الأوضاع السياسية التي تحيط في حكومة التطرف والتصعيد الإسرائيلي الخطير المتمثل في الانتهاكات المستمرة وقرارات حكومة اليمين الفاشي ووزير ماليتها سموتريتش بتوسيع البؤر الاستيطانية وعمليات التهويد المستمرة، والاعتداءات على الأماكن المقدسة بالقدس وما يتعرض له أهلنا بالأراضي الفلسطينية المحتلة من هدم للبيوت والاعتقالات والعنف المتصاعد ضد الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته على جميع المستويات السياسية والأمنية والمالية، من خلال السرقة الشهرية للأموال الفلسطينية، لن يجلب السلام والاستقرار بالمنطقة وسيبقي على دائرة العنف مستمرة بفعل سياسة الاحتلال القائمة على ترسيخ الاستعمار والاستيطان في فلسطين .

 

حملة الاعتقالات الكبرى التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي والتي وصلت خلال ايام الى اعتقال المئات من المواطنين والمترافقة مع عمليات القتل اليومية لأبناء شعبنا، والتي كان آخرها جريمة استشهاد الطفل عثمان عاطف أبو خرج (17 عاما) من قرية الزبابدة قضاء جنين، بالإضافة إلى استمرار الاقتحامات الاستفزازية للمسجد الأقصى المبارك وتواصل إرهاب المستوطنين، كل ذلك أوصل الأمور إلى طريق مسدود وخطير.

 

حكومة اليمين الإسرائيلي الفاشية تستخدم فرق خاصة للإعدامات تتكون من مجموعات من المستوطنين المتطرفين اليمينين تأتمر بأمر بن غفير، هدفها القيام بالقتل والتدمير والإعدام خارج نطاق القضاء والقانون، مما يعتبر انتهاكا صارخا للحق في الحياة بموجب اتفاقية جنيف الرابعة السارية على كامل الأرض الفلسطينية المحتلة، ولذلك تتحمل حكومة الاحتلال المسؤولية المباشرة عن هذا التصعيد وتداعياته .

 

ما يخلفه هذا العدوان الغاشم من مضاعفة حجم المعاناة الفلسطينية جراء العدوان الوحشي على الاراضي الفلسطينية المحتلة وخاصة في ظل إعراب الحكومة الإسرائيلية بكل وضوح عن أن هذا الهجوم ما هو إلا البداية لسلسلة من الهجمات ضد ابناء الشعب الفلسطيني اضافة الى عمليات الإعدام الميدانية في الضفة بما فيها القدس، وتصاعد عنف المستوطنين بدعم من الحكومة المتطرفة وجيش الاحتلال كأحد أذرعها  .

 

لا بد من متابعة تلك الجرائم بكل تفاصيلها مع كافة الدول والجهات الأممية المختلفة، بما في ذلك لجنة التحقيق المستمرة المنبثقة عن مجلس حقوق الإنسان، ورئاسة وأعضاء مجلس الأمن الدولي، ورئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة والمحاكم الدولية المختصة، بهدف فضحها أولا، ومطالبة المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية في توفير الحماية الدولية لشعبنا وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية .

 

السلام لن يتم دون موافقة الشعب الفلسطيني ووفقا لقرارات الشرعية الدولية وقرارات المجالس الوطنية الفلسطينية، وان إدانات العالم لم تعد تكفي والغياب الأميركي والموقف السلبي الذي تتخذه الإدارة الأميركية ساهما في زيادة اشتعال الأوضاع على الأرض .

 

المجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان الدولية مطالبة بإدانة هذه الجرائم ومحاسبة مرتكبيها أمام المحاكم الدولية الجنائية الخاصة بمجرمي الحرب وحان الوقت بالخروج عن الصمت امام تلك العمليات الاجرامية وخاصة عمليات الإعدام المباشرة التي ينفذها الاحتلال بحق أبناء شعبنا واتخاذ إجراءات فورية وقانونية لمحاسبة الوزراء من حكومة اليمين الفاشيين، لأن هذا التصعيد وسفك الدم الفلسطيني يستوجب سرعة التدخل الجدي والفاعل من أجل حماية شعب أعزل، والضغط على حكومة الاحتلال لوقف هذه الجرائم وإنهاء الاحتلال للأرض الفلسطينية، تنفيذا لقرارات الشرعية الدولية .

 

على الجميع الإدراك أن هذه السياسة الإسرائيلية التصعيدية ضد شعبنا وأرضنا ومقدساتنا لن تغير شيئا، وأن الحقوق الفلسطينية الوطنية لا يمكن تجاوزها، وأن الأرض والمقدسات هي خطوط حمراء وستبقى كذلك إلى أن تحرر القدس ومقدساتها .

 




حكومة التطرف وتعزيز الاستيطان بالضف



تعمل حكومة التطرف الاسرائيلية على استمرارها في تنفيذ مخططها القائم على ابتلاع وضم اراضي الضفة الغربية واستغلال الظروف القائمة لسرقة الاراضي الفلسطينية لصالح اوسع عمليات الاستيطان في الضفة الغربية وقد عملت مؤخرا حكومة الاحتلال التطرف على تخصيص الميزانيات الازمة لصالح توسيع عمليات الاستيطان حيث صرح وزير المالية بتسلئيل سموتريتش انه سوف يخصص ميزانية تُقدر بـ700 مليون شيقل لصالح التوسع الاستيطاني في الضفة .



ويعمل سموتريتش بالتعاون مع وزيرة المهمات القومية والاستيطان أوريت ستورك، على خصخصة الميزانية بهدف تعزيز الاستيطان في الضفة، بما في ذلك في البؤر الاستيطانية العشوائية وأشارت وسائل الاعلام إلى أن أنه سيتم رصد هذه الأموال من ميزانيات الوزارات الحكومية حيث سيخصص مبلغ يقدر بـ 130 مليون شيقل من ميزانية وزارة التعليم، وسيتم اقتطاع مبلغ 200 مليون شيقل من ميزانية وزارة الداخلية .



وعلى حسب ما نشر من قبل بعض وسائل الاعلام الاسرائيلية فان قرار سموتريتش ينضوي على "مشاكل قانونية"، بسبب اقتراب موعد إجراء الانتخابات البلدية والسلطات المحلية داخل إسرائيل، حيث يحظر القانون الإسرائيلي تحويل أموال مخصصة إلى مناطق عينية في قرارات تصدر عن الحكومة، خلال فترة الانتخابات .



وارتفعت وتيرة البناء الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ بداية العام 2023 الجاري، حيث أعلنت حكومة بنيامين نتنياهو بعد نيلها ثقة "الكنيست" في ديسمبر/ كانون أول 2022، أنها ستعمل على تعزيز الاستيطان بالضفة .



وبحسب معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، بلغ عدد المستوطنين في مستوطنات الضفة بما فيها القدس 726 ألفا و427 مستوطنا موزعين على 176 مستوطنة، و186 بؤرة استيطانية، منها 86 بؤرة رعوية زراعية وسيتم زيادة مساحة البؤرتين الاستيطانيتين عشهئيل أو المسماة "أساهيل"، وبؤرة "أبيجيل" والمقامتان على أراضٍ فلسطينية في جنوب الخليل وإن هذه الخطوة تأتي في إطار شرعنة تلك البؤر، كما يظهر من خرائط نشرتها ما يسمى بالإدارة المدنية الإسرائيلية .



وكانت حكومة التطرف الاسرائيلية أقرت في فبراير/ شباط الماضي، قرارًا بشرعنة 10 بؤر استيطانية وتحويلها لمستوطنات مستقلة وستزيد مساحة بؤرة عشهيئيل أو "أساهيل" 18 مرة، فيما ستزيد مساحة أبيجيل 25 مرة ومساحة البناء حاليًا في بؤرة "أساهيل"، تبلغ حاليًا 55 دونمًا، وبعد القرار الجديد سيتم زيادة نطاقها لتصبح 880 دونمًا، بينما تبلغ مساحة "أبيجيل" 75 دونمًا، وسيزيد نطاقها لتصبح 201 دونمًا وهاتان البؤرتان أولى البؤر العشر التي تم الإعلان عن شرعنتها، والتي ستدخل حيز التنفيذ الفعلي لشرعنة باقي البؤر الاستيطانية .



التوسع الاستيطاني الذي تقوم به حكومة التطرف غير شرعي ومنافي للقانون الدولي ولكافة القرارات والقوانين الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، والتى كان آخرها القرار رقم 2334 الذى أكد عدم شرعية الاستيطان فى الأراضى الفلسطينية كافة وبات من المهم ان يتحرك المجتمع الدولي لوقف سياسة الاستيطان .



جميع عمليات الاستيطان لن ولم تأخذ شرعيتها وسياسة الضم والتوسع لن يكون هناك شرعية لها وان وجود اى مستوطنة إسرائيلية تقام على الأرض الفلسطينية سواء كانت توسعا أو ضما هي منافية تماما لكل القوانين الدولية .



السلام والاستقرار يتطلب الالتزام بقرارات الشرعية الدولية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس، وأن استمرار انتهاك إسرائيل للحقوق الفلسطينية وتحديها للشرعية الدولية لن يؤدى إلى أى سلام، بل سيساهم باستمرار حالة التوتر وعدم الاستقرار فى المنطقة .



الاحتلال وحربه المفتوحة على القدس



تتواصل ممارسات الاحتلال والانتهاكات في مدينة القدس وخاصة للأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية والمحاولات الرامية إلى تغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى المبارك، وتقسيمه زمانياً ومكانياً، وتقويض حرية صلاة المسلمين فيه وإبعادهم عنه، وكذلك محاولة السيطرة على إدارة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة والاعتداء على موظفيها ومنعهم من ممارسة عملهم ومحاولة فرض القانون الإسرائيلي على المسجد الأقصى المبارك والقيام بالحفريات الإسرائيلية تحته بهدف تزوير تاريخه وتقويض أساساته .

 

مصادقة حكومة الاحتلال ضمن حربه المفتوحة على القدس والوجود الفلسطيني على الخطة الإستراتجية لتطوير القدس وما يسمى بالخطة الخمسية للقدس الشرقية المحتلة بـ120 مليون شيقل، تعمق تهويد القدس وتغيير معالمها في المجالات كافة وان هذه الإجراءات تكرس الاحتلال وتحاصر ابناء الشعب الفلسطيني وهي خطط وهمية وباطلة وغير قانونية وانتهاك للقرارات الدولية التي تعتبر القدس أراضي محتلة، خاصة قرار 478 الذي يتضمن عدم الاعتراف بالقانون الإسرائيلي بشأن القدس، ودعوة الدول إلى سحب بعثاتها الدبلوماسية من المدينة المقدسة وأن القدس ستبقى العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية.

 

نظام الفصل العنصري (أبارتهايد)  الذي تفرضه وتمارسه إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال ضد الشعب الفلسطيني من خلال سياسات وتشريعات وخطط إسرائيلية ممنهجة تستهدف اضطهاد الشعب الفلسطيني وقمعه والهيمنة عليه وتشتيت شمله، وتقويض حرية التنقل وعرقلة الحياة الأسرية والتهجير القسري والقتل غير المشروع والاعتقال الإداري والتعذيب والحرمان من الحريات والحقوق الأساسية، وتقويض المشاركة السياسية وكبح الاقتصاد والتنمية البشرية ونزع ملكية الأراضي والممتلكات، وغيرها من الممارسات العنصرية الإسرائيلية ضد أبناء الشعب الفلسطيني، بما يشكل جريمة ضد الإنسانية وانتهاكا فاضحا للقوانين الدولية ذات الصلة، بما فيها الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها، ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية .

 

بات من الضروري بما يحقق متطلبات التوافق الدولي ويجب العمل على مواصلة التنسيق المشترك على الصعيد العربي وخاصة تلك الجهود الحثيثة التي تبذلها كل من جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية بهدف إعادة القضية الفلسطينية على رأس أولويات المجتمع الدولي وحثه على ممارسة الضغط على إسرائيل، للانخراط بمفاوضات سلام جادة على أساس المرجعيات الدولية المتفق عليها، ودعم تلك الجهود من منطلق مركزية القضية الفلسطينية بالنسبة للدول العربية، وذلك ضمن الاطار الوطني الفلسطيني والشرعي واحترام شرعية منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والعمل على تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية وأهمية ان تجسد الفصائل والقوى الفلسطينية ما تم الاتفاق عليه في اطار المصالحة الوطنية والالتزام بمنطلقات وبنود اتفاقات الحوار الوطني الفلسطيني على مدى السنوات الماضية .

 

بات المطلوب من المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة الأميركية العمل بمسؤولية مع الأطراف المعنية لتنفيذ الالتزام بحل الدولتين على خطوط الرابع من يونيو/حزيران 1967 واستحقاق الشعب الفلسطيني لدولة مستقلة ذات سيادة قابلة للحياة ومتواصلة جغرافياً هذا الإلتزام الذي أكد عليه رئيس الولايات المتحدة الأميركية خلال لقائه رئيس دولة فلسطين في مدينة بيت لحم بتاريخ 15/7/2022، وأهمية ان تقوم الولايات المتحدة بدورها من اجل الضغط على إسرائيل لوقف أعمالها الأحادية التي تدمر حل الدولتين، وكذلك إلى إعادة فتح قنصليتها العامة في مدينة القدس الشرقية المحتلة وإلغاء تصنيف منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني كمنظمة إرهابية وإعادة فتح بعثة المنظمة في واشنطن  .

 

سفير الاعلام العربي في فلسطين

رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.