لا يجد البحث العلمي الرصين بحياديته وموضوعيته عرقا نقيا منفصلا بلا اشتراك مع الأعراق البشرية المتعددة؛ والأمور تتعقد بقدر تعلق الأمر بمكونات شعوب الدول التي رسمت حدودها بعد الحرب الكونية الثانية وفي ضوء قراءة التاريخ وجغرافيا التحولات الديموغرافية المعاصرة والخريطة الأوتوسومية التي تكشف العلائق وتنفي علوية عرق مفترض نقائه بوقت لا يوجد مثل ذاك العرق حيث حال الاندماج والاشتراك بتلك الصفات الأوتوسومية..

إن المفروض قسرا و\أو كرهاً من سلطة أو قيم ومنظومتها قد لا يتفق والتركيبة السكانية.. ولعل الوضع العراقي هو أحد تلك الحالات كونه يضم تنوعاً ثرا غنيا وكبيرا عميقا في بنيته إلا أنه مازال يحمل ثقافة ماضوية تُصادر الآخر وتقمعه وتواصل العيش بمنطق الشوفينية من جهة والتمييز العنصري من جهة أخرى ما يقف بوجه التعددية بجوهرها الإنساني وجودياً وبإقرار العلم الحديث عند تعلق الأمر بالأوتوسومية..

العراق كما يطرح أنصار الخطاب الاستعلائي هو وجود عربي مسلم واليوم حصريا بـ(طائفة) بعينها حاكمة متحكمة؛ ما يستبعد قسما شريكا من المسلمين مثلما يستبعد قوميات  ومثلما يتعارض وحقيقة تكوينه الأوتوسومي.. لكن تلك النخبة وشوفينيتها تواصل ارتكاب الجرائم القهرية المستبدة القائمة على التمييز ومصادرة الحقوق والحريات بما يضارع الاستعباد في بعض مستوياته...

وبخلاف التركيبة التي تؤكدها الدراسات الجينية حيث العراقيين ينحدرون من أقوام بدأت مع الفراتيين والميديين والآشوريين وأيضا مع السومريين والجزريين أو ما يسمونهم الساميين إذ تلاحظ الدراسات الجينية أن أكثر من 50% من صفات تلك الأقوام التي يدعون انقراضها أو عدم وجودها، تبقى موجودة يمكن التعرف إليها بفحص ورثتها من الأجيال المعاصرة.. وطبعا يمكننا أن نذكر أن بعض تلك السلالات مازالت تحيا بذات هويتها التاريخية ونحن نعيش معها حيث يحيا إلى جانب العرب كل من الكورد بنسبة قد تتجاوز الـ 15% مع كل من الآشوريين الكلدان السريان والتركمان والصابِئَة المَنْدَائِيين والأرمن والشركس والشبك والإيزيديين، والغجر الكاولية، بمختلف الاعتقادات الدينية والمذهبية التي يؤمنون بها..

وبمناسبة اليوم الدولي للسكان الأصليين لابد من تسليط الضوء على عديد العقبات المختلقة بوجه حقوقهم وحرياتهم إذ على الرغم من متغيرات نوعية في دستور 2005 ومن إقرار المواثيق الدولية إلا أن السلطة وأحزابها ما زالت تنسب البلاد والعباد إليها ملكية خاصة بمسمى حصري يخصها ومن ثمَّ فهي لا تعترف بحق تقرير المصير لتلك المجموعات السكانية وتوجهها لتحديد وضعها السياسي بحرية، والنخب الحاكمة اليوم تقف عقبة كأداء بوجه السعي لتحقيق تنمية اقتصا اجتماعية و\أو ثقافية للشعوب الأصلية التي مر ذكر بعضها وهو ما يتعارض والاعتراف بكينونة البلاد ونسبتها لأهلها من السكان الأصليين أو على أقل تقدير منحهم حقوق بمبدأ المساواة وليس الوضع بمنطقة ثانوية المستوى أو تهميشهم ومصادرتهم كليا.. 

ونحن ندرك عند الاطلاع على الإعلان العالمي المخصوص للسكان الأصليين بحجمهم المهم بأكثر من 6% من سكان العالم وهم ببعض البلدان كما في العراق ترتفع النسبة لتصل أكثر من ربع السكان مازالت تحمل الهية الأصل بجانب كون من يسمون أنفسهم أغلبية هم يحملون 50% من السمات الأوتوسومية المشتركة للأصل العراقي؛ وعليه فإن السكان الأصليين يمتلكون حق تقرير المصير على سبيل المثال أن يكونوا مشمولين بالاستقلال الذاتي بصيغه المعروفة في البنى السياسية للنُظُم وتحديداً بالاستقلال فيما يخص الشؤون الداخلية والمحلية ولكننا لا نجد قبولا فكريا بخاصة عند النخب الحاكمة باسم الأغلبية وهي تسوس بطريقة مصادرة وإلغاء الحق في البنى الفيديرالية أو الأقاليم ذاتية الحكم والأداء.. إلى جانب ذلك يُفترض ممارسة الحقوق الثقافية التي يحميها إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية من لغات وتقاليد وممارسات ثقافية، مع مشاركة الإرادة الأممية بحتمية أو ضرورة إحياء تلك الشؤون المهمة وتنميتها والعمل على نقلها إلى الأجيال الجديدة التالية إنما لم نجد الموقف من اللغة يأخذ لا مساره على وفق الدستور ولا تلبيته على وفق القوانين والمواثيق الدولية.

فلقد عبثت أطراف السلطة بقضية اللغة وباتت تتحرش بها على طريقتها في التعرض بوساطة بالونات الاختبار وكذلك التدرج في التراجعات حتى تصل حد المصادرة الكلية وهو ما فعلته وزارة التعليم بقرارها الذي اضطرت لتجميده وليس إلغائه أي أنها لم تتراجع عن قرارها بإجراء الامتحانات بلغة واحدة وما زالت تتحين الفرص لتمريره وشيئا فشيئا نصل لمنطقة تتسع ميادين ممارساتها الخطيرة.. إن لغات الكورد والتركمان والآشوريين الكلدان السريان والصابئة وغيرهم حق أساس لمجموعاتهم القومية اللغوية وطبعا يستتبع ذلك مجمل الطقوس والعادات والتقاليد التي تريد تلك الشعوب الأصلية الاحتفاظ بها وتنميتها..

إن حركة التغيير الديموغرافي ومصادرة الأراضي والاستيلاء على العقارات والأعيان وتغييرها نوعيا تتأتى بالمخالفة الصريحة مع كون لأراضي والأقاليم والموارد بجغرافيتها المحددة تبقى حقا ثابتا لا يمكن التجاوز عليه أو انتهاك حدوده..  إذ يعترف الإعلان العالمي المخصوص ووثائق أممية بحقوق الشعوب الأصلية في أراضيها وأقاليمها ومواردها التقليدية، فضلا عن حقها في المشاركة في القرارات المتعلقة بإدارتها والتحكم بثرواتها الطبيعية بصورة يقينية تامة.

وفي ضوء إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية ينبغي لتلك الشعوب المشاركة النوعية الكاملة في صنع القرار إذ يدعو إعلان الأمم المتحدة المشار إليه هنا، إلى المشاركة الكاملة والفعالة للشعوب الأصلية في جميع المسائل التي تؤثر عليها وتمس وجودها بأي شكل كان، بما في ذلك عمليات صنع القرار بالمستويات الوطنية في البلاد. لكن بالمناسبة نجد الوضع في العراق على المستوى السياسي لا يطبق استكمال الهيأة التشريعية ومازال يكرر في كل انتخابات التركيز الحصري على مجلس نواب أحزاب السلطة فيما بقي حتى اليوم مجلس الاتحاد أو مجلس الشيوخ أو الغرفة الأولى مبعدا كونه معني بتمثيل التنوع الوطني وممارسة سلطاتها بمبدأ المساواة التامة الكاملة.. ومجتمعيا لا مجال بمؤسسة أيا كانت لتكون لتلك المجموعات القومية والإثنية العرقية أي صلاحية إذ الصلاحيات حتى بشؤونهم الخاصة مسحوبة مصادرة لدرجة أن سلطة تنفيذية غيرت على سبيل المثال غبطة البطرك ساكو بقرار تنفيذي يتدخل بشؤون الكنيسة ذاتها بصورة لم تكن تلتزم بتوصيات أممية بتلك الحقوق..

أما مبادئ المساواة وعدم التمييز التي يحظر الإعلان المشار إليه أشكال التمييز ضد الشعوب الأصلية، ويؤكد حقها في المساواة وعدم التمييز فلطالما شهدنا الانتهاكات الفجة الفظة بمبررات لها أول ولكن ليس لها آخر أو ميناء ترسو عنده لتمنح بعض حق لتلك المكونات..

إن إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية يتمتع بثقل كبير كبيان للمعايير والتطلعات الدولية ومن ثمّ يشكل فكريا قانونيا وثيقة للتنفيذ والالتزام وبما يؤكد احترام التعددية والتنوع ويمنح الآخر حقوقا متساوية بلا تمييز أو منظور شوفيني استعلائي يصادر حقا أو حرية كما نشهده فعليا سواء في العراق أم ببلدان لها نهدها المستند لموروثات متخلفة، تتشوه فيها التشريعات والسياسات الوطنية ومناهجها بخلاف ما تقوم به دول متحضرة متمدنة تلتزم منطقا علمانيا ديموقراطيا وحراكا تنويريا إنسانيا يقوم على مبادئ التحرر والأنسنة ومبادئ المساواة وحظر التمييز بأشكاله وتضمنه في قوانينها وتشريعاتها..

ولابد من التذكير هنا بـ(السياق الكندي) في اعتماد إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية، ووضع خطط العمل الأنجع والأنسب لتنفيذ مبادئ الإعلان.

ومن هنا فإنَّ مبادرات نوعية، يقودها السكان الأصليون تتعالى أصواتها واستقبالها الأممي بقصد دعم إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية ( United Nations Declaration on the Rights of Indigenous Peoples/UNDRIP )  وأولها المبادرة من أجل تقرير المصير والحوكمة وحماية الحقوق والعمل بمبادئ المساواة وعدم التمييز..

فهل سنشهد عراقيا إدراكا فكريا سياسيا وثقافيا نوعيا وجوديا لمعطيات الإعلان للاعتراف بحقوق الإنسان للشعوب الأصلية وباحترامها وحمايتها؟ أم أننا سنعاني ردحا آخر من الزمن في معايشة انتهاكات خطيرة جعلت من عالمنا وبلداننا تحيا بعيدا عن العدل والإنصاف وبعيدا عن قيم الأنسنة السامية وعميقا في تجاوزات ترفض الطابع المتنوع التعددي أوتوسوميا!!؟

ملاحظات إضافية:

تتعرض ثقافة الشعوب الأصلية ولغاتها وتقاليدها وقيمها لانتهاكات وجودية تكاد تلغيها وتدفعها للانقراض، لكن تلك الشعوب مازالت حية تقاوم من أجل تقرير المصير واستعادة إحياء اللغة والثقافة ومنظوماتها كافة..عراقيا يتمترس الجميع من محبي العدل والمساواة في خندق التحرر والانعتاق لإنهاء كل (أشكال التضليل ومحاولات المصادرة والإلغاء وإشاعة خطابات التمييز العنصرية الشوفينية)

اليونسكو: اليوم الدولي للشعوب الأصلية في العالم

https://www.unesco.org/ar/international-day-worlds-indigenous-peoples

ملاحظات لابد منها لتجنب (المواقف المسبقة بتأويلاتها المشوهة) في قراءة مقاصد هذه المعالجة ومناسبتها

القضية القومية وقضاياي الشعوب الأصلية بكل مكونات السكان الأصليين ليست من القضايا العابرة أو التكتيكية المرحلية ولكنها من الضقايا الوجودية إنسانيا حيث أنها بوقت تتحدث عن السكان الأصليين تتحدث عن الأغلبيات الحاكمة اليوم وعن ظروفهم جوهريا فعليا إذ لا توجد أمة أو شعب أو أغلبية سكانية تستعبد أو تصادر حق شعب آخر ويمكن الحديث عن أوضاع سوية لها أو أنها تمتلك حريتها.. إن استعباد الآخر أو وضعه مقيدا بظل تحكم وتهميش ومصادرة للحقوق يقيد أولا  ادعاء أن تلك السياسة ونهجها وفلسفتها تمثل الأغلبية إنها عملية التخلي عن حرية الأغلبية لصالح نخبة تتحكم في الأداء بما يمارس بل يرتكب الاستعباد أو بأدنى حال المصادرة والتهميش.. ومن هنا فإن الخشية أو مواقف الصد والاعتراض من أناس ينتمون للأغلبيايت هي مواقف مسبقة تشير إلى تفشي ؤية النخب المتحكمة المستبدة التي شوهت بأضاليلها حال التنوع والتعددية وجعلت من الاقتراب منه مركونا بمنطقة الاستعداء واختلاق أسباب الرفض لأيةي محاولة في الحديث حتى عن أبسط الحقوق وأولها استعمال اللغة وممارسة ثقافة ذات هوية إنسانية تنتمي للأصول التاريخية وطبعا أي من الحقوق الاقتصااجتماعية والسياسية والقصد هنا حصر السلطة بنخبة تستغل الأوضاع لمآرب وغايات لا تحترم الآخر ومن ثمّ هي لا تحترم الذات الإنساني وتلغيه.. فلنتنبه ولنقرأ بتمعن أوضاعنا بما نتشارك فيه التعايش السلمي والتكاتف للتركيز على البناء والتنمية وإعلاء الإنسان لا إذلاله أيا كانت انتماءاته القومية العرقية الدينية المذهبية ومن أتباع أي فكر (إ،ساني) سليم يقوم على تبادل اعتراف واحترام والتشارك في وضع أنجع سبل مجابهة قضايانا ومشكلاتنا.. شكرا لكل قارئة أو قارئ تجاوز عقدة مختلقة سموها لنا الآخر المعادي فيما جوهرها الآخر بسماته الأوتوسومية التي تجسد طبيعة وجودنا البيولوجي وانعكاساته الثقافية الفكرية ..

الأمم المتحدة: اليوم الدولي للسكان الأصليين 

اليوم الدولي للسكان الأصليين في العالم 9 آب \ أغسطس

رؤية وقراءة في إحدى قضايا وجودية للسكان الأصليين: فلسطين حرة باقية

لا يجوز إدامة إشعال الحرائق كما عقلية الاقتتال القبلي مما جرى قبل آلاف السنين العجاف قطعا لا يمكن تكرار العقلية القبلية أن هذه أرضي أو تلك حيازتي ومراعي غنمي هناك كثير من الحلول السلمية للتعايش وإعلاء قيم احترام الآخر بمنطق الحق

تعاني أرض فلسطين التاريخية التي كانت ضمت قبل آلاف السنوات والأعوام كل من العبرانيين والكنعانيين وشيدت بحينها على وفق تلك المراحل التاريخية الموغلة في القدم دويلات بمعاني تلك الأزمنة وليس بمعايير زمننا، تعاني من صراع وجودي مفتعل يستند إلى ادعاءات في أغلب الأحيان تقول: إن الآخر غير موجود بالتناقض والتعارض مع الوجود الفعلي له. وتتخذ من تأويل القرارات الأممية ذريعة لا للتخندق خلف سطوتها الوجودية الأحادية بل للتنصل من أية مسؤولية تجاه وجود الآخر وبتلك الذريعة تعلو خطابات التنكر للسكان الأصليين لتلك الجغرافيا ويجري السعي الحثيث بارتكاب الفظاعات والمجازر والجرائم الكبرى من إبادة جماعية أمام مسمع ومرأى العالم وهنا يقع العبء على المهمّش الذي يحمل غصن الزيتون وحمامة سلام رمزا للتعايش مع الآخر ورفضا للحروب المفتعلة ومن هنا فإن حل الدولة أو الدولتين يبقيان من حيث الجوهر سليم الحل والتوجه إذا ما تمسك بحقوق العيش الحر وبالخيارات التي لا تُفرض قسرا وكرها بمعنى وجوب وحتمية احترام الآخر ووجوده من دون أضاليل التشويه التي احتقنت بها الأوضاع وتوترت عبر عقود عصرنا منذ الحرب الكونية الثانية.. إن فلسطين وجود سكاني لا يخضع للإفناء والإبادة الجماعية وتجاريب شتات بعض الشعوب من السكان الأصليين أو انقراضهم لن تتكرر وقد تحررت البشرية من نهج الإبادة وكل أشكال الجرائم الكبرى.. اليوم غزة والضفة إقليمان فلسطينيان فضلا عن حق العودة الثابت ولابد من قرارات أممية شجاعة توقف ما يُرتكب اليوم والأمم المتحدة لديها كثير من القوانين والعهود والمواثيق والإعلانات والوسائل الكفيلة بفرض الإرادة التي تُنهي العدوانية والشوفينية واستبداد القوة المسلحة لتحيا الشعوب وتتعايش بسلام

الأوتوسومية إشارة إلى الكروموسومات غير الجنسية (غير المعنية بتحديد الجنس ذكرا أم أنثى) في الكائنات الحية وبهذه السمات نحدد الأعراق وتداخلها أو حال القرابة  ودرجتها وبهذا العلم وتشخيصه نجد حجم التنوع حتى في العرق الواحد وحجم انتمائه ومسار تاريخه وكينونته..