"يامَنْ هويتَ الموت سِرْ معنا* "

قبل ايام قدم لي احد الاصدقاء ، كتاب معنون (مناديل وحلوى للفرح القادم) لمؤلفه الشاعر قحطان محبوب مندوي الصادر من دار ميزر للنشر والتوزيع في نيسان 2019 . وهذا الكتاب او كما يسميه مؤلفه في الاهداء(أهدي روايتي لآخي كلدان مندوي ولشهداء الحركة الوطنية العراقية).يتكون الكتاب من 24 فصلا مكثفا وبعناوين سنوات النضال وظروفها مع ملحق شعر وبعدد صفحاته 221.

يتحدث عن سيرة حياة المناضل كلدان مندوي ونضاله ومعاناته التي يشير لها في مقدمة الكتاب ، سيرته تلقي الضوء على نضال الشيوعيين في محافظة ميسان منذ الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.

وفي مقدمة الكتاب يشير الاستاذ هاتف الجنابي الى (كان من الصعب على ناشط سياسي وطني أن يخفي نفسه في مدينة جنوبية مثل العمارة (ميسان حاليا). فكيف ياترى اذا كان هذا السياسي اليساري يقارع نظاما مفترسا لايرحم؟ كان كلدان ورفاقه بين كماشتين جهنميتين:الحرس القومي العراقي والسافاك الشاهنشاهي الايراني في حالة الهرب عبر الحدود الشرقية وليس هناك مفر. كانت طبيعة الجنوب ملاذا لكنه مؤقت ، الامر الذي جعل كلدان واخرين عرضة للملاحقة فالانكشاف فالاعتقال والتعذيب الذي لاينجو منه الا نفر محدود).ص8

يتحدث المؤلف عن اخيه كلدان وعن عائلته واخيه الاكبر المناضل كاسب(جاسب) كبيص المندوي وعن رفاقه الاخرين ونضالهم بين الفلاحين الفقراء والمعدمين في مدن العمارة ، المشرح وقرى الهور.(ناضل كلدان مندوي كغيره من اجل وطن حر وشعب سعيد وتحمل جراء رسالته هذه التعذيب والمرارة والمطاردة والتشريد وظل ملتزما بهدفها ونبالة طموحها لما تبقى من سنين حياته... ويضيف المؤلف ليست لي مارب شخصية او نزعات ثأرية لكي انتقص او اجدف على اي انسان ساهم بدمار العراق رغم ايماني المطلق بضرورة محاربة الفكر الرجعي الفاشستي وملاحقة الاشخاص الذين لعبوا دورا اجراميا مأساويا بحق العراق والعراقيين)ص 12.

كانت ظروف الحياة الاقتصادية والاجتماعية سيئة للغاية خاصة بعد الحرب العالمية الثانية ، وكان وضع العراق تحت نظام ملكي واستعمار بريطاني ،وكانت الحياة في مدن الجنوب ومنها العمارة صعب جدا حيث الاقطاع واستغلاله للفلاحين الذين عاشوا الحاجة والفقر والظلم وعبوديته ، ولهذا اتجه الكثير من ابناء هذه المدن والارياف الواعين الى مساعدة هؤلاء الفلاحين والدفاع عنهم.

وكان الابن الاكبر كاسب كبيس مندوي بدا العمل في صفوف الحزب الشيوعي العراقي منذ شبابه والذي جعل بيته كما يقول المؤلف مقرا للحزب يجتمع مع المعلمين في ناحية المشرح (الحلفاية) ومنهم المناضلين صالح مهدي دكله وعبد علوان ومحمد طلحة . وقد اعتقل كاسب اكثر من مرة ووضع في السجن ، ويستذكر هنا المؤلف عندما كان صغيرا ، حيث سأل اخته ام حامد عن سبب سجنه قالت (لانه يحب الناس ويريد مساعدة الفلاحين ليتخلصوا من الفقر والظلم وعبودية الاقطاع والعيش بحرية وعدالة ) ويضيف ، رأيت وضع اخي بأم عيني كاسب كبيس مكبلا بسلاسل الحديد مربوطا بعروة او حلقة حديدية مثبتة في الحائط في موقف السراي بالعمارة...مكبلا وكانه حيوان مفترس شعرت بالرهبة والخوف وحزنت كثيرا لحالة اخي وظل المشهد واللحظة يطارداني في حياتي ص 14).

ويصف والد كاسب كبيص وهو الشاعر ويمتاز بالذكاء حول اعتقال ابنه (في احد الايام وكان الاحد كنت (ارشم وابرخ) ويعني (اتوضا واصلي) على نهر المشرح جاء لي شرطي وقال لي (عندي لك خبر موزين عن ولدكم المعلم كاسب (جاسب) ، اخذوا ابنك وعذبوه! حيث وجدوا لديه ورقة مكتوب فيها -(اولا - يريد ابنك تبليط الطريق اللي يوصل بين المشرح والعمارة وثانيا –ابنك مايريد الانكليز بالعراق ومادري شنو كاتب عن فلسطين وثالثا- امسمي شيوخ اقطاعين ويريد ايزيدون حصة الفلاحين من المحصول ،والسراكيل اللي عند الشيوخ لازم مايعتدون على الفلاحين والناس الفقره. ورابعا- ايريد ابنك من الحكومة تبني مدارس من الطابوك بكل القرى المحاذية للمشرح مثل قرية الجادل وقرية الونسة وقرية شط الاعمى وقرية الجديد البعيدة. وخامسا-ابنك يريد ايوزعون نفط ابيض بدل النفط الاسود . عمي ابو كاسب (جاسب) ابنك كاتب مطاليب جثيرة وما حافظتها كلها) ص 31

رد ابو كاسب على الشرطي وصاح باعلى صوته (اسمعوا ياناس ،ابخت شيخ جثير وكتبه ،كلنا انريد هاي المطاليب اللي كاتبها ابني كاسب(جاسب) واللي عذبوه عليهن وكل العمارة والحلفاية والقرى كلها تريد ايسووها وهذي مو افكار هدامة ،هي تبني وتعمر.

ويشير المؤلف قحطان كيف انتمى اخيه كلدان  (اصغر من كاسب)الى الحزب الشيوعي فيقول (بعد اعترافات مالك سيف الذي انهار تحت التعذيب او كان عميلا للامن منذ البداية ،حيث ادلى بتنظيمات الحزب وكوادره المتقدمة مما ادى الى اعدام قادة الحزب الشيوعي ،فهد وصارم وحازم وحبس الاخرين جميعا.غالت وتمادت حكومة نوري السعيد ببطشها ومطاردتها للقوى الوطنية وازدات الحالة الاقتصادية والسياسية سوء. ومازال كاسب كبيس يرضخ في السجن ، يئن ويتحمل بين فترة واخرى قساطا من التعذيب الوحشي لكي يقر على رفاقه المتبقين في الحزب، الى ان يئس الطغاة الساديون منه. فربطوه في باب جسر الكحلاء بالشتاء القارص طول الليل حافيا وشبه عارِ، بفانيلة واحدة وسروال .سمعت ورأته المدينة كلها ليجعلوه مثلا وعبرة للاخرين. لكن كاسب لم يمت ومن لم يقتله يقوية ! كما يقول المثل وزاده التعذيب واعدام رفاقه اصرارا وجبروتا ،كما اشعل تعذيبه الغيض والحنق في قلوب اخوته واقربائه ورفاقه...ولم يمت الحزب بل استمر بالنضال وتحمل كاسب اشد الالام، فكيف لكلدان مندوي بعد رؤية اخيه عاريا مربوطا بباب الجسر ، ينظرله السابلة والعابرون ،ان لايسير بنفس الطريق ؟ وقد حصل لي ذات الغضب يوما ... ومن هنا انطلق كلدان الى النضال وحمل افكار اخيه المناضل كاسب في طريق صعب وشاق وتحمل اكثر من اخيه التشرد والعوز والصبر والعبور الى دول الجوار بعد ان صدرت احكام ضده من قبل السلطات الحاكمة في بغداد بعد 8 اشباط عام 1963..ص32

وهنا يجيب كلدان مندوي على سؤال اخيه الكاتب قحطان ،هل كان تعاطفك مع اخيك كاسب السبب الرئيسي الذي جرفك للفكر الماركيسي والانضمام للحزب ؟

اجاب كلدان ،الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتأثر بصورة عميقة وواضحة بالدين والفقر والتفاوت الطبقي لايسمح للانسان ان يبقى متفرجا،خاملا، امام احداث جسام ، في وقت يتعرض له الوطن لخطر داهم ومتاهات لاندري مغبتها. ويضيف بطل الرواية كلدان الى ،ان حالة الفقر المدقع لاتحتاج لشرح او توضيح، والعوز متفشيا في كل بيت تقريبا.البعض يعيش افضل من غيره، واخرون يسكنون الصرائف التي تحترق بين الحين والاخر، فيظلون بلا ماوى حتى في الشتاء القارص، ولكن الجميع يعانون من الحرمان وقلة الرزق.ويضيف المناضل كلدان ،عائلتنا لاتختلف عن العوائل الاخرى ، ومازاد سوءا هو عددها الكبير ومدخولها النزر..لذا وجدت نفسي بين هذه الجماهير الفقيرة بدون ارادة مني واكثرهم في صفوف الحزب الذي رفع شعار الاخوة ونبذ الطائفية والتفرقة الاجتماعية والدينية وتحرير البلاد من الاقطاع والاستعمار البريطاني ....ص 35

وقد نال كلدان عضوية الحزب لموقف العائلة ونضالها وتضحياتها حيث يشير (ولسجل اخي كاسب كبيس المشرف ولكوني من عائلة مندائية ، رشحت لعضوية الحزب، ومنحت قبولا فخريا بدون علمي او طلب رسمي مني. وكان الحزب محظورا ومطاردا في تلك الفترة مع احزاب وطنية اخرى، كالحزب الوطني الديمقراطي برئاسة كامل الجادرجي.. ويضيف ، في البدء عملت مراسلا بين كوادر الحزب المتواجدة، ومنظمة ابي بشرى، حسين النجفي ، ومن الكوادر الذين عملت بصفوفهم ،محمد طلحة وزكي طرفي وصالح جبر ويحيى عبد الشيخ وجبار سعيد الفيترجي وعباس محمود الحداد وسيد عبد سيد حسين واخرون استشهدوا في انقلاب رمضان عام 1963 (انقلاب البعث 8 شباط الاسود) ص 36. ومن اصدقاء الحزب ايضا الراحل رجاء عباس عمارة شقيق الشاعرة لميعة عباس عمارة،وابناء الشيخ عبد طيبي الذكر الاستاذ صباح وثمين وجميل امين الشيخ عبد . وفي هذا الجانب يتأسف الكاتب عن عدم ذكر مجموعة من المناضلين الذين زوده بهم اخيه كلدان (زودني كلدان باسماء رفاق مناضلين اخرين لكني نسيت ان ادونهم ،واتأسف جدا لذلك).

وهناك مناضلون اخرون اشار لها الصديق العزيز بدر الهلالي  الذي زودني ببعض الاسماء منهم عائلته ،عبد الواحد مطشر الهلالي وعبد الحميد الهلالي وخيرية مطشر وكريم ورفعت وامجد وحمدي ومجيد وتحسين اولاد مطشر الهلالي واخوتهم الاخرين ، وكذلك يوسف الهاشمي ونعيم وادي وحمزة الزبيدي .

ويتطرق الكاتب الى سنوات 14 تموز1958 المجيدة وكيف سمعوا من خلال الراديو بها ويشير الى دور الرجعية والقوى القومية في اجهاض الثورة ومنها طموح العقيد عبد السلام عارف في الوحدة العربية ،هذا الحلم الباهت يعجز تحقيقه بدليل ان هذا الطموح فشل وتلاشى تحت افضل الظروف ،كما اثبت التاريخ وحتى اصبحت السلطة بيد عارف وقواه القومية الوحدوية،ولهذا اتهمت القوى الوطنية وعبد الكريم قاسم بالوقوف ضدها ، و رفعت شعار العداء للحزب الشيوعي العراقي ((ياعدا الشيوعية اتحدوا))..ص 40.

ويجيب كلدان على سؤال اخر ، ماذا حصل بعد تقلص نفوذ الحزب واجباره على ممارسة نشاطاته سرا؟(يقصد الفترة بعد 1960)، ظل الاتحاد العام لطلبة العراق نشطا وعلاقتي مع زملائي حمودي الهلالي وفاضل رشم الجاري وعزيز حسين وعباس الحداد وشباب اخرين ولكن السلطة الحقيقية بقيت في ايدي القوى الرجعية والشوفينية وصارت ملاحقة القوى الوطنية اكثر تماديا وعنفا مما كانت عليه ابان الحكم الملكي لاسيما بعد معارضة الحزب لتصرفات قاسم العشوائية الزئبقية وحربه على الاكراد التي اودت بحياة عدد كبير من الجنود وغيبت عدد اكبر من الشباب الحر الواعي في السجون وظل بعضهم في المعتقلات الى يوم انقلاب الدموي في الثامن من شباط 1963 الذي ادى الى القضاء على حكم الزعيم عبد الكريم ورفاقه واعدام قادة الحزب الشهداء سلام عادل ورفاقه وتعذيب وقتل وسجن الاف العراقيين والعراقيات ص   42

كانت المأساة الاكبر ماحصل في 8 شباط 1963 وكانت الاعتداءات المستهترة من قبل الرجعية على القوى الوطنية والحزب قبل هذا الحدث ، وهنا يشير المناضل كلدان الى الزعيم عبد الكريم قاسم (...ظل هذا القائد ، رغم نبله وصدقه وطيبته وحسن نواياه ،شبه اعمى لايعي طريقه، ولايفرق بين من يريد له خيرا وشرا ص 50).والسؤال الذي طرح ،لماذا لم تتحرك قوى الحزب قبل فوات الاوان لاجهاض المساعي لدماره والقضاء على امال الشعب وثورته؟ ..حيث لديكم ضباط وموظفون متنفذون بالجيش والحكومة والقوة الجوية ،لاسيما دائرة الامن العامة التي يديرها رجل محسوب على القوى اليسارية؟ ويجب كلدان عن ذلك (لم يكن الحزب والرفاق راغبين بالوقوف بوجه الزعيم عبد الكريم او مصادمته، ولا حتى اغاضته ..كان الرجل مسالما ولايحب العنف مقارنة بما رايناه من قادة الاحزاب البعثية والقومية الاخرى التي اتخذت البطش السياسي وتصفية المعارضة طريقا واضحا لتحقيق رغبتها المطلقة بأخذ الحكم بالقوة).

يعنون المؤلف الفصل الثامن (اقبح وارهب يوم راه العراق والعراقيون)، وهذا اليوم معروف للجميع كيف استعمل الانقلابين القتل الجماعي والاعتقال ويصف كيف سمع بخبر الانقلاب من الاذاعة (في يوم الجمعة الثامن شباط عام 1963 زعق صوت مذيع عرفت بعد سنين طويلة انه حازم جواد(ايها العراقيون اخرجوا للشوارع لتروا جثة المجرم عدو الشعب عبد الكريم قاسم..الخ لم يكن عبد الكريم يوما عدوا للشعب بنظري او نظر من اعرفهم..) ثم توالت بيانات الانقلاب بحق معارضيهم ومنها بيانهم المشئوم رقم 13 ب ابادة الشيوعيين.( خلال الشهرين القادمين ارتكب الحرس القومي وعملاء الامن جرائما مروعة. اغتصبوا وقتلوا واوقفوا الناس في الشوارع وفتشوا البيوت بنصف الليال وارهبوا الجماهير الكادحة التي باتت تعاني من ضنك العيش وشحة الرزق والقلق المزمن.  ص 73

طلب مني اخي عدنان مندوي المساعدة للتخلص مما بحوزتنا من كتب ادبية ماركيسية للكتاب الروس وادبيات وكتابا كارل ماركس وانجلز واخرى حزبية لفهد وسلام عادل.

هرب الكثير من الشيوعيين الى ايران – الاهواز ومنهم المناضل كلدان مندوي، ولهذا اصدرت المحكمة العرفية في العمارة برئاسة حاكم جائر، اسمه شاكر مدحت السعود حكما غيابيا على كلدان بالسجن ثلاث سنوات ونصف مع الاشغال الشاقة وقد علق قرار المحكمة في محلة السرية ودرابينها. لكن فترة مكوث كلدان لم تطول حيث رجع مع رفيقه سعد الهلالي الى العمارة بعد ان اكتشفوا مؤامرة السافاك الايراني بتسليمهم للحكومة في العراق. ويذكر هنا الكاتب عن وضع كلدان ورفاقه وكيفية هروبهم، (تنقل كلدان مندوي ومن معه في الهور اسبوعا كاملا، وكان الطريق مقطوعا، انتهوا في بيت السيد حميدان ضيوفا لاسبوع اخر. وهذا شيخ عشيرة كًريم، رحب بهم واطعمهم بكرم نادر. بعدها اوصلهم الى السيد محمد العبودي للحويزه، فقصدوا بيت المندائي الجليل خشان بركات ابي عمارة ، فاحتضن جميع المندائيين وغيرهم الهاربين من بطش البعثيين والحرس القومي وزاد عددهم على اربعين شخص في الاهواز ومن بينهم ، محمد طلحة ومظفر النواب وعربي فرحان وطالب بدر وكيوز لازم ووليد الجادر ونوري رحيم وفاضل رشيد الجاري وسامي كريم وسالم جميل وعبد الواحد الهلالي واخوانه واخته واعداد كثيرة اخرى)ص 87،  ويضيف  المناضل غازي عبود الزهيري الذي هرب ايضا الى ايران رفاق اخرين ،منهم ، حلو مهاوي وعيسى خضر الخميسي ونظير فزع وبشير فندي مبارك.

ثم عاش بطل الرواية متخفيا في البصرة حتى انتقل الى الكويت بواسطة مهربين وعاش فترة ثم تم القاء القبض عليه حيث ادعى انه ايراني ونقل بواسطة باخرة الى الاهواز وتم كشفه انه عراقي لانه لايتكلم الفارسية .وهناك احداث جميلة متسلسلة لابد من متابعتها.

ولابد ان اشير الى المناضل كاسب كبيس مندوي الاخ الاكبر الذي حكم عليه مع قريبه المعلم بشير زغير حرز الماجدي عشرة سنوات قام بمحاكمتهما نفس الحاكم ومن المفارقات عندما قال الحاكم المذكور الى بشير زغير (اشتم الحزب الشيوعي واطلق سراحك) رفض بشير واصر على افتخاره بمبادئه، قال الحاكم شاكر السعود حكمتك عشر سنوات مع الاشغال الشاقة رد بشير بشجاعة نادرة (قرارك انت ونعلي –انعالي) اضاف شاكر السعود خمسة سنوات اخرى.ونقلوا الى نقرة السلمان.

ويتناول الكتاب موقف رفاق التنظيم بعد عام 1979 ، بعد انهاء الحزب علاقته بالجبهة الوطنية وبدا بالكفاح المسلح في كردستان ...عاش بشير زغير حرز الماجدي مختفيا متنقلا بين عدة بيوت بالاضافة الى بيت الحزب مع الشباب الاخرين ...وبعد القاء القبض على الشاعر (ك . ع)(هكذا ورد في الكتاب)، خيره البعثيون بين الاعدام او الادلاء على رفاقه المختفين ، فادلى عليهم ، وربما وعدوه بعدم قتل اي منهم. بعدها نصبوا كمينا لبشير ورفاقه وتم اسرهم وسجنهم واعدم منهم عدد كبير بينهم الشهيد البطل بشير زغير حرز الماجدي والشهيد نصيف جاسم الناصري والشهيد عبد الكريم مطشر الهلالي. ص 151

ان هذا الكتاب تاريخ نضالي كبير لمدينة العمارة –ميسان حيث يحتوي على الكثير من الاسماء التي ناضلت من اجل الفلاحين والفقراء فيها ،وقد كان لهم دورا كبيرا في توعية الناس على حقوقهم ومواقفهم الوطنية اتجاه الاستعمار البريطاني والاستغلال الطبقي من قبل الاقطاعين والمتنفذين من البرجوازية الكمبرادورية.

ثم يتحدث الكتاب على سنوات الجبهة والحروب التي بعدها والتي يشير لها بطل الرواية حيث عاش سنواته المطاردات والسجون في بغداد حيث تزوج من السيدة انيسه صبري ورزق باربع ابناء وبنتين وعاشت العائلة باطمئنان وسلام وطيب ومودة في حي الاكراد في مدينة الثورة.وكان كلدان محبوبا ولديه اصدقاء كثيرون من كافة الاديان والمذاهب شيعة وسنة وكلدان واشورين واكراد فيليين ومندائيين.بعدها هروبه من الجيش الشعبي ايام الحرب العراقية الايرانية.

بودي ان اشير اهم مايميز هذا الكتاب (مناديل وحلوى للفرح القادم )-

-يتحدث عن مرحلة مهمة من تاريخ الشيوعيين ونضالهم في مدينة العمارة – ميسان والعراق ككل والتي شملت كما ذكرنا منذ بداية الخمسنيات حتى سقوط النظام الدكتاتوري.

- كذلك يصف الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية وظروف الحياة وفقر الفلاحين واستغلالهم من قبل المتنفذين و الاقطاعيين.

-يتناول اساليب نظام البعث في المرحلة الاولى وقتله الهمجي لكل معارضيه، وكذلك المرحلة الثانية واساليبه ايام الجبهة الوطنية و دخول العراق في حربين ليس لنا ناقة وجمل فيها ،كما يذكرها الكاتب على لسان المناضل كلدان مندوي.

-يصف مواقف وبطولة وتضحية الشيوعيين من اجل مبادئهم ووقفهم شامخين امام الجلادين والمحاكم الصورية التي شكلتها الحكومات الدكتاتورية المتعاقبة.

-كتاب المؤلف قحطان ليس رواية بل هو مقابلة مع اخيه كلدان وحديثه عن تاريخ نضاله ونضال رفاقه في العماره ومعاناتهم التي اشرنا لها.

ولدي ملاحظتين في ص 143 (يقول كلدان مندوي عندما قامت الجبهة الوطنية ارادها البكر ان تكون تحالفا قويا لايقوم اليوم وينصدع غدا، ولكن عندما عقدت جلستها الاولى وحضرها نائب مجلس قيادة الثورة صدام حسين التكريتي، ولما خاطبه احد الكوادر المتقدمة في الحزب الشيوعي واغلب الظن السيد الصحفي ثابت حبيب العاني بكلمة رفيق، اغتاظ صدام حسين وقال له، لم ادرس معك في مدرسة واحدة ولست رفيقك اذ تخاطبني بالمستقبل قل لي سيدي وهدده ان لم يقل سيدي سيقطع لسانه حسب ماشاع بين العرقيين ) هذا الكلام غير صحيح اطلاقا، ونحن كنا قريبين منه ومن الكثير من القادة لم يتطرقوا الى هذه الموضوعة.اضافة الى ان ثابت حبيب لم يكن صحفيا بل صاحب امتياز.

الملاحظة الثانية – يقول الكاتب على لسان كلدان (وتم بمؤامرة دنيئة اتهم بها خمسة وعشرين عسكريا بتشكيل في معسكر سعد منظمات سرية للحزب الشيوعي المحظور داخل الجيش الذي اراده صدام حسين عقائديا تابعا لحزبه.باتفاقهم هذا خول الحزب الشيوعي بزعامة السكرتير عزيز محمد، خول صدام حسين التكريتي اعدام اي عسكري يشك بولائه ويريد انهاءه باتهامه بالشيوعية كما كان الوضع في العهد الملكي تحت مظالم نوري السعيد)، ان هذا الكلام مجافي للحقيقة وغير دقيق ،ولايمكن ان يتفق سكرتير الحزب على اعدام رفاقه ابدا والدليل موقف الحزب بعد الاعدامات التي طالت ال 31 رفيقا مدنيا وعسكريا. وخروجنا من الجبهة وقبل ذلك موقف الحزب واصداره بيان اذار عام 1978 من الاعتقالات والملاحقات.

واخيرا احييُ الشاعر الجميل قحطان مندوي على جهوده بكتابة هذا التاريخ النضالي الذي تسجله مدينة العمارة ونواحيها واريافها التي دعمت الحزب وساعدته .ويبقى المناضل كلدان مندوي عينة من مناضلي الحزب الذين عانوا الكثير من السجون والتشرد والحاجة ولكنهم عاشوا مرفوعي الرأس مثل كاسب واخيه كلدان فهم يستحقون التقدير لانهم ابطال حقيقيون.كما احييً جميع المناضلين وبالذات عائلة مطشر الهلالي.

المصــــــــــــــــــــــــــــادر

  • *عنوان لاحد فصول الكتاب

-اعدم عبد الكريم مطشر الهلالي في 31 /3/1983 كما يذكر لي اخيه رفعت مطشر اي في يوم عيد الحزب.

-لقاء مع المناضل غازي عبود الزهيري (ابو فيصل)وهو من ابناء العمارة