يواصل آلاف الإسرائيليين الاحتشاد للمشاركة في اكبر المظاهرات المتسعة دائرتها في كل المدن ضد خطة نتنياهو لـ"الإصلاح القضائي" تحت عنوان "يوم الفوضى" على حسب ما نشر الاعلام الاسرائيلي ويخطط منظمو الاحتجاجات لأعمال متنوعة وحازمة تهدف إلى وضع حد لما يسمى بالإصلاح القضائي .

وبحسب المنظمين، فإن الاحتجاجات، دخلت مرحلة غير مسبوق من "المقاومة المدنية" والعصيان على الإصلاح القضائي وفي الوقت نفسه دعا قادة المعارضة إلى تصعيد الاحتجاجات بينما يمضي الائتلاف الحكومي قدما في خططه لإلغاء بند "المعقولية"، بهدف منع إبطال قرارات الحكومة والوزراء على أساس "معقوليتها" ومن المتوقع أن يتم التصويت على مشروع القانون ليصبح قانونا نهاية الشهر الجاري.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي لحكومة التطرف بنيامين نتنياهو قد ندد بظاهرة العصيان في صفوف الجيش الإسرائيلي، وقال إنه لا يمكن قبول عصيان مجموعة في الجيش للحكومة المنتخبة .

وتشهد إسرائيل احتجاجات اسبوعيه متواصلة ضد ما يسمى قانون "الإصلاح القضائي" المثير للجدل، إذ انضم إلى المعترضين على القانون، مجموعات من عناصر الاحتياط والطيارين والجنود في جيش الاحتلال بالإضافة الى كبار السياسيين والإعلاميين .

وما من شك بان سقوط حكومة التطرف برئاسة بنيامين نتنياهو امر حتمي في ظل اتساع قاعدة المعارضة الشاملة لها على المستوى الاسرائيلي بل انعكاس ذلك على المستوى الدولي وخصوصا الولايات المتحدة الامريكية التي بدأت تعارض سياسة الحكومة حيث تسبب الحرج الكبير لمواقف الولايات المتحدة الامريكية التي باتت غير قادرة على توفير الغطاء السياسي لها في ظل معارضة واسعة لدى اغلب الاسرائيليين لسياسات الحكومة بل اتسعت قاعدة المظاهرات وبرامج الاضرابات الشاملة في مختلف المدن لتشهد اكبر تظاهرات في تاريخ اسرائيل ضد سياسات حكومة نتنياهو وتحالفاته مع المستوطنين .

حكومة نتياهو الاكثر تطرفا في تاريخ حكومات الاحتلال الاسرائيلي باتت معرضة للسقوط في ظل تواصل مراحل العصيان المدني وسيكون مصيرها أسوء بكثير مما سبقوها ولا خلاف على أنهم جميعا وجوه لعملة واحدة ولا يختلف اثنان على ممارسات الاحتلال النازية في الفكر والأسلوب والأهداف، وما من شك في تصنيف قادة الاحتلال فهم جميعا يمارسون جرائم الحرب بحق الشعب الفلسطيني ولا فرق بينهم .

وقد اقرت حكومة نتنياهو المتطرفة قانون الاعدام وغيرت قانون الاستيطان وعدلته ليشمل العودة الى المستوطنات المتواجدة في قلب الضفة الغربية ومارست الاستيطان وصعدت من دعمها لمشاريع تهويد الضفة الغربية واستمرت في دعم الاستيطان وحركات التطرف بداخل المجتمع الاسرائيلي مما عزز استغلال ذلك لصالح اعاقة تقدم عملية السلام وفرض واقع جديد يساهم في تشتت الجهود الدولية وإضاعة كل الدعوات التي تنادي الى وقف الاستيطان .

طبيعة المشهد السياسي الاسرائيلي يزداد تعقيدا خاصة على صعيد التعامل مع الاراضي الفلسطينية المحتلة وبما يتصل بالقضية الفلسطينية كون ان نتنياهو استمر في تدمير عملية السلام وعمل بكل جهد لدعم الاستيطان وتهويد القدس وبات واضحا إن ما يسعى لممارسته هو تمرير مؤامرات التسوية وبالتالي العمل على تصفية القضية الفلسطينية والمساس بحقوق الشعب الفلسطيني التاريخية .

وفي ضوء ذلك يجب ان يكون معلوما لدى الجميع ان أي حل لن يكون إلا عبر الحلول السياسية المتعلقة بإنهاء الاحتلال وإحقاق حقوق الشعب الفلسطيني المتمثلة في اقامة دولته المستقلة على حدود عام 67 وعاصمتها القدس استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي .

 

إرهاب المستوطنين لم ولن يصنع سلاما

 

الممارسات الإسرائيلية الراهنة تخلق أمام الفلسطينيين في كافة بقاع الأرض، والفلسطينيين المقدسيين بشكل خاص تحديا يتعين معه وحدة الصف الفلسطيني على كلمة سواء، دفاعا عن القدس والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة وكافة المقدسات الإسلامية والمسيحية وما من شك بان التطورات الخطيرة التي تعصف بالقضية الفلسطينية، منذ تولي الحكومة الإسرائيلية اليمنية مقاليد الحكم، باتت تكرس الفوضى كونها تواصل سياسة ممنهجة للقضاء على حل الدولتين وأي إمكانية لإقامة الدولة الفلسطينية، وهو ما صرح به رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو.

 

سلطات الاحتلال تواصل تنفيذ هذا المخطط على الأرض بالقوة العسكرية الغاشمة، والإرهاب الرسمي المنظم، وإرهاب المستوطنين المدججين بالسلاح، وبتصعيد غير مسبوق للاستيطان، ليطال الأرض والإنسان والمقدسات والممتلكات، وصولا إلى ما يحدث هذه الأيام من استهداف المواقع الأثرية والحضارية التاريخية امعانا في طمس وسرقة التاريخ والهوية الفلسطينية والعربية.

 

لا بد من تنسيق المواقف العربية وأهمية تقديم المرافعات أمام محكمة العدل الدولية للنظر في طبيعة وآثار الاحتلال الإسرائيلي، وندعو كافة الدول المحبة للعدل والسلام والمؤيدة لحل الدولتين لتقديم مرافعاتها أمام القضاء الدولي، ونستغرب من استمرار الصمت وعدم إحراز أي تقدم في التحقيق بجرائم الحرب الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة من قبل المحكمة الجنائية الدولية.

 

بات على المجتمع الدولي استمرار وتوسيع نطاق مقاطعة الشركات المتعاونة مع الاستيطان الاستعماري بالأراضي الفلسطينية المحتلة، هذه المقاطعة الدولية التي تواصل تحقيق التقدم والانجاز طبقا لمبادئ القانون والشرعية الدولية في مواجهة نظام التمييز والفصل العنصري والتطهير العرقي الذي تنتهجه سلطات الاحتلال، وخاصة بعد صدور القرار الجديد لمجلس حقوق الإنسان، الذي نرحب به وندعمه والخاص باستمرار تحديث قوائم الشركات المتعاونة مع الاستيطان الاستعماري ويجب استمرار مقاطعة الاحتلال والحد من التعامل مع منتجات المستوطنات وخاصة في الاسواق العربي والأوروبية .

 

وتبقى قضية اللاجئين الفلسطينيين أحد أهم عناوين القضية الفلسطينية التي تحظى بالإصرار العربي على حق العودة والتعويض عما تعرضوا له من تهجير واقتلاع من أراضيهم، وتطهير عرقي ما يزال يتواصل حتى اليوم في القدس، كما حدث قبل أيام مع عائلة صب لبن من سلب واستيلاء، إضافة إلى هدم للبيوت والممتلكات كما يحدث في مسافر يطا والمناطق (ج) في الضفة الغربية المحتلة، ومن المؤسف استمرار الأزمة المالية والوضع المالي الخطير الذي تعانيه الأونروا، وعدم توفر تمويل كاف لقيامها بتقديم خدماتها بدء من شهر أيلول/ سبتمبر 2023 لمجتمع اللاجئين، ما ينذر بعواقب وتداعيات بالغة الخطورة .

 

ولا بد من توحيد الجهود العربية وتنسيق المواقف مع الشركاء الدوليين وتشجيع أطراف النزاع على العودة مجددا إلى طاولة المفاوضات، لتسوية القضايا العالقة، بدلا من حالة الجمود القائمة التي لن تستطيع اجراءات مؤقتة أو حوافز اقتصادية أو اجتماعية على أهميتها واستحقاقها أن يعتد بها كبديل لخلق أفق سياسي يمكن الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة وحق العودة واسترداد ممتلكاته والتعويض .

 

وتبقى القضية الفلسطينية قضية العرب المركزية ولن يتحقق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط بدون تسويتها تسوية عادلة وشاملة على أساس حل الدولتين والمرجعيات الدولية ذات الصلة ولا بد من الدول الصديقة التعبير عن التزامها واستمرارها في دعم الشعب الفلسطيني حتى نيل حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة ذات سيادة قابلة للحياة على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967 وعاصمتها القدس .

 

سفير الاعلام العربي في فلسطين

رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.