتجاوز الخطوط الحمراء حيث ستشعل المنطقة .

الشعب الفلسطيني سيواجه بكل ما يملك من قوة هذه الغطرسة وسيدافع عن المسجد الأقصى وان سياسة الاحتلال ونهجه وقمعه وممارساته المستمرة وسياسة العقاب الجماعي لن تنجح في كسر إرادة شعب فلسطين كون ان الاستمرار في اقتحام المقدسات وممارسة القتل والاقتحامات وهدم البيوت والاعتقالات وإقرار القوانين العنصرية وغيرها لن تجلب الأمن والاستقرار لأحد وستعمل على زيادة التوتر وعدم الاستقرار مما يهدد بجر الأمور إلى مربع الانفجار .

ممارسات الاحتلال تتصاعد في الاراضي الفلسطينية المحتلة في ظل مواجه حكومة يمينية متطرفة فاشية تنكر حق شعبنا بالوجود، ولكن التاريخ يثبت بأن هذا الشعب موجود منذ الأزل، متمسك بحقوقه موحدة متكاتف، مرتبط بأرضه وبأرض أجداده التي سيبقى على الدوام مدافعاً عنها، ومتمسكا بحقوقه المشروعة صامدا على ارضه في مواجهة المخطط الصهيوني الهادف الى طمس الوجود الفلسطيني والهوية الوطنية والتاريخية للشعب العربي الفلسطيني الاصيل .

وما من شك بان الزحف الجماهيري في ساحات المسجد الاقصى المبارك وحرص اهلنا على اداء الصلوات وتوافد عشرات الآلاف من المصلين يشكل قوة شعبية في مواجهة إجراءات حكومة الفصل العنصري لعزل المدينة عن محيطها الفلسطيني وهو بمثابة رد واضح على سياسات الاحتلال ونهجه العنصري كون أن توافد عشرات الآلاف من المصلين وبرغم الحواجز والقمع والتضديق على المصليين، يعني تجسيد السادة على المسجد الأقصى وباحاته وما تلك الامواج البشرية من المصليين والتي تجاوزت الربع مليون مصلي، الا دليل على عروبة القدس وفي الوقت الذي منعت سلطات الاحتلال الآلاف من الوصول بسبب اجراءات الاحتلال الامنية والحواجز التي تقيمها شرطة الاحتلال العنصري .

ويأتي هذا المد البشري ردا على دعوات حاخامات اليهود لأداء طقوس بهلوانية تخريفية وذبح "القرابين" بباحات الأقصى خلال عيد الفصح، وأن الزحف البشري رسالة لكل المسكونين بالوهم وأحلام اليقظة أن القدس لا تقبل القسمة على اثنين وهي جوهر وقلب الصراع فلا فلسطين بدون القدس ولا قدس بدون فلسطين .

بات من المهم العمل على تعزيز العلاقات الوطنية وأهمية الالتفاف حول المشروع الوطني الفلسطيني ودعم الخطوات السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني في هذه المرحلة الدقيقة التي تواجه قضيتنا الوطنية، والتي نحن في أمس الحاجة فيها الى التكاتف الوطني وتحقيق الوحدة الوطنية وحماية حقوقنا الوطنية المشروعة التي لن نحيد عنها مهما كان الثمن .

 

الاستيطان مخالف للقانون ويقوض عملية السلام


حكومة الاحتلال الإسرائيلي طرحت مناقصات لبناء 1029 وحدة استيطانية في الأراضي الفلسطينية وفقا لتقارير اخبارية حيث تعد هذه الخطوات خلافا لالتزامها في الاجتماع الأخير بمدينة شرم الشيخ المصرية وكانت قد نشرت الحكومة الإسرائيلية مناقصات لبناء وحدات استيطانية جديدة .

ونشرت دائرة ما يسمى أراضي إسرائيل مناقصات لإجمالي 1029 وحدة سكنية في الضفة الغربية والقدس الأسبوع الماضي حيث نشرت ما يسمى سلطة أراضي إسرائيل مناقصات لبناء 940 وحدة سكنية في مستوطنتي إفرات (المقامة على أراضي المواطنين جنوب بيت لحم) وبيتار عيليت (المقامة على أراضي المواطنين غرب بيت لحم، وذكرت وسائل الاعلام ضمن تقارير صحافية أن 747 وحدة استيطانية منها في مستوطنة بيتار عيليت و193 وحدة في مستوطنة إفرات كما ان حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو كانت قد نشرت ايضا مناقصة أخرى لبناء 89 وحدة سكنية في مستوطنة جيلو في القدس الشرقية .

طرح سلطات الاحتلال مناقصات لبناء أكثر من ألف وحدة استيطانية جديدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، يعد خرقاً فاضحاً وجسيماً للقانون الدولي، وفي مقدمها قرار مجلس الأمن رقم (2334) كون ان سياسة الاستيطان بمجملها وبتفاصيلها تمثل انتهاكاً للقانون الدولي وتقويضاً لأسس السلام وجهود تحقيقه وفرص حل الدولتين على أساس قرارات الشرعية الدولية .

ومن الواضح ان سياسة الاستيطان ومصادرة الاراضي تعتبر هدف اساسي للكتل اليمنية المتطرفة التي تمثل الاغلبية الحاكمة في دولة الاحتلال ويأتي هذا التحرك الاستيطاني بعد اجتماع بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية ومصر والأردن والولايات المتحدة في 19 مارس/آذار الجاري بمدينة شرم الشيخ المصرية، تقرر وقف البناء في المستوطنات لمدة أربعة أشهر في محاولة لتهدئة التوترات في المنطقة قبل شهر رمضان وباتت الممارسات الأحادية التي تقوم بها إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، من بناء للمستوطنات وتوسيعها، والاستيلاء على الأراضي وتهجير الفلسطينيين هي ممارسات لا شرعية ولا قانونية ومرفوضة ومدانة وتمثل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي الإنساني .

وانه وبرغم التزامات إسرائيل تجاه حلفائها في جميع أنحاء العالم، يبدو أنها تواصل تعزيز البناء الذي يضر بفرص التوصل إلى اتفاق سياسي ويزيد التوترات بين الإسرائيليين والفلسطينيين ولا يؤسس لعملية سلمية بالمنطقة وان حكومة التطرف غير مبالية بنتائج ممارساتها التي باتت تواجه معارضة شاملة على المستوى الدولي .

حكومة تحالف الإرهاب الصهيوني وإرهاب غلاة المستوطنين جاءت لتستكمل مشوار سابقاتها بوجهها البشع دون قناع لترتكب المجازر وتستبيح الدم الفلسطيني غير آبهة بأبسط المعايير الإنسانية، كما فعلت في جنين ونابلس وحوارة وأريحا والقدس، وما الممارسات الاستيطانية وتصريحات قادة الاحتلال العنصرية إلا شاهد حي على إجرام هذه الحكومة التي ترجمت أقوالها إلى أفعال فأطلقت عصابات المستوطنين الإرهابيين ليعيثوا قتلا وخرابا وحرقا وتدميرا بحماية جيش الاحتلال الذي يرتكب جرائم الحرب بحق المدنيين العزل وبالمقابل تستمر الحكومة بمواصلة سياسة سرقة الارض الفلسطينية وتوغلها الاستيطاني في قلب الضفة الغربية .

بناء مئات الوحدات الاستيطانية الجديدة في القدس وبيت لحم يعد جريمة مخالفة لكل القرارات الدولية وأن حكومة اليمين الفاشية تسابق الزمن لتغيير هوية القدس العربية الاسلامية وطابعها التاريخي وتهويد المدينة وفصلها عن محيطها وبات يجب المجتمع الدولي العمل على اهمية اتخاذ خطوات تتجاوز الادانة وتدل على جدية الموقف الدولي بفرض عقوبات على هذا الكيان بحكم أن الاستيطان جريمة انسانية وانتهاك للمواثيق والقرارات الدولية .

 

الشعب الفلسطيني متمسك بحقوقه وتقرير مصيره


الارض الفلسطينية والثوابت الاصيلة لشعب فلسطين لا يمكن ان نلخصها في عبرات عبر مقالات فتلك هى فلسطين الخالدة عبر التاريخ تمتلك قوة الحضارة والأصالة والعراقة والتي يتوارثها الاجيال جيلا بعد جيل مؤمنين بعدالة قضيتهم وبحقهم في تقرير مصيرهم، وبالرغم من تكرار المشاهد ذاتها في فصول جديدة من التهجير والإرهاب وارتكاب المجازر، والمحاولات لاقتلاع الفلسطينيين من أرضهم وعزل أهلنا في أراضي 1948، وسن القوانين العنصرية ضدهم وتشجيع الجريمة، إضافة إلى عمليات هدم القرى خاصة في النقب وتشريد وترحيل سكانها الا ان الشعب الفلسطيني متمسك بحقه الأزلي بأرضه والدفاع عنها وتقرير مصيره عليها برغم سياسات وإجراءات التطهير العرقي والتهجير القسري التي يقترفها الاحتلال الإسرائيلي بحقه .

في الذكرى الـ47 ليوم الأرض الخالد، تستمر تضحيات أهلنا خاصة في الجليل والمثلث والنقب وغيرها من المناطق رد على قرار استيلاء الاحتلال على 21 ألف دونم في تلك القرى والمدن حيث جسدت أسمى معاني الفداء والتضحية دفاعا عن الارض ورفض مشاريع التهجير والاقتلاع، وستبقى ذكرى الشهداء والجرحى خالدة وحية ومنارة للأجيال المقبلة .

الشعب الفلسطيني سيواصل صموده الأسطوري ونضاله ومواجهته الصلبة لكافة مشاريع وإجراءات الاحتلال وأدواته الإرهابية، وآخرها ما تمخض عن اتفاق نتياهو – بن غفير بتشكيل ما يسمى بـ"الحرس القومي" الذي هو ترسيم قانوني لما تقترفه قطعان وعصابات المستوطنين من فظائع وقتل وحرق وإرهاب وسرقة للأرض، وتنكيل بالفلسطينيين في قراهم ومدنهم ومخيماتهم، جنبا إلى جنب مع الحرب الاستعمارية الشرسة التي تشنها أكثر الحكومات الإسرائيلية عنصرية وتطرفا وإرهابا من استيلاء على الأرض وهدم البيوت لصالح الاستيطان .

الاحتلال ومنظماته الاستيطانية تسابق الزمن في تنفيذ مشروع تهويد الأرض الفلسطينية، خاصة في مدينة القدس المحتلة، التي يخوض أهلها بثبات وعزيمة صلبة معارك يومية للحفاظ على الحق الفلسطيني في أرض عاصمة دولتهم العتيدة والدفاع عن مقدساتها الإسلامية والمسيحية، والحفاظ على الممتلكات، خاصة في البلدة القديمة ومحيط المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة، وفي حي الشيخ جراح، وأحياء بلدة سلوان التي تستهدفها مشاريع الاستيطان، في محاولة بائسة للقضاء على وجودنا الأصيل فيها، وطمس تاريخها وهويتها العربية الفلسطينية .

الشعب الفلسطيني يقاوم ولن يستسلم فهذه الرسالة يتوارثها الاجيال وهي وصية الاجداد بان نبقى على العهد ونحفظ الامانة ولا يوجد بيننا من يرفع الراية وسيدافع الجميع عن اغلى ما نملك الارض والكرامة والعزة والبطولة والفداء فقصة هذا الشعب تكتب بالدم عبر التاريخ وفلسطين مهرها غالي وستظل الأرض في عيون وذكريات الأجيال شرارة الثورة والتضحية والفداء، رغم التنكيل والإرهاب والمجازر والتمييز العنصري، وسرقة الأرض وحرق المنازل على رؤوس قاطنيها من الأطفال والشيوخ والنساء في صورة تعبر عن بشاعة هذا الاحتلال وإجرامه القمعي والوحشي .

الشعب الفلسطيني يتمسك بحقوقه ولا يمكن لهذا الاحتلال ان يفرق بين مكونات الشعب الفلسطيني الذي يزداد اصرارا على تمسكه بحقوقه والمحافظة على هويته الوطنية والتجذر بأرضه ومقاومة كل أشكال التطبيع والظلم وافرازات ومسميات الاحتلال الجديدة ولا يسعنا الا وان نتوجه بالتحية الى الشعب الفلسطيني في مخيمات الشتات وربوع الوطن ونحي هؤلاء الابطال الصامدين في وجه الاحتلال وسياساته العنصرية، مؤكدا أن جرائم الاحتلال وبطشه وإرهابه لن تكسر إرادة التمسك بالحقوق والثوابت، وفي مقدمتها عودة اللاجئين وإقامة دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس .

سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.