كلما توفرت معلومات عن هذه الاتفاقية، كلما اتضح مدى الاجحاف والضرر الذي يلحق بالمصلحة الوطنية العراقية منها ومدى خدعة او فضيحة "استثمار 27 بليون دولار" التي استخدمت في الترويج لهذه الاتفاقية.

رغم اصرار وزارة النفط على التعتيم التام وعدم نشر بنود الاتفاقية (المقيتة) مع شركة توتال انرجيز وعقود مشاريعها الاربعة، فقد تم، لغاية تاريخه، تشخيص ثلاثة من الاضرار المكلفة ماليا للغاية ومباشرة تتعلق بحقل ارطاوي النفطي فقط اضافة الى ما سيترتب عليها من اعباء غير مباشرة مكلفة ماديا وسياديا.

الضرر الاول يتمثل في اعتماد خط انتاج الشروع في الحقل المذكور يقل بواقع 27 الف برميل يوميا عن الطاقة الانتاجية الفعلية. يقدر المجموع الاجمالي لعوائد التصدير التي يخسرها العراق بواقع 817 مليون دولار سنويا. اما صافي عوائد التصدير التي يخسرها العراق فهي اقل من ذلك، وتعتمد على تفاصيل العقد الخاص بتطوير هذا الحقل، الذي لازال طي الكتمان!!!

الضرر الثاني يتمثل بمشاركة كل من شركة توتال انرجيز وشركة قطر للطاقة بالارباح المتحققة من الطاقة الانتاجية الحالية للحقل دون ان تستثمران دولارا واحدا في هذه الطاقة الانتاجية الحالية للحقل.

تم تقدير حجم ما يخسره العراق من هذه المشاركة غير المشروعة بست حالات تراوح مجموعها بين 2.365 بليون دولار و12.795 بليون دولار طيلة مدة العقد.

الضرر الثالث يتمثل بتخفيض حصة شركة نفط البصرة، بأقل مما يجب ان تكون عليه، وهو 41.43%، الى 30%. وهذا يسبب خسائر ضخمة للغاية بضمنها صافي الارباح المتحققة طيلة مدة العقد ابتداء من 16 آب 2023، اضافة الى عدم وضوح مصير ما قيمته 1.8 بليون دولار من الاصول الثابتة في حقل ارطاوي!!.      

هذا التنازل غير المبرر على الاطلاق، وما يترتب عليه من خسائر مالية هائلة الحقت وستلحق بالعراق، يتعارض بالمطلق مع مبدا أساسي في الدستور العرقي وهو "تحقيق اعلى منفعة للشعب العراقي" (المادة 112-ثانيا). كذلك لا يشكل قانون الشركات العامة رقم 22 لسنة 1997 اساسا لتنازل شركة نفط البصرة عن قيمة الأصول المادية لحقل ارطاوي ولا عن نسبتها في المشاركة ولا عما يترتب عن هكذا تنازل من ضياع أرباح مستقبلية تعود للعراق.      

في ضوء ذلك يمكن التساؤل، هل من الضروري والمشروع الشروع بالمسائلة القانونية بشان هذا التجاوز على الدستور وعدم القيام بمسؤولية المحافظة على وتحقيق اعلى منفعة للشعب العراقي، وكذلك على القيام بما لم يرد بقانون الشركات العامة انف الذكر. ؟؟؟؟.

 

لم تنشر وزارة النفط اية معلومات تساعد على تقييم والجدوى الاقتصادية لهذه الاتفاقية ولا عن أي من مشاريعها الأربعة ولا الشروط التعاقدية التي تشكل النظم المالية لكل عقد ولا صيغة أي عقد. وهذا يعني عدم إمكانية تحديد حصص الشركة الفرنسية والشركة القطرية في صافي العوائد او ألأرباح في تلك المشاريع. ولكن يمكن تقدير عوائد تصدير نفط ارطاوي في ضوء معدل اسعار تصدير النفط من الموانئ الجنوبية في محافظة البصرة ووفق نسب مئوية مفترضة يمكن احتساب ما تستلمه الشركتين مجانا؛ أي بدون أي استثمار او تمويل من قبلهما!!

       

تناولت في مداخلتي السابقة الضرر المالي الاجمالي الذي سيلحق بالعراق نتيجة اعتماد انتاج خط الشروع في حقل ارطاوي بحوالي 27 ألف برميل يوميا اقل من الطاقة الانتاجية الفعلية المتاحة وهي 87 الف برميل يوميا (1). وقد قمت بتوفير معلومات اضافية متابعتا لتعليق قدمه المدير العام الاسبق لدائرة العقود والتراخيص البترولية في وزارة النفط (2) وفي مداخلتي باللغة الإنكليزية حول الموضوع. (3)

كالمعتاد، انني اتساءل ولا اتهم، واتمنى ان تثبت وزارة النفط، بالأدلة المادية الدقيقة والبينات الصحيحة الكاملة، عدم صحة ما ذهبت اليه في مداخلتي هذه.

سأتناول في هذه المداخلة اولا تصريحات المدير التنفيذي لشركة توتال انرجيز وتحليل دلالاتها وما يترتب عليها، ثم اقوم بتقدير الخسائر المالية الناجمة عن الاستحواذ غير المشروع لكل من الشركة الفرنسية والقطرية على اية نسبة من عوائد الطاقة الإنتاجية الحالية في حقل ارطاوي النفطي. وفي القسم الثالث اتناول الخسائر الناجمة عن التنازل غير المشروع في مساهمة شركة نفط البصرة، واختتم المداخلة بملاحظات ختامية وتساؤلات مشروعة تنتظر الإجابة عليها.

 

اولا: تصريحات المدير التنفيذي لشركة توتال انرجيز

من ضمن ما قاله المدير التنفيذي لشركة توتال انرجيز ما يلي(4):

1-    استلمت الشركة حقل ارطاوي كمشغل، والحقل يحقق تدفقات نقدية Cash Flow منذ 16 آب 2023.

2-    علينا زيادة انتاج النفط في هذا الحقل لتمويل المشاريع الاخرى في الاتفاقية.

3-    ينتج الحقل الان 60 الف برميل يوميا، سيتم زيادته الى 75 الف برميل في "الامد القصي"، ثم مضاعفته بحدود نهاية 2025 او(بداية) 2026، وبعدها الى "الهدف" (او انتاج الذروة) وهو 210 الف برميل يوميا في 2027.

4-    كانت التدفقات النقدية اكثر من المتوقع، حيث ان سعر النفط بواقع 90 دولار للبرميل اكثر مما "كان مفترضا عند التفاوض على الاتفاقية".

 

يترتب على هذا التصريح ما يلي:

1-    تستلم كل من الشركتين الاجنبيتين "نسبة /حصة" من التدفقات النقدية لما ينتجه الحقل من النفط اعتبارا من 16 آب 2023 بشكل غير مشروع، ويخالف ما كانت عليه الحال في عقود جولات التراخيص الاولى الخاصة بالحقول النفطية المنتجة، حيث تتحقق اجور الخدمة للشركات الاجنبية عن الانتاج الاضافي بواقع 10% فوق انتاج خط الشروع. علما انه لم يفصح لغاية تاريخه عن هذه النسبة/ الحصة لما تحصل عليه الشركتين.

2-    هذه المشاركة غير مشروعة بعوائد حقل ارطاوي النفطي اعتبارا من اليوم الأول لقيامها بدور المشغل للحقل، وقبل ان يستثمرن أي مبلغ من أموالهما في تطوير انتاج الحقل على ما يزيد عن الطاقة الإنتاجية الفعلية الحالية المتحققة وقدرها 87 ألف برميل يوميا؛ أي المشاركة في عوائد 941 مليون برميل طيلة مدة العقد البالغة 30 عاما. اضافة الى ذلك عدم اشارته الى موضوع تقييم الأصول المادية/الرأسمالية لهذه الطاقة الإنتاجية الحالية، والتي اقدرها بحدود 3.125 بليون دولار. فاذا كان هذا صحيح فكيف وافقت وزارة النفط على هكذا خسارة مالية فادحة، وان كان هذا غير صحيح فلماذا تلتزم الوزارة الصمت!!!!.  

3-    بما ان العوائد المتحققة من انتاج هذا الحقل تستخدم لتمويل مشاريع الاتفاقية الاربعة، فهذا يؤشر الى ما يمكن تسميته "فضيحة/خديعة استثمار شركة توتال انرجيز 27 بليون دولار" التي استخدمت لترويج الاتفاقية والموافقة عليها وتوقيعها، ومع الاسف من قبل المسؤولين العراقيين أيضا!!

4-    ان الطاقة الانتاجية المضافة ستكون بحدود 123 (210-87) ألف برميل يوميا في عام 2027، ويفترض تمويلها باستثمارات اضافية حسب النسب التالية: توتال انرجيز 45% وقطر للطاقة 25% وشركة نفط البصرة 30%. لكن العوائد (غير المشروعة) التي تحصل عليها الشركة الفرنسية والشركة القطرية اعتبارا من 16 آب 2023 ستستخدم لتمويل تلك الطاقة الانتاجية الاضافية، كليا او جزئيا،  وهذا ما يعرف بانه "تدوير العوائد" التي تم اغفالها في ترويج "فضيحة/خديعة استثمار شركة توتال انرجيز 27 بليون دولار".

5-      ستستحوذ الشركة الفرنسية والقطرية على جزء من "الريع" الناجم عن زيادة اسعار النفط، بعكس ما كانت عليه الحال في عقود جولات التراخيص، وخاصة الاولى والثانية حيث يعود كامل "الريع" الى العراق.

تحليليا ومنطقيا واسترشادا بتجربة العراق وما هو معروف في الصناعة النفطية الدولية فان حصول كل من الشركة الفرنسية والقطرية على اية نسبة من عوائد الطاقة الإنتاجية الحالية في حقل ارطاوي النفطي يعتبر غير مشروع ويشكل خسارة مالية يتحملها العراق، وهذا اعالجه ادناه.

 

ثانيا: تقدير الخسائر المالية الناجمة عن الاستحواذ غير المشروع لكل من الشركة الفرنسية والقطرية على اية نسبة من عوائد الطاقة الإنتاجية الحالية في حقل ارطاوي النفطي.

تشمل الخسائر المالية المباشرة كل من أولا قيمة الأصول المادية الرأسمالية للطاقة الإنتاجية المتاحة الحالية والبالغة 87 ألف برميل يوميا في حالة عدم تقييمها وعدم اعتمادها في هيكلية الكلفة الرأسمالية لتطوير الحقل ولتغطية حصة شركة نفط البصرة. وثانيا، خسائر جزء من عوائد صادرات الطاقة الإنتاجية المتاحة الحالية.

تقييم الأصول المادية الرأسمالية للطاقة الإنتاجية المتاحة الحالية

تم تقييم كافة الأصول المادية الموجودة في حقل ارطاوي (وتشمل جميع الابار المحفورة وكافة المنشآت السطحية والانابيب وغيرها) وفق المنهجية التالية:

1-    مؤشر الكلفة الرأسمالية لطاقة انتاج برميل واحد، وتم لهذا الغرض تبني اعلى قيمة للمؤشر الذي استخدمته وكالة الطاقة الدولية بأسعار 2011 في دراستها عن افاق الطاقة في العراق عام 2012 (5) . 

2-    تم اعتماد معدل زيادة سنوية مركبة بواقع 5% ولمدة 12 سنة (2023-2011). 

3-    اعتماد 87 ألف برميل يوميا، كما ذكر أعلاه، على انها الطاقة الإنتاجية المتاحة الحالية.

 

كانت نتيجة حسابات التقييم لكافة الأصول الرأسمالية الحالية لحقل ارطاوي حوالي 3.125 بليون دولار.

السؤال هنا، هل تم اخذ هذه الأصول المادية الرأسمالية بنظر الاعتبار في حسابات الجدوى الاقتصادية وفي عقد المشاركة في الأرباح النافذ الان ام لا، فان تم اخذها بالاعتبار فما قيمتها المالية وكيفية معالجتها. اما إذا تم تجاهلها، فهذا يشكل خسارة مالية يتحملها العراق وتنتفع بها الشركتين الاجنبيتين بشكل غير مشروع على الاطلاقعلى وزارة النفط وشركة نفط البصرة الإجابة بوضوح على هذه المسالة.

نتائج التقييم أعلاه تعني:

 (1) ان الكلفة الرأسمالية لطاقة انتاج برميل واحد  Capacity costفي حقل ارطاوي بأسعار بداية 2024 هي 35917 دولار.

(2) ان الكلفة الرأسمالية لانتاج البرميل CAPEX في حقل ارطاوي بأسعار بداية 2024 هي 3.278 دولار (باستخدام منهجية الدورة الكاملةFull Cycle ؛ أي طيلة مدة العقد البالغة 30 سنة).

 

وعلى افتراض عدم تحمل الشركتين الاجنبيتين أي جزء من الكلفة الرأسمالية للطاقة الإنتاجية المتاحة (worse case) اعتبارا من 16 آب 2023، فانهما سيتحملان جزء من الكلفة التشغيلية OPEX حسب نسبة مساهمة كل منهما في العقد. وهذا يحتم علينا اجراء حسابات وتقدير الكلفة التشغيلية لإنتاج برميل النفط في هذا الحقل.

باعتماد نفس المنهجية المذكورة أعلاه تم التوصل الى ان الكلفة التشغيلية لإنتاج برميل النفط بحدود 4.131 دولار.

 

تقدير صافي حصة الشركات من ارباح تصدير النفط بموجب عقد حقل ارطاوي

كما ذكرت مرارا ان وزارة النفط لم توفر اية معلومات أساسية عن مكونات وشروط وضوابط هذا العقد. ولكن بموجب ما متوفر من معلومات تم اجراء الحسابات وفق الافتراضات والمنهجية التالية:

1-    اعتماد أسعار تصدير النفط من الحقول الجنوبية حسب نشرات سومو الشهرية.

2-    احتساب اجمالي عوائد التصدير لنفط ارطاوي على أساس الطاقة الإنتاجية المتاحة، المذكورة أعلاه.

3-    احتساب عوائد التصدير المتبقية بعد استقطاع مجموع الكلفة التشغيلية (فقط) من اجمالي عوائد تصدير نفط ارطاوي.

4-    احتساب مجموع صافي الأرباح على أساس عوائد التصدير المتبقية مطروحا منها "كافة الاستقطاعات الأخرى"، مثل الريع Royalty وضريبة الدخل على شركات النفط الأجنبية، تاثير معامل "أر" R Factor، دفعة/هبة التوقيع Signature bonus، وغيرها (جميع هذه الاستقطاعات غير معروفة بسبب عدم نشر نص العقد او متغيراته الأساسية من قبل الوزارة).

5-    وبسبب عدم توفر البيانات التعاقدية عن "كافة الاستقطاعات الأخرى"، فقد تم افتراض مجموع صافي الربح كنسب مئوية (تتراوح بين 5% و20%) من عوائد التصدير المتبقية.

6-    توزيع مجموع صافي الأرباح على الشركات الثلاث بموجب نسبة مساهمة كل منهم في العقد.   

 

 بموجب الافتراضات والمنهجية أعلاه تم اعداد التقديرات التالية من انتاج النفط فقط:

 

جدول رقم (1)

اقتصاديات حقل ارطاوي (16 آب -31 كانون اول 2023)

 

الشهر

2023

الإنتاج

ب/يوم

سعر التصدير

دولار/برميل

العوائد الاجمالية

مليون دولار

الكلفة الراسمالية

دولار/برميل

الكلفة التشغيلية

دولار /برميل

الكلفة الكلية

مليون دولار

العوائد المتبقية

مليون دولار

آب

87000

84.89

118.2

لا تحتسب!!

4.1304688

5.750

112.411

ايلول

87000

91.48

238.8

لا تحتسب!!

4.1304688

10.781

227.985

تشرين 1

87000

87.77

236.7

لا تحتسب!!

4.1304688

11.140

225.574

تشرين 2

87000

82.52

215.4

لا تحتسب!!

4.1304688

10.781

204.598

كانون 1

87000

77.03

201.1

لا تحتسب!!

4.1304688

11.140

189.912

 

من الجدول أعلاه يتضح ان مجموع عوائد التصدير المتبقية خلال فترة أربعة أشهر ونصف من عام 2023 بلغت 960480876 دولار، فما هي الحصة الصافية (أي الأرباح الصافية غير المشروعة) التي حصلت عليها كل من الشركتين الاجنبيتين دون ان يساهما بدولار واحد في الكلفة الرأسمالية للمنشآت التي انتجت هذه العوائد.؟ هذا ما يوضحه الجدول التالي.

 

جدول رقم (2)

الارباح الصافية غير المشروعة التي حصلت عليها شركتي توتال انرجيز وقطر للطاقة من العوائد المتبقية من انتاج وتصدير نفط حقل ارطاوي (للفترة 16 آب الى 31 ك1 2023) (مليون دولار و%)

 

% من العوائد المتبقية

5

7.5

10

12.5

15

17.5

20

توتال انرجيز (45%)

22

32

43

54

65

76

86

قطر للطاقة   (25%)

12

18

24

30

36

42

48

المجموع      (70%)

34

50

67

84

101

118

134

 

الجدول أعلاه يشير الى حصول الشركتين، وبشكل غير مشروع، على أرباح صافية تتراوح بين 34 مليون دولار و134 مليون دولار خلال الفترة أعلاه، اعتمادا على الحصة المفترضة من عوائد التصدير المتبقية. وإذا كان الامر كذلك فما مجموع ما سيحصلان عليه خلال مدة العقد والبالغة 30 عاما من الطاقة الإنتاجية الحالية دون ان يستثمران دولارا واحدا في الطاقة الإنتاجية الحالية لحقل ارطاوي؟

 

الأرباح الصافية، غير المشروع، المتراكمة وقيمتها الحالية طيلة مدة العقد

تم تقدير حجم الأرباح الصافية التي ستحصل عليها شركتي توتال انرجيز وقطر للطاقة من الطاقة الحالية لانتاج وتصدير نفط حقل ارطاوي باعتماد المنهجية أعلاه ولستة حالات او تصورات scenarios محتملة، تعكس كل حالة تتضمن ثنائية % من العوائد المتبقية وسعر تصدير النفط (75 و 100 دولار للبرميل). يتم أولا تقدير حجم التدفقات النقدية Cash Flow ثم احتساب صافي القيمة الحالية Net Present Value-NPV  لها باستخدام ثلاثة معدلات خصمDiscount rate  (5%، 7.5%، 10%). يتضمن الجدول التالي نتائج هذه الحسابات.

 

جدول رقم (3)

تقدير الأرباح الصافية، غير المشروعة، لشركتي توتال انرجيز وقطر للطاقة من الطاقة الحالية لانتاج وتصدير نفط حقل ارطاوي (2024-2054) (مليون دولار)

 

الحالة

%العوائد المتبقية وسعر البرميل

1

2

3

4

5

6

5%:$75

5%:$100

15%:$75

15%:$100

20%:$75

20%:$100

الأرباح المتراكمة

2365

3199

7094

9596

9458

12795

صافي القيمة الحالية م خ (5%)

1216

1639

3635

4917

4847

6556

صافي القيمة الحالية م خ (7.5%)

931

1259

2793

3778

3724

5037

صافي القيمة الحالية م خ (10%)

743

1005

2229

3015

2972

4021

 

من الطبيعي التوقع بانه كلما ارتفعت حصة الشركتين (أي نسبة العوائد المتبقية) وكلما ازدادت أسعار النفط، يزداد حجم ارباحهما، غير المشروعة، وهذا ما توضحه التقديرات أعلاه سواء كان ذلك بمجموع الأرباح المتراكمة خلال فترة العقد- والتي تتراوح بين 2365 مليون دولار و12795 مليون دولار- او بصافي القيمة الحالية (في بداية 2024) وبمعاملات الخصم الثلاثة.

  

ستستخدم كل من الشركتين هذه الأرباح غير المشروعة لتمويل حصصها في تطوير الطاقة الإنتاجية الاَضافية، والتي قدرها 123 ألف برميل يوميا.

باستخدام نفس المنهجية المفصلة أعلاه فقد تم تقدير حجم الاستثمارات الرأسمالية اللازمة لتطوير هذه الطاقة الإنتاجية المضافة بحدود 4.418 بليون دولار، يتم توزيعا على الأطراف الثلاثة كما يلي:

 

جدول رقم (4)

تقدير الكلفة الراسمالية لطاقة الإنتاج الإضافية في حقل ارطاوي (بليون دولار باسعار بداية 2024)

الشركة

نسبة

مساهمتها

مبلغ

مساهمتها

توتال انرجيز

45

1.988

قطر للطاقة

25

1.105

نفط البصرة

30

1.325

المجموع

100

4.418

 

 يتضح من الجدول أعلاه ان مجموع ما ستتحمله الشركتين الاجنبيتين سيكون بحدود 3.093 بليون دولار

 

تبين المقارنة، بين الأرباح المتراكمة غير المشروعة التي ستحصل عليها الشركتين من الطاقة الحالية (87 الف برميل يوميا) لإنتاج وتصدير نفط حقل ارطاوي (2024-2054) (جدول رقم (3)) ومجموع ما ستتحملانه من الكلفة الرأسمالية للطاقة الإنتاجية الإضافية (123 الف برميل يوميا)، ان تلك الأرباح المتراكمة تفوق كثيرا كامل الكلفة الراسمالية للطاقة الإنتاجية الإضافية التي ستتحملها الشركتين الاجنبيتين في الحالات من الثانية الى السادسة. اما في الحالة الاولى، فان التغطية تشكل 76.5%.  كما يوضحه الجدول التالي:

 

جدول رقم (5)

نسبة تغطية الأرباح المتراكمة غير المشروعة من الطاقة الحالية لكامل الكلفة الراسمالية للطاقة الإنتاجية الإضافية التي ستتحملها الشركتين الاجنبيتين

 

الحالة

1

2

3

4

5

6

5%:$75

5%:$100

15%:$75

15%:$100

20%:$75

20%:$100

نسبة التغطية (%)

76.45

103.42

229.35

310.25

305.8

413.68

 

تدلل الحسابات أعلاه انه باستثناء الحالة الاولى ان ما ستحصل عليه الشركتين من الارباح غير المشروعة ستمول كافة استثماراتهما في تطوير الطاقة الإنتاجية الإضافية، وكلما ازدادت أسعار النفط عن 100 دولار للبرميل ازدادت الارباح غير مشروعة وبالتالي ينخفض عدد السنوات المطلوبة لتغطية (او استرداد) الكلفة الراسمالية للطاقة الإنتاجية الإضافية. والامر يبقى كذلك ولكن، منطقيا، بنسب اقل عند المقارنة مع ارقام صافي القيمة الحالية.

هذه الحسابات تقود بالتأكيد الى ارتفاع كبير في قيمة معدل المردود الداخلي IRR للشركتين من تطوير انتاج النفط فقط من حقل ارطاوي خلال مدة العقد، وهذا موضوع اخر يمكن ان اقوم باحتسابه في مداخلة لاحقة.

استراتيجية التطوير المتتابع وليس المتوازي

ولكن ما سيترتب على ذلك هو قيام شركة توتال انرجيز، بحكم كونها المشغل لحقل ارطاوي، باتباع استراتيجية التطوير المتتابع وليس المتوازي تبعا للارباح المتحققة دون وضع استثمارات كبيرة من قبلها. وهذا يمكن تصوره بالسلوك التالي: 1- تطوير حقل ارطاوي من العوائد غير المشروعة المتحققة من الطاقة الإنتاجية الحالية. 2- استخدام العوائد المتحققة من تطوير الطاقة الإنتاجية المضافة في تمويل مشروع حقن الماء. 3- استخدام العوائد المتحققة تلك في تمويل مشروع تجميع ومعالجة الغاز ....وهكذا. وهذا ما أكده وبوضوح المدير التنفيذي لشركة توتال انرجيز، فاين ذهبت خديعة/فضيحة "استثمار 27 بليون دولار"!!!!!  

تشير وتوكد المعلومات التي وصلتني من بعض العاملين في القطاع النفطي في محافظة البصرة الى الأسلوب أعلاه: الشركة تركز الان فقط على نفط حقل ارطاوي، لا يوجد كلام عن مشروع تجميع ومعالجة الغاز المصاحب، اما مشروع حقن الماء فالتوجيه هو البدء من الصفر وذلك بالدعوة لإعداد دراسة الفيد-FEED    وهذا يعني ترك الجهود الكثيرة وتكاليفها الخاصة بهذا المشروع منذ عام 2011 ولغاية تاريخه!!!!! فهل عالجت الاجتماعات الموسعة المتكررة للجنة المشتركة لتنفيذ المشاريع الاربعة التي تضمنها العقد الموقع مع الشركة الفرنسية هذا الامر ام انها وقعت في "فخ التأخير بكثرة الاجتماعات"!!!!

 

ثالثا: الخسائر الناجمة عن التنازل غير المشروع في مساهمة شركة نفط البصرة

حصة مساهمة شركة نفط البصرة البالغة 30% تمثل المؤشر الثالث على مدى الاجحاف الذي لحق بالمصلحة الوطنية العراقية من هذه الاتفاقية المقيتة. التقييم الاقتصادي والقانوني ومعطيات التجارب الدولية وحتى العراقية كلها تشير الى ضرورة تقدير قيمة الأصول المادية/الراسمالية للحقل النفطي عند تحويل نمط إدارة تطويره من الجهد الوطني الكامل الى الجهد المشترك مع شركات النفط الدولية.

في حالتنا هذه يفترض، بل يجب، ان تكون قيمة كافة منشأة حقل ارطاوي أساسا ماليا كاملا لحصة شركة نفط البصرة في هذه الاتفاقية، او على الأقل في توزيع المساهمات المتعلقة بهذا الحقل. وفي هذا المجال، يمكن اعتماد حجم الطاقة الإنتاجية المتاحة لحقل ارطاوي (87 الف برميل يوميا) قبل استلام شركة توتال انرجيز مهمة المشغل للحقل، ومقارنتها بإنتاج الذروة الذي تهدف اليه الشركة الفرنسية (210 الف برميل يوميا).

هذه المقارنة التي تستند على الشواهد المادية تشير الى ان تكون حصة شركة نفط البصرة بحدود 41.43%، وليس 30%.  وهذا يعني تنازل العراق عن 11.43 نقطة مئوية من الأرباح لصالح الشركتين الاجنبيتين طيلة فترة الاتفاقية، بضمنها الارباح المتحققة من تطوير الحقل لإنتاج الذروة.

ليس بالإمكان تقدير مقدار الأرباح التي يخسرها العراق بهذا الشأن مالم يتم تقدير اقتصاديات اكتمال تطوير الحقل لغاية انتاج الذروة في 2027 والى نهاية فترة العقد. هذا ما سأعالجه في مداخلة قادمة، ولكنه بدلالة التقديرات المذكورة في الجدول رقم (3)، سيكون حجمها أكثر بكثير من تلك المذكورة في ذلك الجدول.

هذا من جانب، ومن جانب اخر فان تقييم الأصول المادية الحالية لحقل ارطاوي تقدر، كما ذكر اعلاه، بحدود 3.125 بليون دولار، في حين ان مساهمة شركة نفط البصرة في تطوير الحقل لغاية انتاج الذروة (أي بإضافة 123 الف برميل يوميا) تكون بحدود 1.325 بليون دولار؛ فما هو مصير المبلغ المتبقي وهو 1.8 بليون دولار!!!!

من الجدير بالذكر، ان الوفد العراقي المفاوض كان يطالب بحصة 40% لشركة نفط البصرة، لكن رئيس مجلس الوزراء حسم الموقف بتبني نسبة 30%، لماذا؟؟؟؟؟؟؟

هذا التنازل المخزي، وما يترتب عليه من خسائر مالية هائلة الحقت وستلحق بالعراق، يتعارض بالمطلق مع مبدا أساسي في الدستور العرقي وهو "تحقيق اعلى منفعة للشعب العراقي" (المادة 112-ثانيا). كذلك لا يشكل قانون الشركات العامة رقم 22 لسنة 1997 اساسا لتنازل شركة نفط البصرة عن قيمة الأصول المادية لحقل ارطاوي ولا عن نسبتها في المشاركة ولا عما يترتب عن هكذا تنازل من ضياع أرباح مستقبلية تعود للعراق، وان شركة نفط البصرة "لا تملك" الحقل النفطي بل مسؤولة عن ادارته.      

في ضوء ذلك يمكن التساؤل، هل ما يترتب على التنازل عن حقوق العراق المالية الضخمة هو ضرورة خضوع كل من رئيس مجلس الوزراء ووزير النفط الى المسائلة القانونية لتجاوزهم على الدستور وذلك لعدم قيامهما بالمحافظة على وتحقيق اعلى منفعة للشعب العراقي، وكذلك على مدير عام شركة نفط البصرة للقيام بما لم يرد بقانون الشركات العامة رقم 22 لسنة 1997؟؟؟؟.

 

رابعا: ملاحظات ختامية وتساؤلات مشروعة تنتظر الإجابة عليها

1-    التقديرات أعلاه، كما هي الحال في جميع التقديرات ودراسات الجدوى الاقتصادية، مبنية على عدة افتراضات ومتغيرات وقيم ومنهجية. والنتيجة المنطقية هي ان أي تغيير في تلك الأساسيات يقود، بالضرورة وحتما، الى نتائج وتقديرات مختلفة، وخاصة عندما يتم الكشف عن نصوص الاتفاقية وعقودها الأربعة.(6)

2-    ان إصرار وزارة النفط على عدم الإفصاح عن المكونات الأساسية للاتفاقية مع توتال انرجيز ولا عن العقد الخاص بتطوير حقل ارطاوي يتعارض وبشكل فاضح مع توجيهات الوزارة ذاتها وبتوقيع الوزير نفسه بموجب الكتاب رقم  1094 في 11/12/2023 ، الذي الزم جميع الشركات المرتبطة بالوزارة ودائرة العقود والتراخيص البترولية PCLD في مركز الوزارة "نشر العقود المتعلقة باستكشاف وتطوير وانتاج ونقل وتحويل وتصدير وتوزيع واستهلاك النفط والغاز والمنتجات".

3-    التساؤل المشروع يتمحور حول فضيحة/خديعة الاستثمار الاجنبي بحدود 27 بليون دولار الذي استخدم لترويج وتبرير الاتفاقية مع توتال انرجيز منذ حكومة الكاظمي وتبنته حكومة السوداني!!

 

في ضوء ما تقدم أجد من الضروري إعادة التأكيد على ما ذكرته في مداخلتي السابقة حول الموضوع وتحديثه:

 

1-    ان الواجب الاخلاقي والوظيفي والوطني يحتم على كل من رئيس مجلس الوزراء ووزير النفط بيان الموقف بشأن ومبررات وحقيقة ومقدار الاضرار الثلاثة التي لحقت بالعراق من هذه الاتفاقية المقيتة مع الشركة الفرنسية.

2-    قيام ديوان الرقابة المالية الاتحادي وهيئة النزاهة المستقلة الاتحادية ولجنة النفط في مجلس النواب التحقيق في او اتخاذ ما يلزم لحماية حقوق ومصلحة العراق الناجمة عن تخلي وزارة النفط بأصول رأسمالية وعوائد مالية ضخمة لصالح الشركتين الاجنبيتين بدون أي مبرر على الاطلاق، ولتعارض ذلك مع مبدأ اساسي في الدستور العراقي، وكذلك بما لم يخول به في قانون الشركات العمة 22 لسنة 1997.

3-    التزام وزارة النفط "الفعلي" بمعايير ومتطلبات الشفافية في الصناعة النفطية وذلك بنشر فورا نصوص الاتفاقية مع شركة توتال انرجيز ومنها نصوص العقود الخاصة بالمشاريع الاربعة التي تشملها هذه الاتفاقية، التقارير التفصيلية لاجتماعات اللجنة المشتركة والتطورات التنفيذية لعقود المشاريع الاربعة، وكما ورد في كتاب الوزارة رقم 1094 في 11/12/2023.

 

احمد موسى جياد

النرويج

16 كانون ثاني 2024 

 

الهوامش

 (1) هل فرطت وزارة النفط بإنتاج 27 الف برميل يوميا لصالح شركة توتال انرجيز الفرنسية!؟

https://www.mushtarek.org/groups/6135da07aac957001377773e/posts/post/658204f7483f4baf26b55c2e 

http://www.tellskuf.com/index.php/mq/112586-kla200.html

https://www.bahzani.net/?p=130019

https://www.sahat-altahreer.com

https://alsaalek.de/wp-content/uploads/2024/01/SALIK-Nr.68-01.01.2024.pdf

 

(2) تعليق الاخ عبد المهدي العميدي بتاريخ 24 كانون اول 2023 ومتابعتي عليه في 27 كانون اول 2023 تم طرحهما ضمن مجموعة تضم مجموعة من كبار مسؤولي الدولة ووزارة النفط.

 (3) TotalEnergies Agreement Smells Filthy

https://www.iraq-businessnews.com/2023/12/24/jiyad-totalenergies-agreement-smells-filthy/?swcfpc=1

(4) حسب ما ورد في تقرير نفط العراق IOR, 18 October 2023

(5) IEA; Iraq Energy Outlook- World Energy Outlook Special Report. October 2012.

(6) تم استخدام برنامج اكسل  MS Excel في اجراء جميع الحسابات والجداول في هذه المداخلة، واللجوء الى الشرح والتوضيح بدلا من استخدام المعادلات الرياضية والمالية والاحصائية لتبسيط الموضوع.