لم تمنح إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الشعب الفلسطيني سوى الوعود بوقف الاستيطان الإستعماري الإسرائيلي وفتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن وكل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية والتي باتت مخيبة للآمال حيث لم يتحقق اي شئ  من تلك الوعود والتي كان الرئيس جو بايدن شخصيا وعد بتنفيذها قبل اكثر من ثلاث سنوات .

وبكل المقاييس فانه بات من الواضح بان الادارة الامريكية برئاسة الرئيس جو بايدن منحازة بشكل واضح لمصالح الاحتلال على حساب القضية الفلسطينية حيث تعمل الادارة الامريكية على تعزيز الانقسامات السياسية وتشكيل اطر ومحاور جديدة لحماية المشروع الاستعماري الاستيطاني وسياسته التوسعية حيث عملت على دعم سياسة الاحتلال وحافظت على تطوير علاقات الاحتلال في المنطقة العربية على حساب الدولة الفلسطينية والأوضاع الصعبة التي يعايشها ابناء الشعب الفلسطيني الرازحين تحت الاحتلال .

 الشعب الفلسطيني فقد اي شكل من اشكال المصداقية في التعامل مع الادارة الأمريكية وأصيب بخيبة أمل وصدمة لفشلها بالوفاء بوعودها وخاصة بالتراجع عن قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي خالف السياسة الأمريكية واعترف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي .

لقد مرت ثلاث سنوات على الوعود التي قطعها الرئيس بايدن وإدارته ولم أي من الخطوات الجدية تجاه القضية الفلسطينية باستثناء تجديد الدعم المالي لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين وتقديم بعض الدعم للمستشفيات في القدس الشرقية .

وبعد ان توقفت مفاوضات السلام تماما في نهاية مارس عام 2014، ولم تحقق أي طموح للشعب الفلسطيني بإقامة دولة مستقلة على كامل الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل العام 1967 بما يشمل الضفة الغربية وقطاع غزة وأن تكون عاصمتها القدس الشرقية، طالب في الوقت نفسه القيادة الفلسطينية مرارا الرئيس الأمريكي جو بايدن بتنفيذ وعوده التي قطعها على نفسه المتمثلة بإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس ومكتب منظمة التحرير في واشنطن ودعم موازنة السلطة الفلسطينية .

لا يمكن نجاح ادارة الرئيس بايدن ضمن حدود ما يتم العمل من اجله وتشكيل المحاور والتحالفات الجديدة الداعمة للسياسة للاحتلال بينما يتم التنكر والتجاهل التام للحقوق الفلسطينية وتقديم بعض التسهيلات للعمال والسفر بدلا من الحرية وممارسة الحقوق السيادية الفلسطينية .

وما من شك بان غياب وفشل جهود المجتمع الدولي لتنفيذ قرارات الإجماع الدولي وقرارات الشرعية الدولية وإفلات إسرائيل المستمر من المساءلة والمحاسبة ورفضها المعلن للتوصل إلى حل سياسي وإنهاء احتلالها وإنكارها لحقوق الشعب الفلسطيني .

المعاناة المستمرة التي فرضتها إسرائيل على شعبنا لأكثر من 56 عاما من احتلالها غير القانوني هي اختبار للإرادة الدولية وأن إفلاتها من العقاب أصبح مرهون بتوقف سياسة ازدواجية المعايير التي حالت دون تفعيل الآليات الدولية ذات الصلة بحماية السكان المدنيين .

وبات من المهم ان تسعى  القيادة الفلسطينية للعمل على مطالبة المجتمع الدولي وأهمية تفعيل الآليات الدولية لحماية الشعب الفلسطيني لإنهاء الاحتلال ووقف جرائمه من خلال اللجوء إلى المؤسسات والآليات الدولية بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية فيما يتعلق بالوضع القانوني للاحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين والالتزامات الدولية المترتبة عليه .

وحان الوقت ان تتخذ كافة الدول التي تؤيد فكرة حل الدولتين خطوات عملية نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية على أساس حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ومبادئ العدالة .

 

الاعتقال الاداري ومخالفة القوانين الدولية 

 

الاعتقال الإداري هو اعتقال بدون تهمه أو محاكمة، يعتمد على ملف سري وأدلة سرية لا يمكن للمعتقل أو محاميه الاطلاع عليها، ويمكن حسب الأوامر العسكرية الإسرائيلية تجديد أمر الاعتقال الإداري مرات غير محدودة، حيث يتم استصدار أمر اعتقال إداري لفترة أقصاها ستة شهور قابلة للتجديد .
تربط حكومة الاحتلال سياستها تجاه الاعتقال الإداري بالوضع السياسي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، واستمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967، وهو عقاب وأجراء سياسي يعبر عن سياسة حكومية رسمية لدولة الاحتلال باستخدامها الاعتقال الإداري كعقاب جماعي ضد الفلسطينيين، والاعتقال الإداري بالشكل الذي تستخدمه قوات الاحتلال محظور في القانون الدولي، فقد استمر الاحتلال في اصدار أوامر اعتقال إداري بحق شرائح مختلفة من المجتمع الفلسطيني في الضفة الغربية، نشطاء حقوق إنسان، عمال، طلبة جامعيون، محامون، أمهات معتقلين وتجار .
يشرع المعتقلين الإداريين في سجن عوفر، بخطوات احتجاجية تتمثل في (خطوات عصيان) وفقا لبرنامج تم إقراره من الفصائل كافة، تمهيدا لإقرار برنامج أوسع ينخرط فيه المعتقلون الإداريون كافة، وأن هذه الخطوات التمهيدية تتمثل في (تأخير الخروج إلى العدد، وخروج مجموعة من المعتقلين الإداريين إلى الزنازين، وإرجاع وجبات الطعام) .
ويواصل نحو 60 معتقلًا منذ العام الماضي مقاطعتهم لمحاكم الاحتلال، وهي إحدى أهم الخطوات التي سعى المعتقلون الإداريون إلى ترسيخها، في مواجهة جريمة الاعتقال الإداري، ومحاكم الاحتلال التي شكلت وما زالت الذراع الأهم في ترسيخها .
وتأتي هذه الخطوات في ظل التصاعد غير المسبوق في جريمة الاعتقال الإداري واتساع دائرة الاستهداف وفقا للمعطيات التي تابعتها المؤسسات خلال شهر تموز المنصرم فقد وصل عدد المعتقلين الإداريين إلى نحو 1200 معتقل إداري .
وكان المعتقلين الإداريين قد أرجؤوا خطوة الإضراب عن الطعام، لإعطاء فرصة لاستكمال (الحوار) حول مطالبهم، وأصدرت لجنة المعتقلين الإداريين بيانًا مؤخرا أكدوا فيه، استعدادهم الدائم وأن الجهوزية العالية هي الضامن للحفاظ على حقوقهم واستجابة سلطات الاحتلال لمطالبهم .
وبحسب الاحصائيات المنشورة حول المعتقلين الاداريين في سجون الاحتلال يبلغ  80% من المعتقلين هم أسرى سابقون أمضوا سنوات في سجون الاحتلال، وكانت أعلى نسبة في أوامر الاعتقال الإداري، مقارنة بالسنوات الخمس الأخيرة، خلال العام المنصرم 2022، وبلغت (2409)، وأعلى نسبة في أوامر الاعتقال الإداري، كانت في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2022، وبلغت (315) ويحتجز معظم الإداريون الذكور حالياً في معسكر عوفر، النقب ومجدو، وتحتجز الأسيرات فلسطينيات المعتقلات إدارياً في سجن الدامون، وهو مخالف لما نصت عليه اتفاقية جنيف الرابعة بوجوب أن تقع السجون داخل الأراضي المحتلة .
يقع إصدار أوامر الاعتقال الإداري دون تحديد عدد مرات التجديد للمعتقلين بيد ضباط المخابرات التابعين لجهاز الشين بيت والحاكم العسكري الإسرائيلي فيما يقع إصداره ضمن صلاحيات وزير الأمن الإسرائيلي للمعتقلين من سكان القدس، ويمنح القانون الإسرائيلي للقائد العسكري صلاحية إجراء أية تعديلات على الأوامر العسكرية المتعلقة بالاعتقال الإداري .
وفي ظل تواصل هذه السياسة الخطيرة التي تتسبب في القتل المتعمد للأسرى في سجون الاحتلال لا بد من المجتمع الدولي بكافة مؤسساته الفاعلة العمل وبشكل سريع للضغط على دولة الاحتلال لإنهاء سياسة الاعتقال الإداري وقوانينه التي تختبئ خلفها دولة الاحتلال لمعاقبة كل فلسطيني يقع في دائرة الاشتباه كشكل من أشكال العقوبات الجماعية العنصرية .

سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.