أعدت الصحفية الشابة ، مآب عامر ، استفتاءً عن (مخاطر الذكاء الاصطناعي)، نشر في الملحق الثقافي لجريدة الصباح ليوم الأربعاء 23 تموز ، العدد  6211 . اسعدني كوني من ضمن مجموعة كتاب وجهت لنا الأسئلة، ضمت المجموعة القاصة ميرفت الخزاعي ، الشاعر جبار الكواز والشاعر ضرغام عباس.

أورد هنا مساهمتي المتواضعة، مع الشكر الوافر للزميلة والصديقة لجهودها المثابرة في تقديم موضوعات حيوية :

الكثير من الكتّاب والأدباء يرون أن الكتابة بالاعتماد على برامج الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، تزيد المخاوف بشأن إضعاف التفكير النقدي. ووفقا لدراسة حديثة أجراها معهد “ماساتشوستس” للتكنولوجيا تشير إلى أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي قد يُضعف المهارات الكتابية للإنسان. وحذرت الدراسة الحديثة من أن الاعتماد المفرط على أدوات الذكاء الاصطناعي في الكتابة، قد يقلل من القدرات الإبداعية والتحليلية للكتّاب، خاصة بعد انتشار الكتب المولدة بالكامل عبر الذكاء الاصطناعي (مثل الروايات، الكتب التعليمية، والمحتوى التسويقي). من هنا نتساءل بقلق: هل تهدد هذه الكتب مكانة الكاتب البشري، أم تعتبر أداة داعمة للإبداع، وكيف يمكن للكتّاب الاستفادة من الذكاء الاصطناعي من دون التضحية بأصالة أفكارهم؟

 

المشاعر وأسس الخيال

يعتقد الروائي والصحفي يوسف أبو الفوز أنه في الوقت الذي يتجه به الإنسان للاعتماد على الذكاء الاصطناعي في مجالات مختلفة من الحياة، ويكون له تأثير إيجابي في جوانب منها، مثلا بعض الصناعات، لتقليل أخطاء الإنسان وتحسين دقة النتائج، وفي تطوير برامج التعليم، فلا خلاف في كونه سيؤثر سلبا في مهارات الإنسان، خصوصا الكتاب وأضعاف قدراتهم الإبداعية والتحليلية لو تم اللجوء أليه.

فالكتابة الإبداعية بنظر أبو الفوز عملية التعبير عن مجموعة رؤى شخصية، وما تحويها من انفعالات ومشاعر إنسانية نتيجة لتجارب شخصية، تختلف من إنسان لآخر، حسب تراكم المعرفة والتجارب، وهكذا فأن اللجوء لاستخدام الذكاء الاصطناعي تجعل الكاتب يفقد لمسته الخاصة، المستندة إلى خبرته الشخصية الحياتية والتراكم المعرفي الذي اكتسبه من محيطه وحتى نضج خياله.

إن اللجوء للذكاء الاصطناعي كما يقول أبو الفوز يدفع بالكاتب لفقدان محليته، التي تجملها عشرات التفاصيل الخاصة، ويدفع أيضا إلى نمطية النصوص وعموميتها.

وتابع: ليس عبثا أن الدول المقدمة بدأت تحرم دخول الهواتف المحمولة إلى صفوف الدراسة، لتجبر الطالب على الاعتماد على قدراته الذاتية في التفكير وإيجاد النتائج لمختلف المهام الدراسية وعدم اللجوء إلى البرامج المساعدة بأي شكل كان، فاللجوء إلى دعم الذكاء الاصطناعي قد يساعد في عملية جمع وتحليل البيانات وتنظيم المعلومات، لكنه لا يمكنه الحلول محل الخيال الغريزي للكاتب الذي نضج بتراكم التجارب والمعارف، والمرتبط بالمشاعر الإنسانية.

النصوص المكتوبة من قبل الذكاء الاصطناعي، ربما تجد رواجا في النصوص الصحفية، لكن في الأدب لا اعتقد انها ستجد قبولا من قبل قراء الأدب، لأن هذه النصوص لا تملك الاصالة في المعرفة أو المشاعر أو الخيال، تكون بدون عمق عاطفي وإنساني، فهي تعتمد في الغالب على موادّ موجودة مسبقًا، لكتاب آخرين وفقا لتعبيره.

ولا يعتقد أبو الفوز أن الكاتب سيكون مهددا من قبل الذكاء الاصطناعي، لأنه مهما كانت كفاءة النصوص المكتوبة بواسطة الذكاء الاصطناعي، فأنه لا تملك المشاعر وأسس الخيال التي يحرك بها الكاتب نصوصه ويسطر كلماته.

ويقترح أنه يمكن للكاتب الاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي في جمع وتنظيم المعلومات واستثمارها في دعم موهبته، وحتى في التدقيق اللغوي والإملائي، لكن لا يمكن الغاء دور الكاتب في الابتكار والخيال وبث المشاعر المختلفة.