|
لقد ألحق قصر نظر ترامب وقسوته ضررًا بالغًا بالولايات المتحدة، داخليًا وخارجيًا، أكثر مما ألحقه جميع أسلافه مجتمعين. لقد فقد الحزب الجمهوري بوصلته الأخلاقية وركيزته الأساسية وسيدفع ثمنًا باهظًا لتمكينه ترامب الذي أوصل أمريكا إلى حافة كارثة وطنية. أمريكا على مفترق طرق تاريخي. الكارثة كامنة في الظلال. لا شك في أي فائدة، ولا خلاص في التمنّي، ولا مفرّ من الخطر الذي ينتظر أمريكا ما لم تُكبح جماح ترامب. إن هجومه الشرس على مؤسساتنا لا مثيل له، ونفوره من حلفائنا أمرٌ لا يُسبر غوره، وخيانته لقسمه الرئاسي وإساءة استخدامه للسلطة أمرٌ ينذر بالسوء. يجب إيقاف ترامب. يجب محاسبة الحزب الجمهوري على تمكينه مجرمًا من تدمير أمريكا كما نعرفها. لقد منحت الرئاسة ترامب أعظم سلطة، وهي ما تتجاوز سلطة أي شخص آخر على وجه الأرض. لكن هذا لا يكفي لتهدئة غروره المفرط، فعطشه لمزيد من السلطة لا ينضب. الإستبداد يسري في دمه، والتنمّر هو ما يُشبع وهمه بامتلاك سلطة مطلقة؛ يتلذذ بممارستها بضراوة وانتقام. وعلى الرغم من أخطائها العديدة، ظلّت أمريكا منارة الأمل بمواردها البشرية وثرواتها اللامحدودة، وجهة الحالمين الذين يطمحون للحرية والعيش بسلام والنمو والازدهار وعيش وعد غد أفضل وأكثر إشراقًا. تخيّلوا ما يمكن أن يفعله ترامب بقوة أمريكا الهائلة لما فيه خير الشعب الأمريكي والإنسانية. يمكنه البناء على عظمة أمريكا، لكن هذا ليس في جيناته. بدلا ً من ذلك، فإنه ينبش كل ما يميّز أمريكا، مما جعلها القائدة العالمية بلا منازع، دون أي خطة أو فكرة لتحسين الأمور، وهو ما يدّعي أنه وحده القادر على تحقيقه. تقويض الديمقراطية لن يُنسى صمت الجمهوريين أمام انتهاكات ترامب الصارخة، حتى من قِبل من وضعوهم في السلطة. معاقبة المحتاجين بل هو إفلاس أخلاقي تام للحزب الجمهوري الذي لا يزال صامتًا أمام هذه المهزلة. الإضرار بالمجتمع العلمي ألون ملئير انتهاك الإجراءات القانونية المستحقّة ولم ينهض أي زعيم جمهوري شجاع ليُشكك في عدم قانونية هذه الأفعال الوقحة ولا إنسانيتها. تشجيع الإستقطاب الإجتماعي علاوة على ذلك، يُلقي ترامب باللوم على المهاجرين في المشاكل الإقتصادية والإجتماعية، مُعززًا بذلك خطاب “نحن ضدهم”. ويُحرّض فئات الطبقة العاملة على التناحر فيما بينها على أساس العرق أو الوضع القانوني. ويُقوّض المعايير الديمقراطية بدعمه أفعالًا مثل الهجوم على الكابيتول في 6 يناير بهدف تعميق انعدام الثقة في الأنظمة الإنتخابية، كما يُهاجم وسائل الإعلام التقليدية لتقويض الثقة من خلال وصفها بـ”الأخبار الكاذبة” في حين يقوم بترويج نظريات المؤامرة. لم يُحذّر أي جمهوري من أي مكانة من أن ترامب يُلحق ضررًا لا يُمكن إصلاحه بالنسيج الإجتماعي الأمريكي، ويُمزّق البلاد. إشعال حرب تجارية وفي خطوة غير مسبوقة فرض ترامب تعريفات جمركية من جانب واحد على حوالي 90 دولة، وهو ما يُمثّل بوضوح ضريبة إضافية على المستهلكين الأمريكيين. علاوة على ذلك، يُحدث هذا خللاً في الإقتصاد العالمي بطريقة غير مسبوقة، إذ تُقلل الرسوم الجمركية من التجارة والإستثمارات مما يُسبب تراجع النمو الإقتصادي. كما أنها ترفع تكاليف الإنتاج وتُضعف طلب المستهلكين وتُزيد من احتمالية حدوث ركود عالمي بسبب تصاعد الحرب التجارية، مما سيؤثر على جميع قطاعات الإقتصاد، الأمر الذي سيُجبر الشركات على إعادة هيكلة عملياتها. وستؤدي الرسوم الجمركية المتبادلة على البضائع الأمريكية من قِبل معظم الدول إلى تفاقم التوترات التجارية بشكل مُقلق، والإضرار بالصادرات الأمريكية. تراجع ترامب بلا خجل يوم الأربعاء مُعلقًا خطته الأصلية لمدة 90 يومًا ومُخفضًا الرسوم الجمركية على جميع الدول المُتأثرة إلى 10% بعد أن خطّط العديد من الدول، بما في ذلك حلفاؤه، لفرض رسوم جمركية انتقامية (باستثناء الصين التي فرض عليها رسومًا بنسبة 125%). وبالنسبة له، لم تكن الإضطرابات العالمية التي عجّل بها بتهوّر سوى لعبة أدت إلى فقدان مُقلق للثقة في الولايات المتحدة وزرعت حالة من عدم اليقين والفوضى في السوق العالمية. ولكن الجمهوريين الذين كانوا يهتفون للتجارة الحرة يهتفون الآن لحرب ترامب التجارية الكارثية ويدمرون القيادة الإقتصادية الأمريكية. تجاهل أهمية حلفاء أمريكا أين الجمهوريون الذين وقفوا جنبًا إلى جنب مع حلفائنا الأوروبيين الذين ازدهرنا معهم وشكلنا حجر أساس أمن الغرب؟ التخلي عن الإلتزام الأخلاقي لأمريكا لكن دعوا الأمر للجمهوريين الشجعان الذين أيدوا في السابق بالأغلبية العظمى الدعم السياسي والعسكري الأمريكي لحلفائنا، أن يبقوا صامتين. يا للأسف، كم هو حقيرٌ حتى التفكير، ناهيك عن التصريح، بأن كندا ينبغي أن تصبح الولاية رقم 51؟ أو الإستيلاء على غرينلاند، وقناة بنما، وغزة، وأي شيء آخر على قائمة تسوّق ترامب كما لو كانت مجرد معاملات عقارية؟ فهل يدرك غالبية الجمهوريين – الذين يدعمون هذه الفكرة السخيفة للإستيلاء على الأراضي – الآثار المروّعة المترتبة على صورة أمريكا ومكانتها العالمية؟ لقد تسرب الآن الإنحطاط الأخلاقي للحزب الجمهوري إلى كل طبقة من طبقاته. لن يكون هناك مفرٌ لأي زعيم جمهوري، سواءً على المستوى الفيدرالي أو على مستوى الولايات أو المستوى المحلي، من المساءلة عن خيانته للقيم الأخلاقية لأمريكا وتقويض ديمقراطيتها العزيزة. إنهم يضحّون بعظمة أمريكا لخدمة مجرم أناني باع الوطن على مذبح غروره وشهوته الجامحة للسلطة. |
يوم الدينونة قريب وسيدفع الجمهوريون الذين مكّنوا ترامب الثمن.