انطلقت احتجاجات شعبية في عدة محافظات عراقية تطالب بتوفير الماء الذي بات أشبه بالغاب بخاصة منه الصالح للاستخدام الآدمي.. وفي وقت ندين منهجية التعامل بعنف مفرط مع التظاهرات السلمية وقمعها بالمخالفة مع حرية التعبير فإننا نشدد استنكارنا وإدانتنا لأن القضية تتعلق بتوفير الماء بوصفه حاجة وجودية للأفراد والجماعات.. إن هذه المعالجة التي تقع بين الموقف الاحتجاجي الذي يدين ما يُرتكب من جرائم بحق الشعب العراقي وبين وضع تصورات للحلول والمعالجات المؤملة يظل مفتوحا لحين العمل على الحل النوعي الأشمل والأنجع راجيا وضع تداخلاتكم بما ترونه من حل
الظامئون في عراق اليوم يرفعون صرخات الاحتجاج مطالبين بالماء
توفير حصة الفرد المائية ضرورة وجودية ملزمة
بعد أن باتوا يتجرعون انقطاع الكهرباء في عز الصيف اللاهب الحارق وبعد أن أُكرِهوا على تنفس الهواء الملوث بالغازات السامة وبأشكال أسباب إصابتهم بالأمراض ليس بينها استثناء من السرطانات التي تفشت بينهم! باتت شحة المياه تتجاوز الخطوط الحمراء لتنعدم المياه الصالحة للاستخدام الآدمي في الاستعمالات اليومية البشرية العادية وبالأساس منه الماء الصالح للشرب..
لقد حُرِمت البصرة ثم بابل من المياه الصالحة للشرب على أقل تقدير بما يفي لتزويد الأطفال والمرضى بها حتى هددت حيواتهم الطرية بما لا يُحتمل ويُطاق، فماذا يفعل الآباء وأجيال من أبناء عراق اليوم بمختلف المحافظات!؟
لقد خرجوا احتجاجاً على المصير الذي يُرسلون إليه هم والأبناء والعوائل سواء الأطفال أم النساء أم مرضى تلك العوائل الفقيرة المستباحة بكل شيء! وتلك الاحتجاجات السلمية التي باتت تتظاهر لا تطالب بكماليات ولا حتى بضروريات عادية بل بمجرد ما ينقذ الحياة من شربة ماء غير مسمومة بنسب الملوثات المرتفعة حد الخطر والأملاح التي تُقارن نسبتها بما في مياه البحر أو تُقطع عنهم المياه وهو ما لا تقره قوانين أوشرائع أو أسس حياة إنسانية..
الكارثة أن من يطالب بالمياه يواجه اليوم، قمعاً عنيفا بما يرقى لمستويات إرهاب دولة حيث تشترك القوات الأمنية بمنهجية في ذلك القمع المفرط فيما تساهم سلطة موازية من قوى ميليشياوية لتستكمل جرائم قمع الحقوق والحريات بتصفية من يتحرك للمطالبة بها.. إنها من جرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة لأن الماء صنوان مع الهواء أساس من أسس الحياة فكيف بنا وقد بدأ الناس يشربون الماء القراح!!! فيما يتنعم الفاسدون بالماء الزلال ويهملون حصص البلاد والعباد بل يقمعون من يتحرك مطالبا بها..
لقد وفَّر القانون الدولي العديد من الأحكام والمبادئ لقانونية الحقوقية المرتبطة بتوفير المياه، مع الأخذ بعين الانتباه حصراً على الحق في الحصول على مياه آمنة وميسورة التكلفة، وحماية الموارد المائية ومصادرها، والتعاون الدولي في الإطارين الإقليمي والعالمي في إدارة مصادر المياه .. ومن أجل ذلك أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بحق الإنسان في الحصول على كمية (كافية) من المياه للاستخدام الشخصي والمنزلي، مع الحرص على أن تكون مياهاً آمنة وبأسعار تتناسب وإمكانات المواطن أو في متناول قدراته حيث تتاح له بسهولة ويُسر..
وهكذا فإنَّ الدول مُلزمة بضمان حصول كل مواطنة أو مواطن على كمية كافية من المياه المأمونة للاستخدامات الشخصية والمنزلية، بما في ذلك استخدامه للشرب و\أو النظافة الشخصية و\أو لإعداد الطعام أو من أجل النظافة المنزلية. ومن هنا أكدت تلك القوانين الأممية على إلزام الدول بحماية نوعية إمدادات مياه الشرب ومواردها. إلا أننا نشهد مواقف سلبية مغايرة لحكومات محلية وأيضا للحكومة الاتحادية في العراق بتقديم ذرائع وتبريرات للنقص الفادح بل لانعدام المياه الصالحة للاستهلاك الآدمي الأمر الذي تعيده باستمرار إلى ظروف مناخية بينما نُدرك حجم الإهمال والتقصير في الدفاع عن الحصص المائية للعراق في التعامل مع دول الجوار حيث دول المنبع بينما دولة المصب العراق وشعبها يُحرم مما تكفله له القوانين.. إلى جانب ذلك نشهد عبثية التعامل مع المتوافر من الماء فضلا عن إهمال مشروعات تخص المياه الجوفية التي باتت مصدر 80% من العراقيات والعراقيين..
فإذا عبرنا قضية توفير الكمية المناسبة من حصص الأفراد بجانب جودتها وسلامتها الصحية فإننا لا نغادر قضية حماية الموارد المائية على وفق ما تضمنه القوانين والاتفاقات الدولية المخصوصة سواء بشأن الدول التي تمر بها الأنهار الدولية وعلى وفق نسب مساراتها بين دول المنبع والمصب وهنا نذكّر بالاتفاقات الدولية التي تُعنى بحماية الموارد المائية، كما باتفاقية حماية المجاري المائية العابرة للحدود والبحيرات الدولية وأسس أو قواعد استخدام الدول لها، بما يكفل الاستخدام المستدام للموارد المائية بمبدأ عدم التسبب في ضرر جسيم للمياه الدولية، وبضرورة التعاون في إدارة المياه بالطرق السلمية وبلا منازعات أو فروض بالإكراه والإجبار مثلما حدث ويحدث من جانب كل من إيران وتركيا بلا رد أو تفاعل يتناسب والخطر الوجودي المحدث بالعراق وأهله من جانب سلطات لم تتوان عن الصمت عن انتهاكات دول جوار على السيادة وعلى الكرامة وعلى مصير مصادر مائية تضارع مستوى التسبب بتهديد وجودي يساهم بإبادة جماعية لقطاع واسع أو حتى لمجموع الناس!!
إن القانون الدولي بوساطة المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والمنظمات غير الحكومية في توفير المياه في حالات الطوارئ والكوارث كما يُلزم بالتعاون بين الدول في إدارة الموارد المائية المشتركة، وتبادل المعلومات والخبرات، وحل النزاعات المتعلقة بالمياه بطرق سلمية وتلعب المؤسسات المالية الدولية أدواراً مهمة في تقديم كل أشكال المساعدة المالية والفنية في مجال إدارة المياه، وبما يتفق وحماية حقوق الإنسان ورعايتها..
إن توفير المياه الآمنة الصالحة للاستخدام الآدمي يبقى جوهريا في حماية الصحة العامة للإنسان ومنع انتشار الأوبئة والأمراض وتتحدد حالات انقطاع المياه وأسقفها الزمنية بما لا يسمح بأي عذر أو ذريعة بالخصوص…
على أننا بجانب كل الأولويات التي ذكرناها وهي أولويات وجودية تخص حياة الإنسان والمجتمع وأوضاعه الصحية، إلى جانب كل تلك الضرورات الملزمة نؤكد على ما أشارت إليه القوانين الدولية بشأن ارتباط التنمية المستدامة بتوفير المياه الكافية إذ أن الأساس من توفير المياه الأمنة تأسيسي في تحسين الظروف المعيشية للسكان وتطمين أسس الاستقرار الاجتماعي التي تجنب البلدان والمجتمعات المحلية والمتجاورة النزاعات المحتملة حول الموارد المائية. ونذكر هنا ظواهر تتفشى سواء بين العراق شعبا وبين دول الجوار وما يختلقه من حالات عداء ونزاع مثلما نذكر ما يجري في العراق من تجاوز المحافظات على الحصص المائية والنزاعات بينها إلى جانب النزاعات المحلية داخل كل محافظة وما يعنيه ذلك من مخاطر تهز الاستقرار الاجتماعي وتختلق صراعات فوق الاحتمال فضلا عن امتهانها الكرامات وتجاوزها على المصائر..
-
إنني أطالب بالتشديد على المعالجة الفورية العاجلة لقضية الماء وحصة الفرد منها بقرارات وطنية ومحلية وعدم التلكؤ بأي ذرية ومبرر..
-
كما أطالب بوجود ممثلي أحزاب وطنية تنويرية وخبراء متخصصين منهم مع الوفود الرسمية في المفاوضات مع دول الجوار للحل العاجل لقضية الحصص المائية
-
إدخال المنظمات الدولية طرفا في فرض وصول الحصة المائية العراقية
-
طلب المساعدات في الخبرات الفنية التكنولوجية المتقدمة والمالية بما يخص معالجة مشروعات المياه وبإجراءات واتفاقات مستعجلة حاسمة
-
محاسبة كل طرف رسمي وغير رسمي في أدائه بشأن توفير الماء أو بشأن التعامل مع الاحتجاجات الشعبية بالخصوص وإيقاع أشد العقوبات التي تتناسب وحجم الجريمة التي تمس لا الكرامة حسب بل ووجود الإنسان وحياته ومصيره فيها..
-
وضع أولوية في الموازنات الوطنية لتوفير ما يبني مشروعات تتناسب والحجم الديموغرافي للبلاد وتعالج موضوع شحة الماء وحمايتها.
-
البحث العلمي وتسخير القطاعات الوطنية العاملة في دراسة حجم المخزونات المائية الجوفية والسطحية ووسائل الحلول المتاحة بالخصوص..
إنني أعود لأؤكد على أن القضية ليست من الأمور البرامجية التي تقبل التراخي في التفاوض بشأنها بل هي قضية وجودية عاجلة بطابع يُلزم السلطات كافة بتوفيرها فورا وبسقف زمني غير ممتد أو يخرج على المعايير الدولية ومن هنا فإننا بحاجة لتفعيل كل الإجراءات الرسمية والمجتمعية التي تحل الأزمة الوجودية كليا ونهائيا
لكن حتما على المجتمع أن يبدأ حملات توعوية بجميع مستوياتها وبالبداية في تلك القضية الانتباه على ما يأتي:
-
لابد من وعي ودعم وتشجيع لإجراءات توفير المياه في المنازل والمباني الخاصة
-
لابد من أوسع حملات صيانة شبكات الأنابيب وتحديث البنى التحتية لها.
-
تدوير استخدام مياه الصرف الصحي المعالَجة بمشروعات مخصوصة
-
الالتفات إلى مشروعات تخزين المياه في المدن الإسفنجية وحماية الأراضي الرطبة
-
تجديد خزانات المياه الطبيعية وحماية مصادر المياه
-
منع التجاوزات بين المحافظات ومحليا مع تقييد مشروعات إنتاج الأسماك في أحواض تؤثر على مجاري الأنهر..
-
إدامة شبكات الماء وتوفير معامل مناسبة لإنتاج وتعبئة الماء الصالح للشرب
ولكم في مهام التنوير من جهة ومهام الدفاع عن حق الحياة بتوفير الماء الصالح للاستخدام الآدمي فرص في التداخل وفي تفعيل حراك مجتمعي يرتقي لمستوى المسؤولية ويتصدى حتما لمناهج التعامل السلبية الخطيرة لأطراف رسمية وغير رسمية..
المقال الثاني
احتفالية تسعة عقود من مسيرة العطاء الصحافي التنويري تتوج بمنجز مدرستها العريقة
— ألواح سومرية معاصرة
تحتفل الصحافة الشيوعية واليسار العراقي وقوى التنوير والديموقراطية بعيدها التسعين احتفالا كرنفاليا مشهودا بعمقه الشعبي وصلاته المباشرة بجماهير القارئات والقراء واليوم نجد أن الاحتفال يجسد إيقونة شعلتها في قمم جبال الوطن وتحديات الحركة التنويرية وواسع من يكنّ لها عميق الاحترام والامتثال لمبادئ التحرر والانعتاق نجد الاحتفال بنجم هاد في سماء الوطن والناس إنه نجم تلك الصحافة المعطاء للقضية بلا حدود وبرائع تكسير القيود والأغلال والأصفاد وإزاحة ظلمة يتستر بها نفر لتنجلي الأجواء بأعين الناس ويمضون بحيوات بهية مؤنسنة في وطن حر وشعب سعيد
صحافة اليسار في العراق منصة للفقراء والمهمشين واحتفال بمسيرتهم، إنها منصة العيد الشعبي الأبهى
تيسير عبدالجبار الآلوسي
مذ أول انطلاق الصحافة كانت أداة للتعبير عما يجول في بيئة اليوم العادي وتفاصيله. حتى صارت تنقسم بين صحافة تتبنى هموم الإنسان وأخرى معنية بمشاغلته بقشور وشكلانيات هي جزئية من نهج استغلاله والتعبير عمن يستغله لمآربه الخاصة. فأما تلك التي عبَّرت عن الإنسان وما يجابهه من صراعات بمختلف أشكالها الاستغلالية وعنف محاولاتها في مصادرة الحقوق والحريات؛ فإنها لم تكن إلا صحافة اليسار بوصفها المنصة التي تمتلك المصداقية والسلامة المهنية عبر تمسكها بمبادئ وجود الصحافة ومغازيها ونزاهة الاشتغال والتعبير عن الإنسان..
إن تلكم الصلات الوطيدة وتبني صحافة اليسار للإنسان المسحوق وتحديها أدوات استغلاله، أوجدت مناخا احتفاليا وطقسيا بين جمهور الناس من الأغلبية بخاصة هنا من الطبقات الفقيرة التي تمت مصادرة خيراتها وجاء هذا ليتحول بطقوس اليوم العادي إلى فضاء جذبت فيه تلك الصحافة جمهورها الواسع نحو القراءة والثقافة ومنطق الكشف عن المستور والمخفي بقصد عن أعين الكادحات والكادحين.. وطبعا كان هذا انتقالا إلى فضاء ربط بين طقسيات العيش من جهة ومنطق العقل الذي يمكنه أن يحقق الآمال والتطلعات وصحافة اليسار لا تأتي بالأمور الجاهزة بما يلفق الحلول بل تأتي ومعها إعمال التفكير واستثمار العقل ومعارفه العلمية للتوصل إلى الحل..
هذا الأساس هو ما وفَّر فرصة التوجه لخيار عيد الصحافة اليسارية في العراق والعالم ومعروف نموذج عيد الإنسانية (اللومانيتيه) في باريس الذي يؤمه ملايين الزوار في أيامه الثلاثة ويحتفلون بالعيد ليس مجرد طقسيات عابرة بل في منجز نوعي يهتم بمنجز العقل وسلامة النهج في التعاطي مع تفاصيل مجريات الصراعات كافة..
وإذا كان مهرجان اللومانيتيه السنوي بحجمه الكبير وعلامته المشهودة قد تضامن على سبيل المثال مع قضايا شرق أوسطية عربية كما القضية الفلسطينية وكما قضايا المرأة والعدالة الاجتماعية وغيرها من أمور فإن صحافة اليسار العراقي أولى بأن تحتضن احتفالياتها وهي الأعرق بين الصحف الصادرة في العراق ومازالت تصدر حية مقروءة تتلقفها أيادي الجماهير وتطالعها الأبصار والبصائر بنهم وشوق..
ومذ كنت من بين دعاة إقامة مهرجان صحافة اليسار بوصفها صحافة حية محبوبة مقروءة ومازالت تعبر بمبدئية ونزاهة وسلامة مهنية وحتى إقامة احتفالياتها السنوية أكدتُ وأؤكد اليوم على تقديم الاحتفالية بالطريقة الأنسب وأوضاع الناس ومستهدفاتهم ووسائل عيشهم وتفاصيل اليوم العادي لكل منهم.. ولعل قراءة استطلاعات الرأي في أثناء الدورات السنوية يظل نهجا للكشف عن مطالب الجمهور الواسع لمرتادي مهرجان صحافة اليسار وعيدها الذي لا يقف عند أعتاب الشأن الصحفي حصريا بل يمتد لخلق منصة الفرح والمسرة انتصارا للأنسنة مرة ولقيم الأسمى في مرات أخرى بما يتيح للمشاركات والمشاركين التعبير عما يجول في الصدور والأذهان من أحلام وتطلعات مما لم يتمكنوا يوما من البوح به في كنف مناسبات أخرى..
ها هي أعياد الصحافة اليسارية في العراق تجمع الصحافة العراقية بعامة في ميادينها وهي تضم مبدعات ومبدعين بمختلف ضروب الفنون والآداب والصناعات الشعبية والتراث وإبراز مسابقات ثقافية وأخرى جماهيرية وتلك المعنية بالطفل والمرأة والعائلة وتعزيز التماسك الاجتماعي واستعادة تلك العلاقات الحية بين أبناء البلد وخلق فضاء للتسامح والإخاء وفرص إبداع وإنجاز وتعبير مفتوحة الأفق..
إن هيد الصحافة اليسارية وفي الجوهر الصحافة الشيوعية التي أشرت الانطلاقة الأولى بولادة أول صحيفة يسارية في نعاية تموز 1935 أي قبل تسعين عاما أو تسعة عقود من الشدائد والمطاردة والمقاصل لكنها ماتزال تواصل الدرب ومسيرة تحتفل بقرائها مثلما محرراتها ومحرريها من المكافحين للتعبير عن قضايا الناس والوطن..
إذن العيد في نسخته هذا العام يجدد اللقاء بجمهوره ليس بكون الصحافة تحتفل وتنظم المهرجان بل بكون الجمهور هو بالتحديد من يحتفل ويتمسك بأسس التنظيم والاحتفال برائع منجز كاتبات الصحافة اليسارية وكتّابه ممن يضحي بالغالي والنفيس ليقدم الأنجح والأنجع في عرض رسائل الشعب وأحلامه وتطلعاته بسلامة ودقة وموضوعية.. أن حجم الجمهور الكبير يؤكد طابع العيد كونه عيدا شعبيا وروحانية تنتمي للناس للبسطاء للفقراء للمتطلعين للتحرر والانعتاق والقابضين على الجمر ليبرهنوا أن عيدا شعبيا بهذا الحجم إنما ينمو ويكبر مع كل عام ليأتي بحركة جماهيرية للفرح والمسرة وصنع أفضل تعبير عن القيم الروحية والأخلاقية الأسمى للناس للشعب ولحراكهم الذي يجمع بين القيمي العاطفي الانفعالي وجمالياته الروحية وبين العقل ونهجه وأساليبه الموضوعية..
هذا هو العيد الذي يستدعي في ممارساته وقيمه أعياد الحضارة السومرية التي كانت تعبيرا عن قيم العمل والإنتاج مثلما عن القيم الروحية لمثل تلك المنجزات للتمدن والتحضر وتهذيب الإنسان وسلوكه وقيمه. إنها تستدعي تاريخنا في رفض السكونية والجمود والتكلس وولوج الحيوية إذ البركة بالحركة وفتح آفاق جديد المعاني باحتفالاتنا التي لا تبكي الأطلال ولكنها تسمو بمنح الحيوية فعليا وجودها عبر منطق الفرح والمسرة..
فليفرح الشعب بصحافته التي عبرت عنه لكن أيضا بعيده الذي يحتفل بها بوصفه عيدا للفرح ومناسبة للمسرة ممتلئة بالمعاني والقيم والخصال الأسمى والأرقى..
مباركة أيام الاحتفالية والعيد ومباركة أنشطة العيد بكل تفاصيلها الجمالية والمضمونية.. مباركة ملتقيات أوسع جمهور بعيد يجمع أعياد الوطن والناس ليضعها بمنصة الاحتفال وبك، وبكم معا وسويا يكون الاحتفال بعيد صحافة اليسار بوصفه ثقافة تنوير الأفئدة والعقول، ثقافة جديدة وطريقا للشعب يمضي بمحمولات أعياده تلك المحمولات الفلسفية الفكرية منها والجمالية العاطفية الروحية أيضا..
وكل عام ومثقفينا بثقافة النخبة والجهد العقلي العلمي الأكاديمي وبثقافة شعبية تنتمي لسلوك الناس وقيمهم وأداءاتهم وهي ببساطتها الأعمق في تقديم السهل الممتنع والبسيط بالتركيبة الأعمق والأروع لمعاني العيد والاحتفال..
ونلتقي معا في رأس تموز البابلي أو ديموزي السومري مجددين العهد بتحويل مسيرة زمننا لأعياد فرح ومسرة بلى نلتقيكم جموعا بهية تعبر عن هويتها وقيمها ومبادئها وسمو تطلعاتها وتمسكها بعيد هو عيدها.. وجائزتكم أنتن وأنتم جمهور المهرجان العيد هي الجائزة الأعلى والأبهى والأسمى
بتموز الأعياد الخالدة منذ سومر مرورا بيومنا يليق الافتخار والبهاء عيدكم الأسعد والأبهى