ما تشهده الاراضي الفلسطينية المحتلة من صراع ميداني وتلك الحالة الغير عادية من بوادر الحرب الاسرائيلية والعدوان الشامل على المدن الفلسطينية وممارسة سياسة الاغتيالات وتنفيذ الاعدام الميداني بحق المواطنين الفلسطينيين في الاراضي الفلسطينية بات يهدف إلى ضرب جميع أشكال الوجود الفلسطيني وفرض سيطرة الاحتلال الكاملة على المدن الفلسطينية إضافة للاستهداف اليومي المتواصل للقدس ومقدساتها المسيحية والإسلامية وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك، وهو ما يعني أن الحكومة الإسرائيلية المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو ماضية في تنفيذ برامجها المعادية للشعب الفلسطيني ومسيرة السلام بالمنطقة والتي هي عبارة عن جملة واسعة من الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي والاتفاقيات الموقعة في كل ما يتعلق بالشأن الفلسطيني .

جرائم الاعدام التي تمارسها عصابات الاحتلال بحق ابناء الشعب الفلسطيني واقتحام المدن الفلسطينية يشكل خرقا للقانون الدولي وكل الاتفاقيات الموقعة بشان عملية السلام وان من شأن هذه الجرائم تصعيد حالة التوتر والعنف القائم وتعد جزء من مسلسل ارهاب دولة الاحتلال وجيشها والتي ترتكبها وتمارسها قوات الاحتلال بحق المواطنين وبتعليمات من المستوى السياسي في دولة الاحتلال التي سهلت على الجنود قتل أي فلسطيني دون أن يشكلوا أي خطر على جنود الاحتلال وتتحمل حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذه الجرائم ونتائجها وتداعياتها على ساحة الصراع .

في ضوء تطورات الموقف الميداني ونتيجة هذا التصعيد يجب على المحكمة الجنائية الدولية بالخروج عن صمتها والتسريع في تحقيقاتها، خاصة في ظل التصعيد الحاصل في جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني وأمام الاستخفاف الإسرائيلي الرسمي بالإدانات الدولية والمطالبات الأممية بوقف التصعيد وتحقيق التهدئة ووقف الاجراءات أحادية الجانب غير القانونية .

ما يجري من وقائع عدوان يومي واقتحام المدن الفلسطينية من قبل جيش الاحتلال والتصعيد الحاصل ضد الشعب الفلسطيني وأرضه وممتلكاته ومنازله ومقدساته بما في ذلك تصعيد عصابات المستوطنين اعتداءاتهم على المواطنين الفلسطينيين بات يشكل خطورة بالغة على المستقبل السياسي الفلسطيني وهو بمثابة اعلان حرب اسرائيلية مفتوحة ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه الشرعية بهدف اغلاق الباب نهائيا أمام أي فرصة لتجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض بعاصمتها القدس الشرقية .

بات من المهم العمل على توحيد الجهود ورص الصفوف والشروع الفوري في طي صفحة الانقسام لاستعادة الوحدة الوطنية وتسخير كل طاقات وإمكانات الشعب الفلسطيني في معركة دحر الاحتلال الذي يمثل التناقض الرئيس مع الشعب الفلسطيني مع اهمية اعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية على الساحة الدولية والعمل على حشد التأييد الدولي للمشروع الوطني الفلسطينية وضرورة المضي قدما في تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس .

ولا بد من الفصائل الفلسطينية ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية العمل على بحث سبل التصدي للمؤامرات الإسرائيلية التي تستهدف المسجد الأقصى المبارك ومدينة القدس وضرورة حرصها على وضع جميع الاصدقاء والأحرار في العالم وإطلاع الجاليات الفلسطينية والأمة العربية وجميع دول العالم على ما يجري في مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك لما تمثله هذه الخطوة من اهمية لدعم ومساندة الحقوق الفلسطينية وأهمية استمرار الجهود من خلال الاستراتجية الوطنية للكشف عن جرائم الاحتلال والعمل على بلورة توجه وطني عام للمضى قدما في دعم المشروع التحرري الوطني والعمل على انهاء الاحتلال ومساندة المقدسيين على وجه الخصوص في مواجهتهم آلة البطش الإسرائيلية ومجموعات المستوطنين التي تنتهك حرمة المسجد الأقصى المبارك بشكل يومي .

 

العدوان الاسرائيلي وغياب الشرعية والعدالة الدولية


تواصل حكومة التطرف الاسرائيلية حربها على الشعب الفلسطيني وبتعليمات واضحة وصريحة من قادة الاحتلال وفي ظل غياب وصمت المجتمع الدولي يستمر جنود الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون في عدوانهم على الشعب الفلسطيني ومقدساته وممتلكاته، حيث استشهد 15 مواطنا وأصيب آخرون في عدوان جديد على قطاع غزة، إلى جانب عدة إصابات في الضفة كما اعتقلت قوات الاحتلال 16 مواطنا من الضفة، فيما واصل المستوطنون اعتداءاتهم واقتحاماتهم للمسجد الأقصى .

وكان قد استشهد 13 مواطنا، بينهم 4 أطفال، و4 نساء، وأصيب 20 على الأقل، في سلسلة غارات شنها الطيران الحربي الإسرائيلي على مناطق مختلفة من قطاع غزة واستهدفت طائرات حربية إسرائيلية وأخرى دون طيار عددا من المباني والشقق السكنية في مدن غزة ورفح وخان يونس، وسط القطاع وشماله .

ما يخلفه هذا العدوان الغاشم من مضاعفة حجم المعاناة الفلسطينية، جراء العدوان الاسرائيلي الوحشي على غزة، حيث كان معظم ضحاياه من النساء والأطفال، في ظل إعراب الحكومة الإسرائيلية، بكل وضوح، عن أن هذا الهجوم ما هو إلا البداية لسلسلة من الهجمات على غزة، اضافة الى عمليات الإعدام الميدانية في الضفة بما فيها القدس، وتصاعد عنف المستوطنين بدعم من الحكومة المتطرفة وجيش الاحتلال كأحد أذرعها .

حكومة الاحتلال الإسرائيلي ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، يتحملون المسؤولية الكاملة والمباشرة عن جريمة اعدام المدنيين الفلسطينيين خلال العدوان الأخير على قطاع غزة، بمن فيهم الاطفال والنساء، خاصة وأن الإعلام العبري تحدث صراحة عن موافقة نتنياهو على جريمة قتل الاطفال، في إمعان إسرائيلي رسمي على ارتكاب هذه الجريمة البشعة باعتبارها جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية .

معاناة ابناء الشعب الفلسطيني تزداد وواقع الحال المعيشي اصبح لا يطاق في ظل تدهور الوضع السياسي والإنساني والاقتصادي الفلسطيني الحالي، وما ينعكس بذلك من تأثير مباشر على حل الدولتين وتهديده لاستقرار منطقة الشرق الأوسط برمتها ونستغرب من صمت المجتمع الدولي وعدم ادانته لهذه الجرائم وخاصة موقف الولايات المتحدة الامريكية التي تشير المعطيات بان حكومة الاحتلال ابلغتها في تنفيذ هذا العدوان الظالم مسبقا مما يعكس طبيعة ازدواجية المعايير الدولية في التعامل مع القانون الدولي وقضايا ومبادئ حقوق الإنسان .

التصعيد الخطير والاعتداءات المتكررة التي تشكل استمرارا لسلسلة الجرائم التى تقوم بها قوات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني تشكل انتهاكا سافرا للقانون الدولي الإنساني وبات المطلوب من المجتمع الدولي في هذه الظروف الخطيرة التي تشهدها الاراضي المحتلة بان تعى حقيقة ان البيانات لا تكفي وحدها لوقف الانتهاكات الإسرائيلية، وانه آن الأوان للمجتمع الدولي لاتخاذ اجراءات رادعة للاحتلال، خاصة في ظل وحشية الحكومة الإسرائيلية الحالية وسياساتها العنصرية، وما يشجع القوة القائمة بالاحتلال على التمادي والاستمرار بالانتهاكات هو عدم اتخاذ المجتمع الدولي خطوات فاعله لمساءلتها ومحاسبتها، استناداً الى قواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية .

لا بد من متابعة تلك الجرائم بكل تفاصيلها كافة مع الدول والجهات الأممية المختلفة، بما في ذلك لجنة التحقيق المستمرة المنبثقة عن مجلس حقوق الإنسان، ورئاسة وأعضاء مجلس الأمن الدولي، ورئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة والمحاكم الدولية المختصة، بهدف فضحها أولا، ومطالبة المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية في توفير الحماية الدولية لشعبنا وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، واستمرار المطالبة بأهمية فتح تحقيق دولي ومحاسبة ومحاكمة مرتكبيها ومن يقف خلفهم .

 

هدم المدارس يهدف الى طمس الرواية الفلسطينية


اعرب الاتحاد الأوروبي في عن صدمته إزاء قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بهدم مدرسة "جب الذيب" الممولة من الاتحاد الأوروبي، وأكد أن عمليات الهدم غير قانونية بموجب القانون الدولي، وانه يجب احترام حق الأطفال في التعليم وكانت قد شرعت قوات الاحتلال الاسرائيلي بهدم المدرسة حيث يهدف الاحتلال من هدم مدارس "التحدي" إلى محاربة التعليم، وعرقلة وصول الأطفال والتلاميذ إلى مدارسهم، وحرمانهم من تلقي تعليمهم في بيئة تعليمية آمنة ومستقرة، خاصة في التجمعات التي يحتاج فيها الطلبة إلى قطع مسافات طويلة مشيا على الأقدام للوصول إلى مدرستهم .

وقال الاتحاد الأوروبي عبر بيان صدر في بروكسل إنه يجب على إسرائيل وقف جميع عمليات الهدم والإخلاء، التي لن تؤدي إلا إلى زيادة معاناة الفلسطينيين وتصعيد بيئة متوترة أصلا .
مدارس التحدي سميت بهذا الاسم، لتأكيد استمرار تقديم التعليم للأطفال في المناطق المهمشة والمصنفة "ج"، والتي لا تسمح فيها سلطات الاحتلال، ببناء المدارس وتمنع إجراء أي تغيير أو بناء في المنطقة (ج) التي تشمل 61% من مساحة الضفة الغربية دون تصريح، ويكاد يكون الحصول عليه أمرا مستحيلا .

مدرسة التحدي ليست الوحيدة التي تعرضت للهدم حيث هدم الاحتلال في عام 2021 مدرسة قيد الإنشاء في بلدة بيت حنينا بمحافظة القدس، ومدرسة المالح الأساسية المختلطة في محافظة طوباس، وفي العام الماضي، هدم الاحتلال مدرستي أم قصة وإصفي في مسافر يطا بمحافظة الخليل، وأن جميع مدارس التحدي البالغ عددها 32 مهددة بالهدم، إضافة إلى أن عدد المدارس الكلي المهدد بالهدم يبلغ 58 مدرسة، وكانت سلطات الاحتلال العسكري قد هدمت عام 2018 أربع مدارس بدعوى البناء دون ترخيص، وبهدم مدرسة التحدي يرتفع عدد المدارس التي هدمتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى 11 مدرسة، منذ عام 2016، أي منذ هدم مدرسة بيرين الأساسية المختلطة شمال محافظة الخليل .

وتقع مدرسة التحدي التي بنيت بتمويل من الاتحاد الاوروبي على مساحة 8 دونمات تبرع بها أفراد عشيرة الزواهرة، بأوراق ثبوتية مسجلة في "الطابو"، وبنيت من الطوب والصفيح، وتخدم طلبة من مناطق جيب الذيب، والزواهرة، والوحش، وأبو محيميد، وكانت محكمة الاحتلال المركزية أصدرت قرارا بهدم المدرسة في شهر آذار/ مارس الماضي، بعد أن رفضت التماسا قدمته هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، ومؤسسة "سانت إيف" الحقوقية، لوقف هدمها .

سلطات الاحتلال تمارس ولا تزال جميع الطرق غير القانونية للنيل من المنهاج الفلسطيني والمؤسسات التعليمة منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية عام 1967 لتزوير التاريخ الفلسطيني وتجهيل الأجيال المتعاقبة وتغيير معالم الآثار الاسلامية والعربية لطمس الحقيقة وتقويض الرواية الحقيقية العربية الأصلية لهذا الصراع الممتد عبر الاجيال .

السياسات والمحاولات الاسرائيلية البائسة تصطدم برسوخ وعدالة الرواية العربية ومصداقيتها وبصلابة الموقف الفلسطيني والعربي وإصرار الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه في التعليم والذي يزداد قوة وصلابة في ظل تواصل الممارسات الاسرائيلية "العنصرية" ضد العملية التعليمية الرامية الى "أسرلة" نظام التعليم الفلسطيني فيها .

يجب التأكيد على أهمية الاستمرار في توفير الدعم العربي للعملية التعليمية في فلسطين والعمل على رفع المعاناة عن الطلبة الفلسطينيين ودعم صمودهم حيث تتنوع الممارسات والانتهاكات الاسرائيلية وما تشكله من انتهاك لحقوق الشعب الفلسطيني والتي تشكل حافزا لمضاعفة أسباب الصمود والإصرار الفلسطيني على تطوير العملية التعليمية وحمايتها .

سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.