24-06-2023

كانت احدى امنيات علي السيد طعمة بالحصول على  بيت فيه سقف يحمي اطفاله من برد الشتاء وحر الصيف بعد ان كان في العراء يحتضن السماء والارض  بكل ما يأتي منها من امطار ورياح وصعوبة العيش . البيت مساحته صغيرة متكون ثلاث غرف متتالية بشكل افقي ,الغرفة الاولى فيها شباك وهي مطلة على الشارع(الدربونة) مع حائط السطح المشترك مع الجيران

بعد ان تحققت هذه الامنية كان عليه ان يقوم بزيارة النجف (وهو قبر الامام علي ) وهذا كان نذر وعد نفسه به حين يحصل على بيت . بعدها أصبح ينادوه بالزاير في المدينة ونسو اسمه الحقيقي .

كان هادئ الطبع يلتقي قليلا بالأخرين  ومعتادا يذهب كل جمعة الى جامع الموسوي  الذي هو قريب من البيت ,يعطي ما يتمكن من نقود الى امام الجامع بالرغم من إمكانياته البسيطة من معاش يحصل عليه من عمله في معمل النسيج . وحسب الرواية المتناقلة بين الناس في المدينة ان امام الجامع قد بنا الجامع من ماله الشخصي . لذلك كان الزاير يدفع  ( ما يسمى خمس) كواجب شرعي لأمام الجامع

كان الزاير يقول  دائما لأبنائه ان يهتموا بالدراسة لأنها مستقبلهم. لكنه لم ينجح بمسعاه مع ابنه الكبير جبر

مضت الايام والسنين أصبحوا الاولاد والبنات كبار ,الابن جبر الذي لم يذهب الى المدرسة كان عمره يتجاوز العقد الثاني بسنوات وهو يعمل عامل بناء  .كان يرغب بالزواج ويلح على ابيه من  الزواج من احدى اقارب والدته ,وفعلا حقق ما اراد ,وبقي مع اهله لعدة سنوات لاحقه,

ونعيمة التي تزوجت مبكرا من أحد الاقارب التي لم تحدث مشاكل حينها مع ابن عمها الذي كان راغبا بالزواج منها. كان الوضع العائلي والمعيشي يجعل الاب الزاير يفكر مرتين ,ان تأخذ البنت نصيبها وبدون مشاكل مع الاقارب ويخفف عب المعيشة الذي صار ثقيلا عليه 

     شعر الزاير علي السيد طعمة بالغبطة والارتياح لدخول ابنائه ,قاسم وفاضل وحليم المدارس ,حيث بداء قاسم المرحلة المتوسطة وفاضل وحليم الابتدائية على التوالي الذين لم يشغلهم سواء الدراسة واللعب ولكل منهم اصدقاء المقربين وأحيانا يوجد اصدقاء مشتركين لجميع الاخوة

كان أحد امنيات الزاير الكثيرة ورغبته الشخصية ان يصل ابنائه الى مراتب وظيفية في الحكومة بدون الدخول في مشاكل مع الحكومة ويعطيهم  مثل على ذألك (المشي بصف الحائط أسلم الك ولغيرك). كان الزاير يحاول يلبي قدر ما يستطيع  لأبنائه حتى لو كانت بسيطة جدا  وخاصة ابنة حليم اخر العنقود يشتري له (شكرلمة)كل ليلة عندما يأتي من العمل . كان ابنة حليم يحبها كثيرا حيث ينتظر الى ساعة متأخرة والدموع في عينيه لكي يتلذذ بطعمها الطيب

بين فترة واخرى من سنة الى سنتين يأتي اقارب من مدينة العمارة لزيارة الزاير والعلوية في بغداد  للبقاء ثلاث ايام او اسبوع ويضيفوهم بما لديهم وهذا عُرف تعودوا عليه منذ فترة طويلة

في أحد السنوات جاء شخص من العمارة يسمى سيد دخيل له حكايات كثيرة في قدرته في حل مشاكل مستعصية الى الناس , منها قدرته في جعل المرأة المتزوجة العاقر ان تنجب اطفال بطريقة بسيطة بان تتمدد على الارض وهو يعبر عليها ذهابا وايابا ثلاث مرات . والامراض الاخرى يعالجها بالبصق في طاسة الماء ويشرب المريض الماء بعدها يشفى. وحسب قول الزاير والعلوية يوكدون ذألك من كلام الناس ويضيفون له ,في احدى المرات اراد ان يوقف سيارة لكي يركب معها فلم تقف السيارة بعد دقائق انقلبت السيارة . هذه القصص يستمع اليها حليم من والديه  وهو جالس قرب باب الغرفة وعينيه تنظر الى  السيد دخيل وهو لابس الغترة الخضراء دليلا على انه من السادة الصالحين .

سال حليم امه العلوية (ببراءة طفل يمة شو هذا ما يحجي ) ردت امه بصوت خافت يمه هذا اخرس!! ضحك بشيء من الخجل , لكنه فكر مع نفسه  بسؤال  محير ومتردد ان يسال امه

قال حليم وبجديه لامه , إذا يكدر يعالج الناس (وسوي كلشي ليش ما يعالج نفسه !؟

ردت وبعصبية مدت يدها لتقرص رجله (ولك اسكت اخاف اصيرالنه مشكلة )

(* يولد الانسان كل الماء النقي وبعدها يضاف الية شوائب المجتمع الكثيرة

مضيت السنوات بسرعة وكبر الاولاد، أصبح الزاير متقاعد وصحته عليلة بسبب ضعف قلبه ويقضي وقته بين البيت والجامع. بعد سنوات توفي الزاير. وبوفاته شكل صدمه ومفاجأة لزوجته وابناءه وبشكل خاص لابنة حليم. الذي اعتقد ان نهاية الحياة بوفاة والده...    

___________________________

مقطع من مقال الشاعر والكاتب هاتف بشبوش(مع تغيير بسيط مع الاعتذار