اقدام قوات الاحتلال ومجموعات من المستوطنين المتطرفين على رفع علم الاحتلال الإسرائيلي على سطح وجدران الحرم الابراهيمي الشريف يعد تدنيسا للمكان المقدس والديني في انتهاك صارخ للقانون الدولي واتفاقيات جنيف، واستفزاز صريح لمشاعر المواطنين والمسلمين ويأتي ضمن نهج ارهاب حكومة الاحتلال المتطرفة وسياستها التهويدية للاماكن المقدسة .

هذا العدوان جزءا لا يتجزأ من مشاريع الاحتلال الرامية إلى تكريس سرقة الحرم الابراهيمي الشريف وتهويده من خلال تغيير معالمه وهويته التاريخية والحضارية، وهو تعبير أيضاً عن عقلية الاحتلال وسياساته التي تستهدف دور العبادة والأماكن التاريخية والتراثية في فلسطين المحتلة وتزوير واقعها لخدمة روايات الاحتلال ومخططاته الاستعمارية .
قيام سلطات الاحتلال العسكري الاسرائيلي بزيادة من وتيرة الاعتداء على الحرم الإبراهيمي الشريف في الآونة الأخيرة والتنكيل بالمواطنين وإغلاق بوابات الحرم الابراهيمي في الخليل من خلال السيطرة الاسرائيلية الكاملة وقيامهم وبشكل مفاجئ بوضع أعلامه الاحتلال على سطحه وجدرانه حيث تسعى سلطات الاحتلال لتنفيذ المخطط الاستيطاني للاستيلاء على الحرم وتحويله لكنيس يهودي بشكل كامل .

ولا بد هنا من تدخل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، والمنظمات الأممية المختصة وأهمية الخروج عن صمتها، والقيام بواجباتها وإدانة هذه الإجراءات والتدابير وتفعيل لجان تقصي الحقائق للإطلاع على تفاصيل عمليات تهويد هذه الأمكنة التاريخية ودور العبادة واتخاذ ما يلزم من الاجراءات للضغط على الحكومة الاسرائيلية لوقفها فورا قبل الانفجار الشامل .

الانتهاكات الاسرائيلية للحرم الابراهيمي في الخليل والأماكن الدينية تعد من أشكال العدوان المتواصل ضد الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك ويعتبر إثباتا جديدا على نوايا حكومة الاحتلال بتصعيد الأوضاع ورفضها لدعوات وجهود التهدئة المبذولة وهو دليل آخر أيضا على غياب شريك للسلام .

ويجب تكريس التواجد الفلسطيني بداخل الحرم الابراهيمي لمنع هذا المخطط الاحتلالي، من خلال زيادة الوجود الفلسطيني داخل الحرم وساحاته عبر إطلاق العديد من الفعاليات داخله وزيادة عدد موظفيه وغيرها من المجهودات، وتكثيف جهود كافة المؤسسات الوطنية والدولية للوقوف عند مسؤولياتها تجاه الحرم الإبراهيمي لما يشكله من تراث اسلامي يجب الحفاظ عليه والعمل على توجيه نداء الواجب ودعوة ابناء الشعب الفلسطيني بالتواجد الدائم داخل الحرم وأروقته والحرص على اقامة الصلوات بحضور مميز على مدار اليوم لمنع مخطط الاحتلال من الاستيلاء على كامل الحرم الإبراهيمي .

لا يمكن استمرار صمت العالم بمؤسساته الدولية على ارتكاب المزيد من هذه الجرائم ويجب اتخاذ مواقف حاسمة وواضحة ووضع حد لهذا العدوان الشامل على الاماكن المقدسة وخاصة في القدس والمسجد الاقصى والخليل حيث الحرم الابراهيمي في الخليل الذي يشكل مطمع دائم للمستوطنين بهدف تهويده من خلال فرض التواجد العسكري الاسرائيلي مما يشكل خطورة بالغة وما تسببه تلك الاعتداءات والممارسات الاستفزازية الصارخة التي تقوم بها سلطات الاحتلال في مصلى باب الرحمة بالمسجد الاقصى والأماكن المقدسة وما تشكله من تداعيات خطيرة ستؤدي الي فرض المواجهة من جديد .

حان الوقت للمجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان تحمل مسؤولياتها واتخاذ مواقف حازمة لوقف هذه الاعتداءات بحق "الأقصى"، والأماكن المقدسة في الخليل وخاصة الحرم الابراهيمي كون ما يجري من ممارسات لا يراعى قدسية هذه الاماكن وضرورة اتخاذ اجراءات تلزم من خلالها سلطات الاحتلال بالوضع الحالي في القدس وعدم جر المنطقة لحرب دينية لا تستطيع وقفها .

 

المصالحة الفلسطينية ومواجهة التحديات الراهنة


ما يجرى في مختلف محافظات الاراضي الفلسطينية المحتلة هو امتداد لسلسلة الإجرام الإسرائيلي التي يمارسها المستوطنين وبدعم وحماية من جيش الاحتلال وما تقوم به حكومة التطرف ومليشيات المستوطنين المسلحة من تشجيع لاقتحامات باحات المسجد الاقصى بعد انتهاء شهر رمضان المبارك وما تخطط له من عمليات تهويد القدس وضم الضفة الغربية وإجراء اوسع عملية تهجير وتطهير عرقي للمواطنين الفلسطينيين في القدس المحتلة ومحيطها لتفريغ المنطقة من سكانها والعمل على تغير معالمها العربية والإسلامية من خلال الانشطة الاستيطانية كل ذلك يدفع بالأوضاع في القدس وفي الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة نحو الانفجار، حيث تستمر ممارسات التحريض وبشكل واسع من قبل قادة التطرف الاسرائيلي ليتم فرض سياسية الامر الواقع الاسرائيلية والتهرب من استحقاقات السلام .

مواصلة العدوان الاسرائيلي على شعبنا الفلسطيني يحمل نتائج وكوارث خطيرة على المستقبل الوطني الفلسطيني ويحمل مؤشرات باستمرار حكومة الاحتلال تطبيق ما يسمى سياسات الضم الاسرائيلية، من خلال مواصلة مصادرة الاراضي وسرقتها والإعلان عن مشاريع استيطانية جديدة، وأيضا استمرار مخططات الاحتلال بشان تهويد مدينة القدس وخاصة في المسجد الاقصى المبارك والممارسات ولاعتداءات الوحشية التي تمارسها مليشيات المستوطنين حيث تتحمل حكومة الاحتلال تداعيات هذه الممارسات الخطيرة والتي ستؤدي الي انفجار الاوضاع، وخاصة في ظل تواصل سياستها الغير مسؤولة في هدم منازل المواطنين بالجملة، ومصادرة الاراضي وسياسة الترانسفير، والتطهير العرقي الذي تقوم به في مدينة القدس وضواحيها، ومواصلتها تقييد حرية المواطنين الفلسطينيين في الوصول الى المسجد الأقصى المبارك، والسماح للمستوطنين باقتحام باحاته وممارسة أعمال عربدة وطقوس دينية على نحو يثير مشاعر المواطنين الفلسطينيين .

وفي ظل ما تمارسه سلطات الاحتلال لا بد من العمل على الانطلاق نحو اعادة ترتيب البيت الفلسطيني كضرورة ماسة لمواجهة التحديات المفروضة على شعبنا ويجب ان يتم ترجمة ما يتم الاتفاق علية بين الفصائل الفلسطينية والمكونات السياسية الفلسطينية الى خطوات ملموسة وجادة لطي صفحة الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، والانطلاق نحو اجراء الانتخابات العامة باعتبارها استحقاقا وطنيا للشعب الفلسطيني طال انتظاره ومدخل مهم لاستعادة الوحدة الوطنية حيث لا يجوز الاستمرار بالحالة الفلسطينية كما هي دون التوصل الي تفاهمات تهدف لوقف سياسة الاحتلال وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني من الداخل في اطار المصالحة الوطنية الشاملة ومن اجل تعزيز ودعم المقاومة الشعبية التي هي الاساس الفاعل للوصول الى حالة العصيان المدني وتدعيم الحقوق الفلسطينية وبناء استراتيجية فلسطينية شاملة لمواجهة الاحتلال واستعادة الوحدة الفلسطينية .

وفي ظل ما يجري لا بد من اهمية وضرورة تفعيل العمل الجماهيري لمواجهة الاحتلال وما يقوم به المستوطنين من بطش وعربدة وبلطجة والعمل على تشكيل القيادة الوطنية الموحدة للمقاومة الشعبية، ولجان الحماية الشعبية في مختلف المدن والمخيمات والقرى الفلسطينية والحفاظ على الاراضي المهددة بالاستيطان والتهويد والضم من خلال الاعلان عن حالة التضامن الجماهيري ومواصلة العصيان المدني وضرورة قيام المجتمع الدولي بالتدخل من اجل التوصل الي إطار مؤتمر دولي للسلام على اساس القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة الى تسوية سياسية للصراع توفر الأمن والاستقرار لجميع شعوب ودول المنطقة بما فيها دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس وصون حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى ديارهم التي هجروا منها بغير حق من خلال استخدام القوة العسكرية رغما عنهم .

سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.